آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
سامي كليب
عن الكاتب :
إعلامي لبناني يحمل الجنسية الفرنسية، مدير الأخبار في قناة الميادين الفضائية

إيران بعد الأسد؟.. الاشتباك الإيراني الأميركي في أوجه


سامي كليب

تمر المنطقة بأسوأ مرحلة من الاشتباك الأميركي الإيراني ومن التحشيد الإسرائيلي لكسر ما تحقق في سوريا. هذا ينذر بتطورات عسكرية وسياسية قد تكون مفاجئة في أي وقت رغم الضوابط الكثيرة التي تسعى موسكو لتمريرها بغية لجم التدهور.

السبب واضح: لن تقبل إسرائيل استقرار الوضع في سوريا إذا ما كانت نتيجته ترسيخ دعائم القيادة السورية الحالية وجيشها، وبقاء إيران وحزب الله قويين عند حدودها وفي مناطق لم تكن في السابق داخلة في حساباتها.

إليكم ظواهر هذا الاشتباك الإيراني الأميركي وخلفياته الإسرائيلية:

• أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب إستراتيجية جديدة ضد إيران تفرض عقوبات كبيرة وتمهد لانسحاب أميركا من الاتفاق بغية " سد كل الطرق على طهران للحصول على السلاح النووي". قرر ترامب كذلك التعامل مع الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية. مع خلفية القلق الكبير من الصواريخ الإستراتيجية الإيرانية بعيدة المدى.

• ردت إيران بتصريحات مهددة. قال المرشد علي خامنئي إن بلاده ستمزق الاتفاق إذا انسحب ترامب منه، وخاطب الأوربيين بأن إيران ستتواجد " رغم أنوفكم" في المنطقة. ثم دخل الحرس الثوري على الخط قائلا بأقسى تصريح له: " أن تطوير القدرات الصاروخية الإيرانية سيستمر بسرعة أكبر وبدون توقف، وأن أميركا تفقه لغة السلاح أكثر وان كل مشاريعها كإقامة شرق أوسط كبير ومشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني وحروب الوكالة وغيرها ستهزم بكل تأكيد"

• ترافق التصعيد الكلامي مع تحركات عسكرية لافتة من الجانبين. ذهب رئيس الأركان الإيراني إلى حلب برفقة كبار الضباط يعلن أن الإرهاب في طريقه إلى الانتهاء، وذلك بعد عقد سلسلة من اللقاءات الدقيقة في دمشق أطلق في خلالها وختامها تحذيرات واضحة لإسرائيل قائلا:" نحن هنا في دمشق لنؤكد ونتعاون لمواجهة أعدائنا المشتركين، النظام الصهيوني والإرهابيين". ترافق ذلك أيضا مع تهديدات أطلقها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله. كان في كل ذلك تعبير على أن ثمة محورا واحدا يتحرك في أكثر من مكان.

• بالمقابل إسرائيل أغارت على مواقع سورية والجيش السوري أعلن أنه أصاب بصاروخ مقاتلة إسرائيلية فوق لبنان، وارتفع التهديد الإسرائيلي هذه المرة صوب الجيش اللبناني والدولة برئاسة الجنرال ميشال عون وليس فقط الحزب. وصل الأمر بأحد صقور الإدارات الأميركية المتعاقبة في الكونغرس أليوت انغل والذي له باع طويل ضد كل الدول والأطراف المناهضة لإسرائيل من العراق إلى لبنان فغزة وسوريا، ليقول من موقعه ككبير الديمقراطيين في لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس:" علينا الآن أن نخنق مصادر حزب الله ". خصوم حزب الله تحركوا أيضا في لبنان وباتجاه السعودية.جاء حكم الإعدام على حبيب الشرتوني لتوجه ضربة إلى محور المقاومة، خصوصا من الحلفاء حيث ذهب وزير الخارجية جبران باسيل يحتفل مع القوات اللبنانية بالأمر مع علمه الأكيد بأن في الأمر ما يزعج ضمنيا الحزب المحرج بالتعبير عن موقف. جاء الرد من نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم بالقول الضمني عن بشير الجميل :"إن تبرير التعامل مع العدو لا يبرر العمالة، وبالتالي لا يبرئ العميل" . وتسري معلومات عن احتمال استقالة وزراء القوات اللبنانية من حكومة الحريري لرفع مستوى الضغوط على حزب الله ومنع أي تواصل لبناني مع سوريا.

