رأي اليوم: لماذا كشفت وزارة الخزانة #الأمريكية عن حجم الاستثمارات #السعودية فجأة؟
تساءلت صحيفة رأي اليوم عن السبب وراء كشف وزارة الخزانة الأمريكية عن حجم الاستثمارات السعودية فجأة؟ وما هي الرسالة التي تريد إيصالها؟ وما الذي يمكن استخلاصه من القراءة السياسية لهذه الأرقام؟ وهل تستطيع الرياض إشعال “حرب مالية” مع أمريكا؟
ورأت الصحيفة في افتتاحيتها: القاعدة المالية التي بدأت تتأكد يوما بعد يوم، تقول “لا أسرار في الغرب يمكن كتمها هذه الأيام، سواء بسبب قوانين “حرية المعلومات”، أو القوانين المشددة المتعلقة بمحاربة “غسيل الأموال”، أو فضح الأرصدة والتعاملات في البنوك أو شركات “الاوف شور”، مثلما كشفت “وثائق بنما” أخيرا.
وقالت الصحيفة: "بعد تهديد عادل الجبير، وزير الخارجية، بسحب وتسييل الأصول السندات والاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة، في حال إقدام الكونغرس على اعتماد قانون يسمح لأهالي ضحايا تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 بمقاضاة المملكة أمام محاكم أمريكية للحصول على تعويضات مالية، بدأت المؤسسات المالية ومحللوها في البحث عن هذه الأصول لمعرفة حجم الخطر الذي يمكن أن يلحق بالاقتصاد الأمريكي في حال تنفيذ حكومة الجبير لتهديداتها".
ونقلت الصحيفة عن صحيفة “نيويورك تايمز″ الأمريكية أنها قدرت في حينها حجم الاستثمارات السعودية بحوالي 750 بليون دولار، ولكن وزارة الخزانة الأمريكية، ورضوخا لطلب بكشف الحجم الحقيقي لسندات الخزانة الأمريكية لدى السعودية، وفق قانون حرية المعلومات، أكدت ولأول مرة منذ 40 عاما، أن مقدار هذه السندات والاستثمارات “الحكومية” لا يزيد عن 116.8 مليار دولار، حتى شهر (مارس) الماضي، وأنها انخفضت بمعدل 6 بالمئة بالمقارنة عما كانت عليه في شهر (يناير) الماضي، مما يعني أن تقديرات “نيويورك تايمز″ كانت غير دقيقة.
واعتبرت الصحيفة أن الرقم الآخر الذي لا يقل أهمية، وأماطت عنه اللثام وكالة “بلومبيرغ” الاقتصادية، هو انخفاض الاحتياطات المالية السعودية إلى حوالي 587 مليار دولار، أي أنها انخفضت بقدار 200 مليار دولار في اقل من عامين نتيجة السحب المتواصل منها لسد العجز في ميزانيتي عامي 2015 و2016.
وقالت الصحيفة إن سندات الخزانة الأمريكية التي تملكها الحكومة السعودية (116.8 مليار) تبدو متواضعة جدا بالمقارنة مع نظيراتها الصينية (1.3 تريليون) أو اليابانية (1.1 تريليون)، ولكنها تبدو كبيرة بالمقارنة مع الإمارات (62.5 مليار)، أو الكويت (31.2 مليار)، أو عُمان (15.9 مليار)، أو قطر (3.7 مليار)، وتأتي البحرين في ذيل القائمة في حدود (1.2 مليار).
وأوضحت الصحيفة أنه بعيد عن لغة الأرقام، وبقراءة سياسية في معانيها ودلالاتها الآنية والمستقبلية يمكن استخلاص أربع نقاط:
• أولا: الكشف الأمريكي عن حجم الاستثمارات السعودية الحقيقي يأتي ردا على السيد الجبير وتهديداته، الذي ربما لم يعرف هذه الأرقام جيدا، وإرسال رسالة لحكومته تقول إن أموالكم سواء بقيت أو تعرضت للسحب لا تشكل أي خطر كبير على الاقتصاد الأمريكي.
• ثانيا: تكشف الأرقام إلى أن الحكومة السعودية بدأت حملة بيع شرسة لأصولها واستشماراتها في أمريكا أواخر العام الماضي، وأوائل العام الحالي لسد العجز في ميزانياتها (190 مليار دولار في عامين)، وان هذه الاستثمارات انخفضت بمعدل 6 بالمئة في شهرين فقط.
• ثالثا: خطر إصدار الكونغرس قانونا يسمح لأهالي ضحايا الحادي عشر من سبتمبر، ما زال قائما رغم حديث الرئيس أوباما بأنه سيستخدم حق “الفيتو” لمنعه، مستخدما صلاحياته الرئاسية، ولكن أوباما سيغادر البيت الأبيض بعد سبعة أشهر بالتمام والكمال.
• رابعا: إشعال المملكة السعودية حربا مالية ضد أمريكا سترتد عكسا عليها، وستكون الخاسر الأكبر فيها، فأي “عاصفة حزم مالية” لن تكون مثل نظيرتها في اليمن، فإذا كانت الأولى التي جرى شنها ضد واحدة من أفقر عشر دول في العالم لم تحقق أي من أهدافها، فهل ستنجح الثانية ضد أقوى دول العالم عسكريا واقتصاديا؟
واختتمت الصحيفة بالقول: إن ما تحتاجه القيادة السعودية هذه الأيام، هو الكثير من الحكمة، والكثير من التواضع في الوقت نفسه، وإلا فأن النتائج ستكون كارثية، وإرهاصاتها باتت بادية للعيان، ولا نحتاج إلى عدسات مكبرة لرؤيتها.
أضيف بتاريخ :2016/05/18