تقرير خاص- ميزانية السعودية: العجز بان قبل إعلانه والوقائع كذبت وعود الرفاه
كانت الأنظار متجة إلى السعودية يوم الإثنين "28 ديسمبر 2015م" لتبيان الحقيقة من الأماني في الميزانية. فإذا بها تسجل عجزاً كبيراً بقيمة 87 مليار دولار، وإذا بالمواطن السعودي يصدم بما أعقب الإعلان عن العجز من التقشف، ببساطة، في كل شيء، وكذبت الوعود الرسمية بالرفاه المقبل على الشعب.
مسّت الميزانية المرافق والمواد الحيوية للمواطن السعودي، وانخفض سوق الأسهم السعودية غداة الإعلان عن العجز والإجراءات لخفض الدعم عن 20 من المواد الأساس كالوقود، والكهرباء، والماء.
نُذر العجز ظهرت في الأشهر الماضية، ففي "أغسطس 2015م" هبط الريال السعودي إلى مستويات غير مسبوقة منذ 12 عاماً، وقدر صندوق النقد الدولي عجز ميزانية المملكة بنحو 150 مليار دولار في العام 2015م. وأعلن وزير المال السعودي عجزاً مالياً في ميزانية العام 2015م حذر من أنه "قد يدفع الرياض إلى الاقتراض من الخارج". وتوقع تقرير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" صدر يوم "23 ديسمبر 2015م" أن يستمر انخفاض أسعار النفط لأربع سنوات مقبلة. ووصل الأمر، قبل أيام قليلة من إعلان الميزانية، إلى فرض ضرائب على المسافرين، وإلغاء "الخطوط الجوية السعودية" تخفيض تذاكر الطيران الداخلي للطلاب والطالبات المعتمدة منذ عقود، والتي تصل نسبة التخفيض فيها إلى 50 في المئة، بدءاً من العام 2016م.
اضطرت السعودية إلى سحب حوالي 72 مليار دولار من الاحتياط المالي، والمقدر بحوالي 670 مليار دولار، خلال الأشهر الثماني الأخيرة، وانخفض مؤشر الأسهم السعودية حوالي 30 في المئة منذ نهاية العام 2014م وحتى "أكتوبر 2015م". وأصدرت المملكة سندات سيادية لتمويل عجز الميزانية بقيمة 5.33 مليارات دولار في شهر "أغسطس 2015م" لمواجهة العجز والتكلفة الهائلة للحرب السعودية على اليمن ودعمها للتنظيمات المعارِضة للنظام في سوريا. وقدم الملك مكافآت وزيادات في الرواتب للمواطنين بمناسبة توليه العرش في "يناير 2015م" لضمان الولاء، بلغت قيمتها ثلاثين مليار دولار، كما وقعت المملكة عقوداً لبناء مفاعلات نووية وصفقات أسلحة بقيمة 20 مليار دولار. غير أن الحرب على اليمن فاقمت العجز كثيراً. كما أن وزارة المال أعلنت أن 25% من الميزانية خصص للإنفاق الأمني والعسكري، بزيادة نحو 20 مليار ريال (5.3 مليار دولار) عن العام 2014م، عزاها وزير الاقتصاد عادل فقيه إلى الحرب على اليمن.
كان خطاب الملك سلمان بن عبد العزيز في الظاهر حديثاً عن "إصلاحات اقتصادية" و"رفع كفاءة الإنفاق الحكومي والاستفادة من الموارد الاقتصادية وزيادة عوائد الاستثمارات الحكومية"، لكنه كان تغطية مؤقتة وتمهيداً في آن للإعلان عن المحظور الذي وقع.
وفي "8 أكتوبر 2015م"، نشرت صحيفة "الغارديان" الماضية مضمون رسالة من الملك سلمان إلى وزير المالية معنونة بـ"سري للغاية"، "28 سبتمبر 2015م"، يدعو الملك الوزير إلى اتخاذ "إجراءات تقشفية لتقليص الإنفاق الحكومي في الأشهر الثلاثة الأخيرة من ميزانية العام الحالي (2015م)، من بينها الإيقاف الفوري لكل مشاريع البنى التحتية الجديدة، ووقف شراء أية سيارات أو أثاث أو تجهيزات أخرى، وتجميد جميع التعيينات على الدرجات كافة، وإيقاف صرف أية تعويضات مالية من جراء نزع الملكية من المواطنين، وفك الارتباط للعقارات التي لا توجد حاجة ماسة لنزع ملكيتها، كما يجب منع إبرام أية عقود استئجار المباني التي سبق الإعلان عن استئجارها، وأن لا يتجاوز الصرف من اعتمادات البنود والمشاريع خلال الفترة المتبقية من الميزانية عن 25 في المئة من الاعتماد الأصلي".
ويقالُ إن شهادة شاهد من أهله تغني، وهي للمستشار الأعلى السابق في وزارة المالية السعودية جون سفاكياناكيس، الذي قال لـ"سي إن إن" في شهر "نوفمبر 2015م" إن المملكة السعودية "في وضع مختلف كثيراً عما يظنه البعض في الخارج بأنه، ومع تراجع أسعار النفط فإن المملكة انتهت".
أضيف بتاريخ :2015/12/29