آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
سامي كليب
عن الكاتب :
إعلامي لبناني يحمل الجنسية الفرنسية، مدير الأخبار في قناة الميادين الفضائية

بالمنطق لا بالعواطف ..ليس البشير وحده في دمشق...قلب العروبة ينبض مجددا.

 

سامي كليب

يُحسب للرئيس السوداني عمر حسن البشير وصوله قبل غيره إلى دمشق طاويا بذلك مرحلة العداء أو الجفاء أو الحياد الذي مارسته دول عربية حيال سوريا. ويُحسب للرئيس بشار الأسد رغبته بطي صفحة الضغينة مع دول عربية.

ولكي نبتعد عن العواطف ونعرف بالوقائع ماذا جرى ويجري إليكم الملاحظات التالية:

• لا يُمكن أن يتفرّد البشير بزيارة دمشق دون تنسيق مع دول عربية وفي مقدمها السعودية، حيث أن جيشه يناصر جيشها في اليمن، وأن الخرطوم كانت قد أبعدت السفير الإيراني سابقا لأجل السعودية. أما إذا كان قد جاء بلا معرفتها المسبقة فهذا سيظهر لاحقا ويكون تعبيرا سودانيا عن خيبة أمل اقتصادية من الرياض.

• العلاقات الإستراتيجية الروسية السودانية لعبت دورا في تغيير موقف البشير، وهو قال صراحة من قلب موسكو بعد استقباله من قبل الرئيس بوتين في أواخر العام الماضي: "إن ما يحصل اليوم في سوريا هو نتيجة التدخل الأمريكي، ولا تسوية سياسية من دون الرئيس السوري بشار الأسد".

• زيارة البشير إلى دمشق التي هي جزء مفصلي من محور المقاومة حاليا، تُعتبر ردا على التسريبات والمعلومات الإسرائيلية عن قرب التطبيع مع السودان وعن زيارة قريبة لنتنياهو إلى الخرطوم، وهو ما دفع بعض التيارات السودانية إلى الترويج للتطبيع كسبيل للخروج من المشاكل الكثيرة التي يعانيها السودان اقتصاديا وسياسيا وأمنيا. يحتاج البشير إلى التذكير بلاءات الخرطوم التاريخية في هذه الأوقات بالضبط وذلك لأسباب أخلاقية ودينية وسياسية وأمنية ، رغم أن بعض المعلقين يقولون نرجو أن لا تكون الزيارة إلى دمشق تبريرا لما قد يحصل لاحقا بين السودان وإسرائيل.

• رغم العلاقات القوية بين البشير والسعودية التي اعتبر مرارا أن أمنها " خطٌ" أحمر، إلا أنها تعني انعطافة كبيرة في موقف الإخوان المسلمين الذين يدور الرئيس السوداني أيضا في فلكهم، وأن لم تكن انعطافة فهي نكسة لهم. ربما مفهوم الانعطافة أكبر حاليا خصوصا بعد عودة حماس إلى الحضن الإيراني ومساعيها لإعادة فتح علاقات مع دمشق حيث أوصدت أبواب كثيرة في وجهها رغم الوعود المعسولة الكثيرة حين كان يراد لها أن تكون في موقف العداء للقيادة السورية.

• قبل زيارته إلى سوريا فان الرئيس البشير كان قد التقى مطولا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي رغم التصريحات العلانية، فان بلاده تمضي قدما في التنسيق الأمني وبعض السياسي مع سوريا.

• لا يُمكن فصل زيارة البشير إلى دمشق عن التحولات العربية الآخذة بالاتساع حيال سوريا. فهل ننسى أن وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة كان قد قال بعد لقائه نظيره السوري وليد المعلم " يجب أن تعود كل الأراضي السورية إلى سيطرة الحكومة". وهنا لا بد من الإشارة إلى أن وزير الخارجية الجزائرية الذي كانت ولا تزال بلاده مناصرة لسوريا وفلسطين بقوة، كان قد افتتح الزيارات العربية الرفيعة إلى دمشق. 

• لا يمكن فصلها كذلك عن التحولات الإقليمية والدولية، فهذا وزير خارجية تركيا يقول صراحة إننا نفكر بالتعامل مجددا مع الأسد إذا ما تم انتخابه مجددا. ما يعني أن الشرط الدولي الأخير للتسوية السياسية أي عدم ترشح الأسد قد سقط بدوره، وأن ما بقي من معارضة سوريا ما عادت قادرة على فرض أي شرط جدي.

* السعودية أيضا بعثت برسائل إلى دمشق، والامارات تريد فتح سفارتها ربما قريبا، لكن الدول الخليجية تريد من القيادة السورية تخفيف علاقاتها مع إيران. لا ندري بهذا الصدد تماما هل جاء البشير ينصح بهذا أم أنه جاء لإعادة مياه السودان إلى مجاريها مع طهران بعدما تفاقم الوضع الاقتصادي عنده رغم الوعود الكثيرة.

لا شك أن ما عاشته وتحملته سوريا على مدى السنوات الثماني الماضية وكيفية الخروج منه، يُشكل حالة استثنائية ينبغي دراستها كنموذج استثنائي لدولة عرفت كيف تنهض من تحت الدمار رغم تآلف قوى عالمية وإقليمية ومال وإعلام وإرهاب ضدها .....ولا شك أيضا أن قلب العروبة النابض عاد إلى نبضه الكبير رغم آخر المشاكل في مناطق الشمال والشرق وسط أوهام أميركا وتركيا وأحلام الكرد الذين يجب أن يحذروا من حلفائهم قبل خصومهم.

لصالح مدونة الكاتب سامي كليب

أضيف بتاريخ :2018/12/17

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد