مرونة نفطية ل #المملكة_السعودية بين الضغط الاقتصادي والحفاظ على حصتها
تمضي المملكة السعودية في اتفاق مفاجئ لخفض الانتاج بين أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”، ويرى محللون أن الضغط الاقتصادي الناتج عن انخفاض أسعار النفط هو الدافع لهذه الخطوة وليس تصميم المملكة على الحفاظ على حصتها من السوق.
ومنذ بدء تراجع أسعار النفط منتصف عام 2014، رفضت المملكة السعودية، أكبر مصدر للنفط عالميا، أي محاولات لخفض انتاج “أوبك”، مفضلة الاحتفاظ بحصتها الريادية في السوق على حساب إنعاش الأسعار.
واتسم موقف الرياض خلال اجتماع غير رسمي الأربعاء للمنظمة في الجزائر، باللّيونة ما ساهم في التوصل إلى اتفاق بين دول “اوبك” على خفض الانتاج بمعدل مئات آلاف البراميل يوميا.
وسابقاً كانت زيادة إيران تدريجياً في انتاجها منذ مطلع السنة الجارية، إثر رفع عقوبات اقتصادية دولية عنها سبباً دفع المملكة السعودية لرفض خفض انتاجها.
وينص الاتفاق الجديد، على أن انتاج “اوبك” سيتراجع إلى ما بين 32,5 مليون برميل يوميا و33 مليونا، بدل من مستوى 33,47 مليون برميل يوميا المسجل في آب/اغسطس. ويعفي الاتفاق إيران من الخفض، علماً أن هذه الأخيرة تسعى للعودة إلى مستويات انتاجها في مراحل ما قبل العقوبات، والذي كان يناهز أربعة ملايين برميل يوميا.
ويقول الخبير النفطي الكويتي كامل الحرمي لوكالة فرانس برس “لا شك أن المملكة السعودية تشعر بالتأثير الاقتصادي لعائدات النفط المنخفضة والتي تضاف إليها كلفة الحرب في اليمن والتوترات الاقليمية”، مضيفاً “لكن من خلال تسهيل الاتفاق، سجلت المملكة السعودية نقطة سياسية مهمة. اظهرت انها لا تزال تمسك بزمام اوبك. اعادت تثبيت قيادتها”.
الحرمي أشار أيضً إلى أن تنازلات المملكة لم تقتصر على إيران، بل طالت أيضا نيجيريا وليبيا اللتين لن يشملهما خفض الإنتاج كذلك.
وكانت المملكة السعودية المنتج الوحيد في أوبك الذي يتمتع بهامش إضافي من الإنتاج، يتيح لها زيادة كمياتها وخفضها للتأثير على السوق. الا أنها تخلت عن هذا الامتياز منذ 2014، وركزت على حماية حصتها من السوق في ظل منافسة شرسة من منتجين خارج اوبك.
وبدأت الأسئلة تطرح عن جدوى استمرار أوبك، في ظل عدم تمكن أوبك من التوصل إلى مخرج لإعادة رفع الاسعار، وتنامي حصة الدول غير المنضوية فيها من سوق النفط.
ويقول كبير استراتيجي الاسواق في شركة “اكسي ترايدر” غريغ ماكينا إنّ “العديد من أعضاء أوبك يعانون اقتصاديا من الأسعار المنخفضة. اقتصاداتهم متباطئة أو منكمشة، ويواجهون مشكلات في الميزانية” مشيراً إلى أنه “يبدو أن الحافز المالي تفوق على السياسات الداخلية لأوبك”.
من جهتها، اعتبرت شركة “كابيتال ايكونوميكس″، ومقرها لندن، أن من الأسباب المرحجة للاتفاق “شعور المملكة السعودية بالحاجة للتوصل إلى اي اتفاق (…) لإعادة تعويم مصداقية اوبك”.
ورأت ان صانعي سياسات المملكة السعودية “كانوا قلقين بشكل متزايد من تأثير التقشف المالي على اقتصادهم".
وبعدما وصلت إلى مستويات تتجاوز المئة دولار للبرميل منتصف العام 2014، تراجعت أسعار النفط إلى ما دون الثلاثين دولارا للبرميل مطلع 2016، قبل أن تستعيد بعضا من عافيتها خلال الاشهر الماضية.
وقد أثر هذا الانخفاض بشكل سلبي على إيرادات الدول النفطية.
وكانت المملكة السعودية أعلنت العام الماضي عن تسجيل عجز قياسي في ميزانيتها بلغ 98 مليار دولار، ما اضطرها لاتخاذ خطوات تقشف وتقليص النفقات.
ويرى كبير محللي الاسواق في شركة “اواندا” جيفري هالي، أن المملكة قد تكون “أعادت تقييم سياستها النفطية السابقة بضخ كميات كبيرة في الأسواق لإخراج النفط الصخري الأمريكي” منها، إلا أن الضغط على ميزانيتها “بلغ بشكل واضح الحد الاقصى”.
و في الوقت الذي يعتبر هالي أن خطوة المملكة السعودية تعكس “تغييرا جذريا” في مقاربة الرياض النفطية، بدا محللون آخرون أكثر حذرا بهذا الشأن.
واعتبرت “كابيتال ايكونوميكس″ انه من غير المرجح ان “يغير الاتفاق قواعد اللعبة بالنسبة للمملكة السعودية، حتى وإن كانت هي ستتحمل الجزء الاكبر من خفض الانتاج”.
وأشارت أيضاً إلى أن "الاتفاق يظهر أن سلطات المملكة السعودية عدلت بشكل بسيط من موقعها المعارض، في اتجاه عمل منسق في السوق النفطية (…) لكننا نبقي على رؤيتنا القائلة بان المملكة ستواصل تقبل اسعار نفط منخفضة نسبيا، وتمضي في اعتماد سياسة مالية تقشفية”.
مصدر في القطاع النفطي صرح ل "فرانس برس" إنه من المبكر الحكم على مدى التغيير في السياسة النفطية للمملكة السعودية، مشيرا إلى أن العوامل الاقتصادية الداخلية “قد تكون قوة دفع″ خلف تعديلات محتملة.
ويعتبر كبير المستشارين لدى “آي اس اتش للطاقة” سبنسر ولش ان التغيير السعودي لم يكن بارزا، بل إن مسؤولي المملكة “قالوا لفترة انهم مستعدون للاتفاق في حال التزم الآخرون. يبدو ان الآخرين وافقوا”.
أضيف بتاريخ :2016/09/30