التقارير

#تقرير_خاص : هل يخطو ابن سلمان الخطوة الحمقاء؟

محمد الفرج...

يُعتقد أن زيارة الرئيس الصيني "شي جين بينج" إلى الرياض تتويج للتحالفات الاستراتيجية الجديدة التي بدأها ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان"، وبينما كانت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تزدهر منذ عدة سنوات، يعتقد ولي العهد أن الوقت قد حان للانخراط مع الصين على أعلى مستوى سياسي.

ومن الواضح أن الانخراط السعودي مع الصين أو روسيا يُفسر دائماً على أنه ابتعاد عن واشنطن، ولم تكن العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة في أفضل حالاتها خلال العام الجاري؛ حيث رأت الرياض أن واشنطن تنسحب من المنطقة دون أي خطط مستقبلية لتعزيز نفوذها، كما فشلت مؤخراً في حماية حقول النفط السعودية، لكن واشنطن ما تزال تتوقع من شركائها في المنطقة أن يحققوا رغباتها.

ورفضت السعودية زيادة إنتاجها من النفط بعد أن طلبت منها الولايات المتحدة أن تفعل ذلك لتخفيف أزمة الطاقة العالمية، ومع ذلك، تم منح بن سلمان" حصانة في المحاكم الأمريكية بشكل يضمن عدم محاكمته بتهمة قتل الصحفي "جمال خاشقجي" أو جرائم أخرى. 

وبعد زيارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" إلى الرياض في يوليو/تموز الماضي، بالإضافة إلى الحصانة، شعر "بن سلمان" بالقوة والتمكين.

وفي الوقت الحالي، يبدو أن العالم لا يستطيع تحمل عبء معاداة "بن سلمان" مع امتلاكه لموارد النفط المهمة في هذا الوقت الحساس، وعلى هذا النحو، يمكن لـ"ابن سلمان" أن يثبت لجماهيره في الداخل أنه طرف فاعل مستقل يمسك بزمام الأمور ويحرس السيادة السعودية ضد أوامر واشنطن.

ودائماً ما يروق للجماهير المؤيدة الظهور بمظهر التحدي، ما يجعل القادة القوميين يبدون أقوياء في نظر أتباعهم، ويبدو "بن سلمان" حالياً قائدا استراتيجيا يتطلع إلى تنويع تحالفاته استجابةً للمناخ السياسي الحالي بينما يحرس استقلال أمته.

لكن بنفس الوقت، يرفض ولي العهد السعودي التخلي عن الاقتصاد تماماً ويرفض أن يسمح للقطاع الخاص السعودي الضعيف بأخذ المبادرة ونيل الفضل على أي نمو.

وعموماً، تستمر السعودية في الاعتماد على الولايات المتحدة للحصول على الحماية، ولا يمكن للصين ولا روسيا أن تلعب هذا الدور.

إذ تتردد الصين في الانجرار لأي صراع عسكري خارج حدودها ومن غير المرجح أن تستعجل للدفاع عن المملكة ضد أي هجمات، كما يبدو أن روسيا عالقة في حرب استنزاف في أوكرانيا.

وإذا استمر ولي العهد السعودي في مغازلة الصين على حساب العلاقات مع الولايات المتحدة، فقد ينتهي به المطاف بتسريع انفكاك الولايات المتحدة عن المنطقة، خاصة عن بلاده.

ويمكن لـ"بن سلمان" أن يكون جريئاً كما يريد، وبقدر ما تسمح له آلة الدعاية الخاصة به، ولكن الاعتقاد بأنه -على المدى القصير- يمكنه استبدال الصين بالولايات المتحدة ليس فقط غير واقعي ولكنه أحمق أيضاً.

وطالما أن قدرات السعودية العسكرية ليست ضعيفة فحسب، بل تعتمد أيضاً على الولايات المتحدة، فسيتعين عليه أن يقبل بقاء انخراط الصين مع شبه الجزيرة العربية اقتصادياً وتكنولوجياً فحسب.

أضيف بتاريخ :2022/12/21

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد