حراك في الكونجرس الأمريكي لمراقبة صفقات بيع السلاح للسعودية
ترجمة خبير ..
وصلت الحرب الأهلية في اليمن إلى نقطة قاسية هذا الأسبوع عندما توجّه "جايمي ماكغولدريك"، وهو منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إلى المراسلين في صنعاء وأعلن عن أرقام جديدة تشير إلى حصول كارثة جسيمة ومستمرة في تلك الدولة. وقد نقل "ماكغولدريك " أنّ 10آلاف شخص على الأقل قُتل في اليمن منذ تصاعد الحرب، عندما أطلق الائتلاف بقيادة السعودية غارات جوية على (الثورة الحوثية) في آذار/مارس ٢٠١٥.
وعدد القتلى مغايراً عن تقدير الأمم المتحدة السابق الذي تحدث عن 6آلاف قتيل، ولكن من المرجح أن يكون تخمينها متحفظاً آنذاك. وقال "ماكغولدريك": "الأرقام التي لدينا غير مكتملة على الأرجح لأننا نأخذ الأرقام من الخدمات الصحية العاملة، وفي بعض تلك المناطق لا يوجد مؤسسات الخدمات الصحية. إما يقتل الناس أو يموتمون ويدفنون قبل تسجيل الوفاة، وليس لدينا الوسيلة لتسجيلها".
ومع أنّ رقم ١٠آلاف يبدو رقماً مثيراً للاضطراب في اللمحة الأولى، إلا أنه قليل عندما يؤخذ بعين الاعتبار وحشية وعنصرية الحملة السعودية الجوية في السنة والنصف الماضية وغياب إنسانية المقاتلين الحوثيين في الحرب.
وبينما أبت إدارة أوباما الاعتراف بهذا علناً، إلّا أنّ الدعم الأمريكي العسكري والاستخباراتي غير المشروط للعملية السعودية في اليمن ساهم في ازدياد عدد القتلى وتفاقعم كارثة اليمن الإنسانية. وصفقات الأسلحة الضخمة مع السعودية كصفقة تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٥ لقذائف جو-أرض بقيمة ١.٢٩ مليار دولاراً، هي التي تسمح للرياض بالاستمرار في عمليتها العسكرية في اليمن على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية.
وللأسف، كان لهذه الصفقات ذاتها تأثيراً شنيعاً مستمراً على سكان اليمن المدنيين، إذ يُقتل الرجال والنساء والأطفال الأبرياء الذين لا دور لهم بتاتًا في الصراع بالقنابل الأمريكية الصنع والتي تطلق من الطائرات الأمريكية.
إلى هذا، فلدى قانون مراقبة تصدير الأسلحة -الذي يضبط بيع الأسلحة والذخائر والقطع الاحتياطية الأمريكية ونقلها إلى دول أجنبية- بند يمنح الكونغرس الأمريكي فرصة منع إقرار صفقة ما. ويمكن لأي عضو في الكونغرس تقديم أي قرار لمنع صفقة أسلحة خلال ٣٠ يوماً بعد إعلام الرئيس للكونغرس عن أي صفقة أسلحة محتملة، ويمكن للأعضاء طرح القرار للجدل والتصويت في الكونغرس أو في مجلس الشيوخ.
وفي هذا السياق، استخدم السيناتور "راند بول" هذه الصلاحية لإجبار زملائه على مناقشة القرار حول بيع طائرات إف١٥ إلى باكستان في بداية هذا العام. وبالرغم من فشل جهوده، إلّا أنّه استطاع إرغام مجلس الشيوخ على ممارسة مسؤوليته في الرقابة.
وهناك صفقة أسلحة بقيمة ١.٥ مليار دولار لدبابات M1A1 أبرامز التي عقدت مع السعودية وأرسلت إلى الكونغرس في أوائل آب/ أغسطس، وتعدّ فرصة أخرى للمشرعين الذين يؤمنون في المراقبة على سياسة الولايات المتحدة الخارجية تنفيذ تلك المراقبة. وقد كتب ٦٤ عضواً في مجلس الشيوخ رسالة من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، إلى البيت الأبيض يطالبون فيها الرئيس أوباما تأجيل نقل أي نظام أسلحة أمريكي إلى السعودية حتى يتمكن الكونغرس من التدقيق في البيع بتعمق أكبر.
وتذكر الرسالة: "نحن قلقون أنّ توقيت هذا الإشعار في عطلة الكونغرس في شهر آب/أغسطس يعني أنّ الكونغرس لديه القليل من الوقت لأخذ صفقة الأسلحة بعين الاعتبار عندما يرجع من عطلته ضمن مهلة الثلاثين يومًا وفق القوانين".
وسواء قرر البيت الأبيض التعاون مع الكونغرس بتمديد عملية المراجعة أو لا وهذا أمر غير مؤكّد. إلا أنه عملياً، احترمت السلطة التنفيذية القانونَ بإعلام الكونغرس بأنّ الإدارة تنوي الاستمرار بالاتفاق مع السعوديين. وما يطلبه أعضاء مجلس الشيوخ مبادرة من البيت الأبيض، ومنحهم الوقت الذي يحتاجون إليه للقيام بواجبهم تحت قانون مراقبة تصدير الأسلحة.
لا ينبغي على قرار البيت الأبيض النهائي إلغاء وجود الرسالة والمشرعين الذين اختاروا الإمضاء عليها. فخلال الثلاثة عقود الماضية، أقرّ الكونغرس قرارًا بمنع صفقة بيع أسلحة لدولة أجنبية مرة واحدة وفي ذلك الحين استخدم الرئيس "رونالد ريغان" حق الفيتو للطعن في تصويت الكونغرس.
وعندما يحاول الرئيس ووزير الخارجية بيع الأسلحة إلى دولة أجنبية، يتم الموافقة على الاتفاقية من دون معارضة من الكونغرس. وما تعنيه الرسالة الأخيرة حول صفقة الأسلحة مع السعودية هي أنّ أقلية من الديمقراطيين والجمهوريين في مجلس الشيوخ يريدون من الكونغرس لعب دوراً أكثر حزماً في المسألة.
وتعدّ تحركات هذه الأقلية تطوراً يؤمل امتداده إلى بقية زملائهم ويجب على الشعب الأمريكي تشجيعها، فكما وصف السيناتور "مورفي": "على الكونغرس الدخول إلى اللعبة من جديد".
Source: Washington Examiner, 08/09/2016
أضيف بتاريخ :2016/09/10