المونيتور : أزمة جديدة متوقعة بين #مصر و #السعودية بسبب تباين المواقف حول طبيعة وآلية التدخل في #سوريا
كشف موقع "المونيتور" الأمريكي أنه منذ إعلان المملكة السعوديّة استعدادها لإرسال قوّات بريّة للقتال في سوريا، إلى جانب قوّات التحالف الدوليّ الذي تقوده الولايات المتّحدة الأمريكيّة، ظهرت مؤشّرات الخلاف مرّة أخرى في الأروقة الدبلوماسيّة بين القاهرة والرياض التي كانت الشريك الاستراتيجيّ الأوّل لمصر مع تولّي الرئيس عبد الفتّاح السيسي الحكم، وإزاحة نظام الإخوان المسلمين عنه.
وقال الموقع في تقرير له، إن مؤشرات الخلاف بدأت مع رفض مصر الموقف السعوديّ، حيث أعلن وزير الخارجيّة سامح شكري في 16 فبراير، أنّ قرار السعوديّة والإمارات العربيّة المتّحدة بالتدخّل البرّي في سوريا أمر سياديّ منفرد وفق سياستهما الخاصّة، ولا يدخل في إطار القوّة الإسلاميّة لمواجهة الإرهاب، مؤكّداً ثبات الموقف المصريّ على دعم الحلول السياسيّة في سوريا، وهو ما لاقى ردود فعل غاضبة عبّر عنها إعلاميّون سعوديّون مقرّبون من دائرة الحكم، حيث وصفوا الموقف المصريّ بـ"المخزي" بالنسبة إلى السعوديّين والعرب.
وأضاف "المونيتور" على الرغم من النفي الدائم خلال المؤتمرات والمقابلات الصحفية للمسؤولين المصريّين والسعوديّين على حدّ سواء، لوجود خلاف قد يؤثّر على قوّة العلاقات بين البلدين، بدت الحقائق عكس ذلك؛ فبعيداً عن الفتور المتراكم بسبب تباعد الرؤى حول الملفّين السوريّ والإيرانيّ، امتدّت الخلافات للمرّة الأولى إلى ملفّات التعاون المشتركة بين البلدين، حيث ألغى رئيس الوزراء المصريّ شريف إسماعيل زيارته إلى السعوديّة التي كانت مقرّرة في 10 فبراير الماضي في شكل مفاجئ، من دون الإعلان عن أسباب واضحة أو تحديد موعد آخر.
وكان إعلان الملك سلمان بن عبدالعزيز عن هذه الحزمة الجديدة من المساعدات الماليّة جاء بعد مباحثات أجراها وليّ وليّ العهد السعوديّ محمّد بن سلمان في القاهرة في 30 يوليو من العام الماضي، للاتّفاق على آليّات تنفيذيّة لتطوير التعاون العسكريّ بين البلدين وإنشاء القوّة العربيّة المشتركة.
ونقل "المونيتور" عن مسؤول حكوميّ مصريّ، طلب عدم ذكر اسمه قوله إن: "تأجيل انعقاد المجلس التنسيقيّ المصريّ-السعوديّ هو لأسباب تتعلّق بعدم التوافق النهائيّ على طبيعة المشاريع التي عرضتها القاهرة، والقيمة الماليّة المقترحة لتنفيذ هذه المشاريع".
وأضاف المسؤول: "لم يتحدّد حتّى الآن موعد نهائيّ لانعقاد الاجتماعات، لكن هناك اتّصالات مكثّفة لسرعة الاتّفاق على المشاريع الاستثماريّة قبيل نهاية شهر مارس، حتّى يتثنّى اعتمادها خلال زيارة الملك سلمان المرتقبة إلى القاهرة في 4 أبريل المقبل، كما تأمل الحكومة المصريّة".
موضحاً: "ما يهمّ القاهرة من هذه المساعدات هو تأمين الحاجات البتروليّة لمدّة 5 سنوات بقروض ميسّرة، وبكميّات تُقدر بـ700 ألف طنّ سنويّاً"، مضيفاً: "الحكومة تتطلّع أيضاً إلى استثمار سعوديّ في مشاريع العاصمة الإداريّة الجديدة واستصلاح 1.5 ملايين فدّان والقطاعات العقاريّة والسياحيّة".
ويوضح "المونيتور" أن تصريحات المسؤول المصريّ وكواليس تأجيل اجتماعات المجلس التنسيقيّ تعكس حالة من التعثّر للمساعدات الماليّة السعوديّة المحتمل ضخّها إلى مصر في الفترة المقبلة، حيث يرى المراقبون أنّ القرار السعوديّ الآن تحكمه محدّدات عدّة تتعلّق بالموقف الإقليميّ المضطرب في اليمن وسوريا من جانب، وانخفاض أسعار النفط من جانب آخر، والحساسيّة المفرطة لدى الإدارة السعوديّة من أيّ موقف سياسيّ غير متطابق مع رؤيتها في أيّ من القضايا الإقليميّة، وهو ما ظهر في قرار إيقاف المساعدات التي كانت مقرّرة لتمويل الجيش اللبناني، بقيمة 3 مليارات دولار، على خلفيّة المواقف اللبنانيّة المناهضة للمملكة.
وأشار الموقع إلى أنه مع المؤشّرات المتدنّية لوضع الاقتصاد المصريّ، لا تزال القاهرة تربط مصير أيّ مشاركات عسكريّة عربيّة بما يمكن أن تحصل عليه من مساعدات ماليّة لتحسين الوضع في الداخل، خصوصاً وأنّ الأوضاع الداخليّة ليست في مستوى من الرفاهيّة لتحمّل الدخول في مواجهات عسكريّة في اليمن أو سوريا، وهو الموقف نفسه الذي حكم قرار مصر في الدخول كلاعب رئيسيّ في حرب الخليج خلال حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث حصلت مصر وقتها وفق تقديرات صندوق النقد الدوليّ على مساعدات وهبات خليجيّة بقيمة 100 مليار دولار، دفعت منها السعوديّة 10 مليارات دولار، فضلاً عن مشاركتها في إعفاء ديون مستحقّة على مصر إلى دول أجنبيّة.
وأوضح الموقع الأمريكي أن القاهرة بعثت برسائل غير مباشرة خلال عام 2015، تلوّح فيها بالاعتراض على التدخّلات العسكريّة خارج البلاد، منها تصريح للرئيس السيسي في أبريل 2015، قال فيه: "الجيش المصريّ لمصر مش لأيّ حدّ تاني"، ثم سماح قوّات الأمن المصريّة في الشهر نفسه بتنظيم تظاهرة أمام السفارة السعوديّة في القاهرة، ندّدت بالتدخّل السعوديّ في اليمن، واستقبال وفد يمثّل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، وهو ما قابلته المملكة العربيّة السعوديّة بإقصاء مصر خلال إدارة الحوار مع الفصائل اليمنيّة قبيل مفاوضات جنيف في يونيو 2015.
وعن التنسيق العسكريّ المصريّ-السعوديّ، يقول الخبير الأمنيّ ومدير المركز الوطنيّ للدراسات الأمنيّة العميد خالد عكاشة في حديث إلى "المونيتور": "اختلاف الرؤى بين الحلفاء أمر طبيعيّ ومقبول، ويمكن إدارة الخلاف عبر القنوات المفتوحة دائماً بين القاهرة والرياض".
وأوضح عكاشة: "الخلاف المصريّ-السعوديّ حول التدخّل البرّي في سوريا لا ينسحب بالضرورة على قضايا التنسيق العسكريّ الآخرى، وهو ما تؤكّده مشاركة الرئيس عبد الفتّاح السيسي في ختام مناورات رعد الشمال العسكريّة في السعوديّة، التي تؤكّد استمرار مسارات التعاون العسكريّ في إطار تدشين القوى العسكريّة العربيّة المشتركة، حتّى في وجود تباين في الرؤى والمواقف في خصوص الملفّ السوريّ".
وبحسب المراقبون فأنّ سياسات المملكة السعوديّة في التنسيق مع مصر والتحالف معها، تهدف في الأساس إلى إحياء التحالف السنّي في المنطقة في مواجهة إيران، العدوّ السياسيّ الأوّل للمملكة العربيّة السعوديّة، لكن لا تزال القاهرة تعرقل هذه الرؤية بسبب الخلاف المصريّ-التركيّ.
يقول عكاشة: "مصر لا يزال موقفها ثابتاً تجاه تركيا، لكن يمكن تفكيك هذا العداء في حال وجود مبادرات جدّية من الجانب التركيّ، فلا يوجد في السياسة عداء دائم ولا أبديّ".
وختم "المونيتور" تقريره بالقول: تبقى التساؤلات مطروحة حول مدى استخدام السعوديّة ورقة الدعم وضخّ المساعدات إلى مصر، مقابل تبنّي القاهرة مواقف واضحة وصريحة ومتطابقة مع رؤية المملكة العربيّة السعوديّة، خصوصاً في ما يتعلّق بالحسم العسكريّ للأزمتين اليمنيّة والسوريّة ومواجهة التدخّلات الإيرانيّة في المنطقة، وهو ما ستكشف عنه أجندة الملك سلمان خلال زيارته المرتقبة إلى القاهرة في مطلع الشهر المقبل.
أضيف بتاريخ :2016/03/18