• عسكريا أيضا كان التسابق في ذروته بين الجيش السوري وحلفائه من جهة والمقاتلين الكرد وحلفائهم وفي مقدمهم أميركا من جهة ثانية للسيطرة خصوصا على حقول النفط والثروة من دير الزور إلى الرقة. وفي تلك الأثناء بالضبط، وفي خلال وجود رئيس الأركان الإيراني في سوريا قُتل اللواء الشهير عصام زهر الدين، ثم قتل من تلاه وسبقه من ضباط آخرين ينتمون إلى المحور وليس فقط من الجيش السوري.. وقام وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي تامر السبهان بزيارة إلى الرقة السورية برفقة مبعوث الرئيس الأميركي بريت ماكغورك، فيما تركيا التي ولجت إلى الأراضي السورية رغم اعتراض وغضب دمشق قامت بذلك بالتنسيق العسكري الضمني مع روسيا والتنسيق السياسي مع روسيا وإيران (مفاوضات أستانا).

• مع هذا التصعيد السياسي والعسكري، فرضت أميركا عقوبات جديدة على حزب الله ورفعتها عن السودان الذي بات يجاهر بالعداء لإيران ويتقارب جدا مع السعودية ومشاريعها ويصل الأمر بالرئيس السودان عمر حسن البشير إلى حد القول:" لن نحجر على من ينادي بالتطبيع مع إسرائيل" وأن الرئيس السوري سينتهي قاتلا أو مقتولا.

• في هذه الأثناء بالضبط، برزت قصة انفصال إقليم كردستان بزعامة مسعود بارزاني الذي تربطه بإسرائيل علاقة قوية منذ عهد والده. كان الرد الإيراني بأن جاء رئيس فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني إلى المنطقة يلتقي بحزب جلال طالباني ويكسر جزءا من المعادلة التي تعتقد طهران أن أميركا وإسرائيل وراء تحريك أبرز خيوطها وأنها ليست قضية انتخابات أو تكريس لزعامة بارزاني على حساب الآخرين.

ماذا بعد؟

نحن إذا في ذروة الاحتقان الأميركي الإيراني، وفي أوج إحراج ترامب داخليا بسبب الهجمة عليه والمتعلقة بتقاربه مع روسيا، وإسرائيل في ذروة التحشيد والقلق... يبدو أننا عدنا إلى نقطة الصفر، أي أن العدو الأول هي إيران بعد التراجع عن شعار " رحيل الأسد". هذا يعني أنه أما ينجح بوتين في لجم إسرائيل وبالتالي لجم التدهور المحتمل (لذلك إرسل وزير الدفاع الروسي شويغو إلى دمشق في 12 الجاري واستقبل الملك السعودي )، ويمهد لتسوية أمنية سياسية بعيدا عن الأضواء، وأما يصبح أي خطأ عسكري صاعقا يفجر المنطقة، أو يستمر الجميع في إدارة الحرب والأزمة إلى أمد غير معروف، وتكون بعض المناطق السورية وكذلك لبنان مسرحا لتظهير الاحتقان بصور مختلفة ....
إسرائيل تريد خروج إيران وحزب الله من سوريا وتريد شريطا فاصلا منزوع السلاح على طول الحدود من مصر إلى الجولان فالحدود الأردنية السورية فلبنان.....ترامب مضطر للسير في ركبها ورفع الضغط على إيران لأن مصيره الشخصي مهدد في الداخل، وبوتين مقبل على انتخابات في آذار مارس المقبل ولا يريد خطوة ناقصة، أما الأسد وحلفاؤه فيرون أن ثمة فرصة مناسبة الآن للاستمرار في التقدم، وهم سيستمرون مهما حصل.

الجميع يعيش لحظات مفصلية عشية إحياء ذكرى وعد بلفور..... الأيدي جميعها على الزناد، لكن ليس في مصلحة أحد الضغط لإطلاق الرصاصة الأولى. كل شروط الانفجار موجودة وعلى بوتين وحده إيجاد مخارج الآن ترضي الجميع. فهو على صلة بالجميع لكن تحالفه مع إيران بات يقلق جدا إسرائيل.

أضيف بتاريخ :2017/10/23

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد