التقارير

#تقرير_خاص : لإعادة ترميم الآثار اليهودية تمهيداً للمطالبة بها والتعويض.. و #السعودية الهدف الأساس … مشروع «ديارنا» الإسرائيلي

 

محمد الفرج...

بعيداً عن الضوء وبصورة حثيثة، تشتغل القنوات والمنظمات الصهيونية على مشروع أطلقت عليه تسمية «ديارنا»، يحمل في ظاهره أبعاداً ثقافية تهدف وفقاً لما يجري الترويج له إلى «المحافظة على التراث اليهودي في الدول العربية»، لكن الغوص في التفاصيل المرافقة تكشف عن أبعاد سياسية خطرة تصب في مجملها بمصلحة خدمة وشرعنة الوجود الإسرائيلي وفق الصيغة المغتصبة للحقوق والأراضي، واختراق المجتمعات العربية عبر لبوس ثقافي وتاريخي هذه المرة.

ما هو مشروع «ديارنا»

«ديارنا» هي منظمة غير ربحية مقرها في الولايات المتحدة، تأسست عام 2008 من قبل المدير التنفيذي لاتحاد «السفارديم» الأميركي جيسون غوبرمان، وتقول إنها تهدف للمحافظة على التراث اليهودي في الدول العربية.

لكن بعد عام من تأسيسها، تم ترشيح هذه المنظمة لصندوق ما يسمى «سلينغشات»، الذي يعترف سنوياً بأهم 50 مشروعاً يهودياً في أميركا الشمالية.

المنظمة ووفقاً لما تعرف فيه عن نفسها تقول إنها «تعمل من أجل الحفاظ رقمياً على البقايا المادية للتاريخ اليهودي في جميع أنحاء المنطقة، وهي في سباق مع الزمن لالتقاط بيانات الموقع وتسجيل التاريخ الشفوي القائم على المكان قبل أن تضيع ذكريات هذه المجتمعات، وتستعين بالتكنولوجيا لرسم الخرائط الرقمية، والمنح الدراسية التقليدية، والبحث الميداني، إضافة إلى مجموعة من وثائق الوسائط المتعددة، لننشئ حضوراً افتراضياً وتضمن الوصول غير المقيد إلى المواقع اليهودية حتى لا يتم نسيانها أو محوها» وفقاً لادعاءاتها.

تبلغ ميزانية المنظمة السنوية نحو 100.000 دولار وفق المعلن، على الرغم من أن أغلب فريقها تطوعي، ولكن المثير للفضول بشكل كبير هو أن معظم المتطوعين الميدانيين في المنظمة هم من غير اليهود، وقد قام الفريق في عام 2017 بإجراء أكثر من 330 مقابلة في عدد من المناطق العربية.

النشاطات المعلنة وغير المعلنة للمشروع

في عام 2010، بدأت منظمة «ديارنا» باستخدام أحدث تقنيات رسم الخرائط الرقمية ثلاثية الأبعاد إلى جانب الدراسات التقليدية والمقابلات الشفوية لتوثيق أكثر من 2500 موقع يهودي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والعديد من المواقع الموجودة في المغرب، والعراق، والجزائر، واليمن، وتونس، وسورية والسعودية، وقامت بتجهيز رسومات ثلاثية لهذه المواقع.

ويكشف مؤسس المنظمة غوبرمان بعد عودته من رحلة له إلى منطقة الشرق الأوسط في عام 2018، وخلال مقابلة مطولة أجراها معه الصحفي المتخصص بشؤون الشرق الأوسط لاري لوكسنر من داخل إسرائيل، بأن المشروع يملك فريقاً من المتطوعين والكثير من الباحثين على الأرض هدفهم تحديد المواقع والمعابد والمدارس والمقابر اليهودية.

لكن الهدف غير المعلن لتحركات هذه المنظمة هو المطالبة لاحقاً بترميم هذه المواقع وهو ما جرى العمل به بالفعل في كل من مصر والمغرب، ومن ثم المطالبة بهذه المواقع لاحقاً، وأخيراً المطالبة بالتعويض لليهود، وهذا التحرك بدأ بالفعل وفقاً لما كشفته الصحافة الإسرائيلية التي قالت بأن كيان الاحتلال يستعد لمطالبة 7 دول عربية ومعهم إيران بمبالغ إجمالية قدرها 250 مليار دولار، تعويضا عن ممتلكات اليهود واستعادة مئات الآلاف من اليهود لممتلكاتهم، من دون أن ننسى ما جرى في عام 2008 عندما أقر الكونغرس الأميركي مشروع قانون يعترف بمصطلح «اللاجئين اليهود»، ويعتبر هذا القانون اليهود الذين تركوا الدول العربية لاجئين، كما ويطالب الإدارة الأميركية بوضع ذلك الاعتراف في كل قرار دولي يتحدث عن حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين!

السعودية الهدف الأساس للتحركات

يمكن من خلال متابعة تحركات المنظمة والتشبيك الذي تقوم به على الأرض ولاسيما مع أمين عام رابطة العالم الإسلامي محمد بن عبد الكريم العيسى، الإدراك بسهولة بأن هناك تركيزاً خاصاً على مناطق معينة في السعودية، وهذا ما تحدث عنه علانية غوبرمان عندما قال: «إنّ دول الخليج العربي لديها بقايا قليلة متناثرة من الجاليات اليهودية القديمة، على حين البحرين والكويت وعُمان بها مقابر يهودية قديمة، كما أن إمارة رأس الخيمة في الإمارات يوجد بها شاهد قبر يهودي منفرد ربما يكون لتاجر متنقل مثل معظم اليهود الذين يصلون إلى دبي اليوم، على حين تُعّد السعودية موطناً لمواقع يهودية سبقت ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي، وكان هناك مجتمع يهودي غني وثري في المملكة العربية السعودية في زمن النبي محمد (ص)، وهذه المواقع، يتم الحفاظ عليها الآن من الحكومة السعودية»!

ويبدو أن تصريحات غوبرمان لم تبن عن عبث حيث استضافت المنظمة اليهودية الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد بن عبد الكريم العيسى، الذي مدح القائمين على المشروع وخص بالشكر غوبرمان على قيامه بتقديم هذا المشروع في وقته وأوانه، كما بارك العيسى هذا المجهود وشكر اليهود الشرقيين على جهودهم في الحفاظ عليها وتوثيق هذه الأماكن للأجيال القادمة.

وبينما استضافت قناة MBC السعودية غوبرمان في أحد برامجها، خصصت مجلة رابطة العالم الإسلامي في نسختها الإنكليزية وضمن العدد 54- شرحاً مفصلاً عن مشروع «ديارنا» الصهيوني.

وذهب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي بعيداً في اقتراحاته وطالب خلال مقابلة له مع قناة «فوكس نيوز» الأميركية، بإحضار قافلة «سلام» مؤلفة من ممثلين يهود ومسيحيين ومسلمين إلى القدس!

ما المناطق السعودية المستهدفة

يستهدف المشروع وفقاً للخرائط المسربة كلاً من جزيرة تيران التي اعتبرتها مصر في عام 2016 وبقرار رئاسي بأن تبعيتها سعودية، كذلك يستهدف المشروع جبل ووادي اليهود في خيبر، وقصر الصموأل في تيماء، ومقبرة البقيع في المدينة المنورة (حوش كوكب)، وحصن كعب بن الأشرف في المدينة، إضافة إلى منطقة السيح في المدينة، ومدينة أبو عربش في جازان، ومدينة نجران جنوباً.

المكافأة الدولية حاضرة

ونتيجة لعمله الاستثنائي منحت لجنة جائزة «باني الجسور» النرويجية الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد بن عبد الكريم العيسى، جائزتها العالمية لعام 2021، وقالت لجنة الجائزة من مقرها في أوسلو بأن العيسى قام بعملٍ «استثنائيّ» في تجسير العلاقة بين أتباع الأديان والحضارات بإسهامٍ رائع وملموس، بوصفه قوة عالمية رائدة للسلام والوئام بين الأمم والأديان، ومكافحة الأيديولوجيات التي وصفتها بالمتطرفة.

وتسلم العيسى جائزته في احتفاء استضافته قاعة الأوبرا في العاصمة النرويجية، إلى جانب مجلس الكنائس العالمي في جنيف، والحاخام ميغيل مالكير، وسط حضور كبير من قيادات سياسية وأممية وبرلمانية عالمية، ورؤساء كبرى المنظمات العالمية.

أميركا ستحاسب من ينزع الشرعية عن إسرائيل

وفي سياق كل هذه التحركات بدا المغرب في صدارة السائرين في هذا المشروع الإسرائيلي الخطر، حيث كشفت صحيفة «جورزاليم بوست» الإسرائيلية، عن توقيع اتفاق بين جمعية ميمونة المغربية غير الحكومية، ومكتب وزارة الخارجية الأميركية لمراقبة ومكافحة ما سمته معاداة السامية، والتصدي لكل أشكال التعصب والتمييز الأخرى، أو «تجريد إسرائيل من شرعيتها».

وقالت الصحيفة إن هذا الاتفاق، ليس تكريساً فقط لتكريم الماضي اليهودي في المغرب، ولكن أيضاً لخلق مستقبل من الوئام والتسامح لجميع الأجيال القادمة.

وقالت نائبة مبعوث وزارة الخارجية الأميركية المبعوث الخاص لمكافحة معاداة السامية، إيلي كوهانيم، إن جذور من أطلقت عليهم تسمية «الجالية اليهودية» المغربية تعود إلى العصور القديمة، وبفضل قيادة الملك محمد السادس، نشهد تدريس التراث اليهودي المغربي في عدد من المدارس.

ولفتت كوهانيم، إلى أنه تم بناء مركز في الصويرة بقيمة 1.5 مليون دولار مخصص للثقافة اليهودية، والآن مع توقيع اتفاقية مذكرة التفاهم الخاصة هذه، يمكن خلق مستقبل من الانسجام والتسامح لجميع الأجيال القادمة!

أضيف بتاريخ :2022/01/13

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد