لسد عجز ميزانيتها.. #السعودية تستند على هيئات الاستثمار الحكومية
تواصل السعودية اتكائها على مؤسسات استثمارية حكومية وذلك لسد عجز ميزانيتها وسط جائحة فيروس كورونا، وهي استراتيجية تثير التساؤلات عن إمكانية تأثر المواطن السعودي بصدمة قد تحدث على مستوى الدَين السيادي.
وشهدت المؤسستان اللتان تدعمهما الدولة – "المؤسسة العامة للتقاعد" و"المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية" – ارتفاع حيازتهما من الدَين المحلي إلى المثلين تقريباً في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، في وقت تسعى فيه الرياض لتمويل عجز متزايد في الموازنة من خلال بيع السندات.
لكن انكشافهما على الشركات السعودية يظل طي الكتمان، لأن الحكومة لا تتيح تفاصيل شاملة وحديثة عن محافظهما الاستثمارية أو عائداتهما.
وقال "حسنين مالك"، رئيس استراتيجيات الأسهم في "تليمر" لإدارة الاستثمارات "في الأوقات العادية ربما يتسبب تمويل الحكومة من الكيانات المرتبطة بها في إثارة القلق فيما يتعلق بشفافية الرقم النهائي للدَين وما يتعلق بالإدارة الذاتية لهذه الكيانات.
غير أن هذا القلق على الالتزامات الإجمالية لكل الكيانات الحكومية موجود منذ فترة في أنحاء أخرى من مجلس التعاون الخليج الفارسي، كما أن تمويل عجز مالي ضخم للغاية يتطلب على الأرجح بعض الأساليب غير التقليدية.
وقال "كريسيانيس كراستينز"، المدير في فريق الدَين السيادي لدى وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، أن هذا الامر يجعل المواطنين السعوديين الذي يعتمدون على مؤسسة التقاعد ومؤسسة التأمينات الاجتماعية "مكشوفين بدرجة مفرطة على المخاطر السيادية السعودية، والتي ستصبح مثيرة للمشاكل إذا كان أداء الأوراق الحكومية السعودية أقل من الاستثمارات المحلية أو الدولية الأخرى".
ورداً على سؤال عما إذا كانت السلطات تشجع مؤسسات الدولة على زيادة انكشافها على الدَين الحكومي، قالت الحكومة السعودية رداً على سؤال أن الطلب على الدَين السيادي المحلي تزايد هذا العام عبر شتى فئات المستثمرين بسبب التقلبات السوقية في فئات أخرى من الأصول الاستثمارية.
وقالت إنه يجري تحديث المديونية على أساس ربع سنوي لتعزيز الشفافية في السوق، وأن الطلب على الدَين المحلي ساعدها في إدارة مستويات المعروض في الأسواق الخارجية، ومن ثم حماية فروق العائد على الأوراق المالية.
ولم ترد الحكومة السعودية على استفسارات عن المحافظ الاستثمارية لمؤسسة التقاعد ومؤسسة التأمينات الاجتماعية.
دفعت جائحة فيروس كورونا البنوك المركزية في أنحاء العالم إلى إضافة أصول محلية إلى محافظها الاستثمارية، وإلى تدخل الدولة في الاقتصاد بقدر أكبر.
وكانت السعودية، أكبر مُصدِّر للنفط الخام في العالم، قد تضررت بصفة خاصة من التداعيات الاقتصادية لجائحة كوفيد-19.
فقد أدى انخفاض إيرادات النفط إلى تزايد العجز الحكومي، مما أدى إلى زيادة احتياجات التمويل السعودية إلى أكثر من مثليها هذا العام لتصل إلى 85 مليار دولار، وفقاً لما تقوله وكالة "موديز" للتصنيفات الائتمانية.
وفي المراحل الأولى من الأزمة، رفعت الرياض سقف الدَين العام من 30%إلى 50%من إجمالي الناتج المحلي، لزيادة المرونة المالية.
وحولت 40 مليار دولار من الاحتياطيات الخارجية للبنك المركزي لتمويل استثمارات "صندوق الاستثمارات العامة" السيادي.
كما غطت مؤسسات مثل "المؤسسة العامة للتقاعد" و"المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية" جانبا من التمويل الجديد.
ولم ترد المؤسستان على طلبات للتعليق على استثماراتهما.
ولا تقدم المؤسستان تفاصيل عن وضعهما المالي. وهذا ليس غريباً في دول الخليج الفارسي. لكن الإفصاح في السعودية متأخر إذا ما قورن بالمؤسسات المماثلة في الأسواق المتقدمة والناشئة.
وزادت حيازة المؤسسات الحكومية من الدَين العام إلى 166.9 مليار ريال (44.50 مليار دولار) في نهاية يونيو/حزيران الماضي من 92 مليار ريال في نهاية العام الماضي، في حين زاد انكشاف البنوك التجارية السعودية على الدَين الحكومي المحلي بما يزيد قليلا على 20 مليار ريال في الفترة نفسها.
وتزايد استخدام الرياض للدَين في تعويض النقص في خزائن الدولة منذ انهيار أسعار النفط في 2014 و2015 لكن مستويات الدين، التي يتوقع أن تتأرجح حول 32%و33%من الناتج المحلي الإجمالي في السنوات الثلاث المقبلة، تُعتبر مع ذلك منخفضة نسبياً.
وقالت وزارة المالية أنها تتوقع أن يرتفع العجز الحكومي إلى 12% من إجمالي الناتج المحلي هذا العام من 4.5% في العام الماضي.
ويقول "جاربيس إيراديان"، كبير الاقتصاديين للشرق الأوسط وشمال افريقيا في "معهد التمويل الدولي"، أن حوالي 25 مليار دولار من العجز المالي هذا العام، والذي قدره بنحو 72 مليار دولار أي 10.2% من إجمالي الناتج المحلي، ستمول من البنوك والمؤسسات المحلية مثل "المؤسسة العامة للتقاعد" و"المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية".
وأضاف أن الباقي سَيُغطى بالاستعانة بالاحتياطيات الرسمية في حدود 32 مليار دولار، وبتمويل خارجي في حدود 15 مليار دولار.
والعملة السعودية مربوطة بسعر 3.75 ريال للدولار في سوق المعاملات الفورية. غير أنها شهدت بعض التقلبات في سوق المعاملات الآجلة هذا العام مع انخفاض أسعار النفط.
أضيف بتاريخ :2020/11/13