تقرير-(خاص): تركيا تقارب خطوط التوتر العالي.. وتضع المنطقة على شفير حرب عالمية!
لن يكون ما قبل إسقاط تركيا للطائرة الروسية قرب حدودها كما بعده بين تركيا وروسيا. لن تسكت روسيا عما اعتبرته جريمة، بحسب تعبير رئيسها فلاديمير بوتين. بعد إسقاط الطائرة، ساد الترقب للرد الروسي على هذه الضربة الموجعة، الذي سيكون أدناه تكثيف الضربات ضد الإرهابيين في سوريا، وهو ما قد يفتح الباب أمام تطورات قد تتسبب بحوادث مماثلة وتقود إلى مواجهة عسكرية بين الجانبين.
أُسقطت المقاتلة الروسية، وهي من طراز "سوخوي ـ 24"، من قبل مقاتلتين تركيتين من طراز "أف ـ 16" خلال عملية جوية روسية في ريف اللاذقية الشمالي. أصرت تركيا على أن الطائرة الروسية انتهكت المجال الجوي التركي وأنه "قد تم تحذيرها مراراً"، بينما أكدت روسيا أن المقاتلة كانت على بعد أربعة كيلومترات من الحدود التركية ـ السورية، وأنها أسقطت في أرض سورية. قفز الطياران بالمظلة، وأظهر شريط فيديو إطلاق مسلحين النار بكثافة على أحد الطيارَين بعد قفزه ما أدى إلى مقتله، حسبما أكدت صحيفة "السفير" اللبنانية. وأعلن السفير الروسي لدى باريس ألكسندر أورلوف، الأربعاء "25 نوفمبر 2015م"، أن أحد الطيارين الروسي الذيين أسقطت طائرتهما الثلاثاء "24 نوفمبر 2015م" هو في "حال صحية جيدة"، بعدما نفّذ الجيش السوري ليل الثلاثاء عملية مشتركة مع القوات الخاصة الروسية اخترقت خلالها مناطق وجود المسلحين وأنقذت أحد الطيارين.
عقب هذا الحادث، بدا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء لقائه مع الملك الأردني عبدالله الثاني في سوتشي غاضباً، اتهم تركيا بالتواطؤ مع الإرهابيين. أعلنت موسكو نيتها إسقاط أية طائرة يمكن أن تعتبرها موسكو تهديداً لقواتها في السماء السورية، وأكد وزير دفاعها، سيرغي شويغو، أنه سيتم نشر منظومة "إس 400" للدفاع الجوي في قاعدة حميميم في سوريا. يعني ذلك أن أية محاولة تعرض لطائرة روسية مرة أخرى ستواجه عسكرياً، إذ أن منظومة "إس 400" من أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطوراً وتصيب أهدافها الجوية، أي الطائرات المعادية، بدقة.
اقتربت طائرات روسية من المجال الجوي التركي أو اخترقته مرات عدة منذ بدء الحملة الروسية في سوريا ضد "داعش" وأخواته من التنظيمات الإرهابية وعادت من دون تعرُّض الجانب التركي لها. فجأة، قررت أنقرة توجيه رسالة إلى موسكو مفادها أني "ما زلت هنا"، وبرغم أن الطائرة سقطت على الأراضي السورية، فإن أنقرة قالت إن ها هنا تركماناً لا "داعش" تقع حمايتهم على عاتقي.
تركيا ليست مسالمة مع الصراع في سوريا، فقد تورطت فيه الصراع منذ بدئه في "مارس 2011م"، واتخذت موقفاً مقاطعاً للرئيس السوري بشار الأسد منذ بداية الأزمة في "15 مارس 2011م"، فدعمت المعارضة السورية بالسلاح وسهلت دخول آلاف المقاتلين إلى سوريا منهم من قدم من دول أوروبية، ما دفع ألمانيا إلى انتقاد أنقرة ومطالبتها بأن تغلق حدودها أمام الإرهابيين. وأخيراً، كشفت موسكو النقاب عن أن النفط الذي يجمعه "داعش" ينقله عبر شاحنات إلى تركيا.
من زاوية النظر الروسية، فإن تركيا تجاوزت الخطوط الحمر المرسومة ولو ضمنياً في سوريا، قطعت موسكو العلاقات العسكرية معها ولا شك أن لإسقاط الطائرة تداعيات أخرى لأن الميدان السوري ما زال مشتعلاً والحزم الروسي سيتصاعد ضد الإرهابيين وصولاً إلى من يحميهم على الحدود. يصر أردوغان على إقامة منطقة عازلة في الشمال السوري تمتد من مدينة جرابلس إلى شواطىء المتوسط. ومع الافتراض أن هذا الأمر تحقق، كيف سيتصرف أردوغان، انطلاقاً من استهداف جيشه للطائرة الروسية، في مقابل إصرار بوتين على استهدف الإرهابيين أينما وجدوا على الأراضي السورية؟
لا يبدو إعلان أورلوف أن بلاده على استعداد لتشكيل "هيئة أركان مشتركة" ضد تنظيم "داعش" تضمّ فرنسا والولايات المتحدة، وحتى تركيا، أنه طوي لصفحة الحادثة بل محاولة أخيرة تهدف إلى إحراج أنقرة ومن يقف خلفها. من بعدها، سيكون بوتين حر التصرف في سوريا إذا رفضت تركيا والغرب الفكرة الروسية. فهل ستقف أنقرة متفرجةً على
تدمير موسكو لما رعته خلال أعوام في سوريا سواء المقاتلين "المعتدلين" أو الإرهابيين وكذلك المنطقة العازلة التي يلهج بها أرودغان؟ بالتأكيد لا يريد أردوغان خسارة كل شيء في سوريا، مثلما لن يقبل بوتين بإهانات أخرى.
أضيف بتاريخ :2015/11/26