التقارير

#تقرير_خاص: كرة القدم وغسيل السمعة: هل تنجح السعودية في تغيير صورتها؟

علي الزنادي

تسعى المملكة العربية السعودية جاهدة إلى تحسين صورتها العالمية من خلال استثمارات ضخمة في مجال الرياضة، وخاصة كرة القدم. في هذا السياق، تبرز العروض المغرية التي تقدم للاعبين مثل غابرييل مارتينيلي، والتي تصل قيمتها إلى 100 مليون جنيه إسترليني. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يمكن لهذه الاستثمارات أن تغير فعلاً من صورة المملكة، أم أنها مجرد محاولة فاشلة لغسيل السمعة؟

تعتبر رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بمثابة خارطة طريق لتحويل الاقتصاد السعودي وتنويع مصادر الدخل. ومع ذلك، فإن التركيز على الرياضة كوسيلة لتحسين الصورة الدولية يثير العديد من التساؤلات حول نوايا الحكومة وأهدافها الحقيقية.

على الرغم من الأموال الطائلة التي تُضخ في الأندية الرياضية، إلا أن هناك تقارير تشير إلى عدم رضا بعض اللاعبين عن تجربتهم في الدوري السعودي. إيمريك لابورت، الذي انتقل إلى النصر، هو مثال حي على ذلك حيث اشتكى من عدم الوفاء بالوعود المتعلقة بجدول المباريات والرواتب. هذه الشكاوى تعكس واقعًا قد يكون بعيدًا عن الصورة الوردية التي تحاول الحكومة تسويقها.

من جهة أخرى، تشير التقارير الحقوقية إلى أن الديون المتراكمة على الأندية الأوروبية تجعلها عرضة للضغوطات المالية، مما يسهل على السعودية استخدام هذه الأندية كأداة للدعاية. هذا الأمر يعكس كيف يمكن للمال أن يؤثر على القيم والمبادئ الأساسية للرياضة.

إن استخدام الرياضة كوسيلة لغسيل السمعة ليس بالأمر الجديد؛ فقد شهدنا تجارب مشابهة في دول أخرى. ولكن ما يميز الحالة السعودية هو حجم الاستثمارات والموارد المالية الهائلة المخصصة لهذا الغرض. ومع ذلك، يبقى السؤال: هل ستنجح هذه الاستثمارات في تغيير التصورات العالمية حول حقوق الإنسان والانتهاكات المرتبطة بها؟

في النهاية، تبقى كرة القدم وسيلة للتواصل والتفاعل بين الثقافات والشعوب. لكن إذا استمرت المملكة في استخدام هذه اللعبة كأداة لغسيل سمعتها دون معالجة القضايا الجوهرية المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، فإن محاولاتها ستظل محصورة في إطار الدعاية الفارغة.

يجب على المجتمع الدولي أن يكون واعيًا لهذه الديناميكيات وأن يتعامل مع الرياضة كوسيلة للتغيير الإيجابي بدلاً من السماح لها بأن تكون مجرد أداة لتجميل الأنظمة القمعية. إن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية تحقيق التوازن بين الاستثمار الرياضي وحقوق الإنسان والمبادئ الأخلاقية التي يجب أن تحكم جميع جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية.

في النهاية، تبقى كرة القدم مرآة للمجتمع؛ فإذا كانت الصورة مشوهة بسبب الانتهاكات والفساد، فلن تنجح أي محاولة لتغيير تلك الصورة عبر المال فقط.

أضيف بتاريخ :2025/02/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد