آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. عدنان منصور
عن الكاتب :
وزير خارجية سابق.

سفينة النفط «اللبنانية»بين منظومة طاغية ومندوبة سامية!


د. عدنان منصور
السفينة اللبنانية المحمّلة بالمحروقات، والتي انطلقت من الشواطئ الإيرانية باتجاه لبنان، تضع الجميع على المحك، وأمام الأمر الواقع الذي لا بدّ منه.
بدأت الثعابين تخرج من أوكارها، لتنفث سمومها يميناً وشمالاً. كلّ المنافقين والعملاء والمرهونين للخارج استنفروا ليصبّوا جامّ حقدهم على من يريد فكّ الحصار الظالم عن لبنان والتخفيف من عذاب وآلام شعبه.
ليقل لنا كلّ المتواطئين، والفاسدين والعملاء، والاحتكاريين للدواء والمازوت، والبنزين، والسلع الغذائية، والسارقين لأموال الناس وغيرها، في السلطة وخارجها، ما الذي فعلتموه للبنانيين الذين يعانون الأمرّين على أيديكم منذ أشهر طويلة، وهم يقفون في طوابير الذلّ التي أردتموها لهم؟! ما الذي فعلتموه لتخفيف معاناة المواطنين القاتلة التي أنتم سببها، جراء فسادكم، وعنادكم، وتواطئكم، ومراوغتكم، وعمالتكم المكشوفة وكذبكم وتخاذلكم.
 لا تريدون النفط الايراني، لأنكم تريدون الذلّ والقهر للشعب، ولأنكم قمة في الانحطاط الأخلاقي، وفاقدو الإحساس والوطنية. قولوا لنا من منعكم من جلب النفط والغاز الى لبنان من أيّ دولة كانت لتلبية حاجات شعبه؟! قولوا لنا ما الذي فعلتموه لتظرفوا صورتكم القبيحة أمام شعبكم وأمام العالم كله؟!
لا تريدون النفط الإيراني، ولو بقي لبنان في العتمة لسنوات، لأنكم أقذر البشر، لا ضمير لكم، ولا إحساس، وأنتم الاحتكاريون اللصوص الذين آخر همّهم مصالح وطن وشعب، وبعد كلّ ذلك تريدون من الشعب أن يعوّل عليكم، وعلى سياساتكم الفاشلة وأدائكم القذر، لا أن يعوّل على النفط الآتي من إيران!
كيف يمكن للبنانيين أن يعوّلوا على زمرة سياسية فاجرة، كي تخرجهم من المستنقع الذي رمتهم فيه، وهناك مندوبة «سامية» تتولى «الإرشادات» والنصائح تلو النصائح، وتتمادى في زجّ أنفها في كلّ صغيرة وكبيرة، وتتدخل بشكل سافر في الشؤون الداخلية اللبنانية! مندوبة تتخذ دولتها القرارات الظالمة، الأحادية الجانب، ثم تفرضها فرضاً على دعاة السيادة والحرية والاستقلال!
لمَ لا، وهي الوصية المتوّجة على البلد، وفي جعبتها، احتياطي كبير من الانتهازيين، والمأجورين، والعملاء، والمنتفعين، الذين يهرولون، ويتنافسون على خدمتها، وعند الضرورة يتولون دورها بالنيابة عنها !
لا نلوم مطلقاً المندوبة «السامية» على ما تقوم به، فهي تعمل لصالح بلدها وسياساته، وخدمة أهدافه واستراتيجياته. لكن نلوم أشباه الرجال، الذين تجرّهم وراءها، وهي التي تعرف مسبقاً معدنهم الحقيقي، ومدى «انتمائهم الوطني» ومن أيّ صنف من البشر هؤلاء! إنها تتعاطى معهم بأسلوبها وبالطريقة الفجة التي يفهمونها، وتعرف نوع الرسن الذي تجرّهم به. فهي تصرّح، تتدخل، تلوم، تطالب، توجه، تعطي دروساً، ومواعظ، وما يتوجب عليهم القيام به، أو الابتعاد عنه. وكلّ ذلك مخالف للأصول، واللياقات، والأعراف والقوانين الدولية، التي تنظم العمل الدبلوماسي وأداء وسلوك أعضائه
لمَ لا تتدخل المندوبة «السامية»، وهي التي باستطاعتها في كلّ وقت ان تتعاطى بحرية كاملة، دون ضوابط، مع «أصدقاء بلدها الأوفياء»، تأمرهم فيطيعون، تملي عليهم الدروس وهم المجتهدون، توجّههم، تستدعيهم وهم المطيعون، وعند الحاجة، توبّخهم، تؤدّبهم، تلومهم، وهم الصامتون! تمقتهم، تحتقرهم في داخلها كاحتقار دولتها لأيّ عميل وهم المغفلون!
 إنهم امتداد لقافلة طويلة من المأجورين والعبيد والعملاء والخونة والمرتزقة في هذا العالم، الذين تعاطت معهم دولتها باللغة التي تعلّموها، وأتقنوها، وفهموها جيداً، وهي لغة العمالة، والذلّ، والانحطاط الأخلاقي، والمال المرتزق!
من يريد أن يعرف حقيقة هؤلاء، فما عليه إلا العودة الى وثائق ويكيليكس، عندها سيتبيّن لنا نوع البضاعة، وقيمة السلعة الحقيقية التي تشتريها وتبيعها دولة المندوبة «السامية»، ونعرف بالتالي، الداخل الى بيت الطاعة، والخارج منه. عندئذ سندرك جيداً لماذا نحن في المستنقع، ولماذا تحاصرنا وتضغط علينا دولة الهيمنة والاستبداد، حتى نرفع الراية البيضاء، ونرضخ لشروطها المذلة، كالتي فرضت على شعوب عديدة مقهورة من قبل ذئاب العصر!
نعم، لا يريد أشباه الرجال، والأقزام في هذا الوطن المعذب بهم، نفط إيران، لأنه سيكشفهم على حقيقتهم، ويكشف وساختهم، وحقدهم الأعمى وفشلهم في تلبية الحدّ الأدنى من مطالب الشعب الحيوية.
 لهؤلاء نقول: عودوا إلى أوكاركم، وابقوا في أحضان عوكركم، فهذه حقيقتكم، فأنتم لا تعرفون طعم الكرامة ولا العزة. ويا ليتكم تطّلعون على ما تكتبه السفارات عنكم التي جعلتكم مطية لها، فأنتم بالنسبة لها لستم الا أذناب مخبرين، مأجورين، وعملاء لا أكثر!
النفط الآتي من إيران كشفكم على حقيقتكم، ونزع ورقة التوت عنكم، فأنتم ما كنتم يوماً إلا أعداء الشعب والوطن على السواء !
قافلة النفط ستسير وتشقّ طريقها، لا تبالي بالأصوات التي ترتفع مع كلّ قافلة. وما صبح باخرة النفط ببعيد!

جريدة البناء اللبنانية

أضيف بتاريخ :2021/08/21

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد