دولية

بروكينغز: لماذا تفشل خرافة الديكتاتور الإصلاحي؟

 

نشر موقع مؤسسة "بروكينغز" مقالة بعنوان " لماذا تفشل خرافة الديكتاتور الإصلاحي؟" للمحلل السياسي روبرت كاغان والذي تطرق فيها لأسباب دعم واشنطن لولي العهد السعودي محمد بن سلمان وفشله كـ "مستبد إصلاحي".

ذكرت المقالة أن الأمريكيين رأوا في محمد بن سلمان شخصية "المستبد الإصلاحي" آملين بأنه يمكنه تحديث وقيادة المملكة السعودية من ماضيها المتخلف عبر إصلاح اقتصاد بلاده والتوفيق بين الإسلام والحداثة، إلا أن هذا الأمل تضاءل بعد الضربة التي تلقاها عندما بدا أنه أمر بقتل الصحفي "جمال خاشقجي" في تركيا.

وأشارت إلى أن الإصلاحات التي قام بها بن سلمان الإصلاحات تتطلب سيطرة ديكتاتورية تتضمن حبس رفاقه من العائلة المالكة وناشطي حقوق المرأة، والشخصيات الدينية المعتدلة وحتى الاقتصاديين الشباب الذين يثيرون أسئلة حول الأرقام المشكوك فيها الواردة في برنامجه "رؤية 2030"، فليكن ذلك، فلن يصلح هذا المجتمع التقليدي الجامد إلا "ثورة من الأعلى".

وبين كاغان أن تعاطف الأمريكيين مع الديكتاتورين يرجع إلى اعتقادهم بضورة هذه الإصلاحات وكأن على المجتمعات النامية - وفق قناعاتهم - أن تنتقل عبر مرحلة استبدادية قبل أن تصبح بلاداً ديمقراطية، حيث يمكن الوثوق فقط بالحكومات الاستبدادية في اتخاذ القرارات الاقتصادية الصحيحة، دون أن تتأثر بالضغوط الشعبي، وأضافت: "يُزعم أن المجتمعات غير الغربية تفتقر إلى العديد من العناصر الأساسية اللازمة للحفاظ على الديمقراطية، مثل حكم القانون والمؤسسات السياسية المستقرة والطبقة الوسطى والمجتمع المدني النابض بالحياة، ويعني ذلك أن فرض الديمقراطية عليهم قبل الأوان قد ينتج "ديمقراطية غير ليبرالية" وراديكالية، ويعد دور المستبد الاصلاحي – من وجهة نظرهم - هو إعداد هذه المجتمعات للانتقال إلى الديمقراطية في نهاية المطاف من خلال إرساء أسس الليبرالية".

وذكر معهد "بروكينغز" في المقالة المنشورة أن الأمريكيين يعتمدون على حجج كالتي ذكرها العالم السياسي "صموئيل هانتينغتون" في ستينيات القرن الماضي بأن ما تحتاجه المجتمعات الحديثة هو النظام وليس الحرية، وخلال أواخر السبعينيات، استخدمت "جان كيركباتريك" هذه الحجة للدفاع عن الديكتاتوريات اليمينية "الودية" بناء على نظرية بأنها قد تزدهر في النهاية إلى أنظمة ديموقراطية إذا دعمتها الولايات المتحدة ضد خصومها، لكنها ستفسح المجال للحكومات الشيوعية الراديكالية حال سحبت الولايات المتحدة دعمها.

 مشيرا إلى أن هذه الحجج رغم قوتها إلا أنه تبين أنه هراء وثبت عكسها حيث أن الحكومات الشيوعية هي التي أجرت إصلاحات أدت إلى تفككها وتحولها إلى الديمقراطية، مهما كانت ضعيفة، في هذه الأثناء، استمرت السلطوية في الشرق الأوسط وأماكن أخرى، باستثناء الأماكن التي سحبت الولايات المتحدة عنها الدعم، كما هو الحال في الفلبين وكوريا الجنوبية وشيلي، الذين تحولوا إلى الديمقراطية بعد سحب الدعم الأمريكي.

وذكرت المقالة أن فكرة "المستبد الإصلاحي" تبين أنها أسطورة نظرا إلى أن " الاستبداديين لا يرغبون في وضع أسس زوالهم، لهذا لا يقيمون مؤسسات سياسية مستقلة، ولا يعززون حكم القانون، كما لا يمكنهم السماح بمجتمع مدني نابض بالحياة، لأن ذلك من شأنه أن يهدد قبضتهم على السلطة، وبدلاً من ذلك، فإنهم يسعون إلى تدمير المؤسسات وقوى المعارضة التي قد تشكل في يوم من الأيام تحدياً لحكمهم الديكتاتوري".

وأشارت إلى أن أمريكا تبقي على هذه التوقعات لأسباب متعددة منها عنصريتهم حيث يفترضون بعض الشعوب ليست مستعدة للديموقراطية جراء تقاليديهم الدينية أو التاريخية، وأيضا عدم رضاهم عن عن فوضى الديمقراطية الأمريكية، "ووجود توق ملموس للرجل القوي الذي يستطيع أن يقطع كل الهراء السياسي وأن ينجز الأمور فقط، وهو التوق الذي يلعب عليه رئيس مثل "ترامب" بفعالية".

وبينت أن الأمريكيين يخافون من نتيجة الديموقراطية في أماكن أخرى كتلك التي كانت في حرب الباردة حيث كانت هناك مطالبات "بمزيد من العدالة الاقتصادية والاجتماعية، على حساب الاستثمارات الأمريكية، أما اليوم، فمع المطالبة بمجتمع ونظام سياسي أكثر انسجاما مع التعاليم الإسلامية، يخشى الأمريكيون من الخيارات التي سيتخذها الأشخاص الذين يُسمَح لهم بممارسة إرادتهم الحرة، لذلك يفضلون ما يسمى بـ "الثورة من الأعلى"".

ورأى كاغان أن أساليب الأمريكيين في التعامل مع الخصوم يؤدي إلى خلق معارضة أكثر راديكالية وجعل الثورة أكثر احتمالاً في مصر والمملكة السعودية وهو ما كانت واشنطن تأمل في تجنبها، والأسلحة التي كانت تتوسل إليهم ليشتروها منها سوف تنتهي في أيدي المتطرفين الذين كان من المفترض أن ينقذ المستبدون أمريكا منهم.

وختمت المقالة بالقول: " ويتساءل اليوم الداعمون الأمريكيون الذين دعموا وليّ العهد السعودي: لماذا كان أحمقاً جداً لدرجة أن يأمر بقتل خاشقجي؟ ولكن من الحمقى هنا؟ الديكتاتوريون يفعلون ما يفعله الديكتاتوريون، ودعمهم على أمل خدمة مصالح أمريكا الخاصة، يضر هذه المصالح فحسب".

أضيف بتاريخ :2018/11/21

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

فيسبوك

تويتر

استبيان