إقليمية

#معهد_واشنطن: الدعم السعودي الموعود لـ #لأردن: بأي ثمن؟

 

تساءل "معهد واشنطن" لسياسة الشرق الأدنى عن الدعم السعودي للأردن: بأي ثمن؟ مشيراً إلى أنه في أوائل أبريل، وافقت المملكة السعودية على منح مصر حزمة مساعدات مالية بلغت قيمتها 22 مليار دولار.

 

وأردف كاتب التقرير "ديفيد شينكر" قائلاً  "لكنّ هناك حدثاً آخر لربما على نفس القدر من الأهمية  إنما لقي ترويجاً إعلامياً أقل، ألا وهو إنشاء "مجلس التنسيق السعودي الأردني" في 27أبريل، وهو آلية "ستفتح الطريق أمام ملايين الدولارات" للمملكة التي تعاني من أزمة مالية وفقاً للمسؤولين الأردنيين".

 

وكشف الكاتب أنه وفقاً لبعض التقارير، كان باسم عوض الله - وهو وزير أردني سابق تولى رئاسة الديوان الملكي ويشغل حالياً منصب المبعوث الخاص للملك الأردني عبد الله إلى المملكة السعودية - قد تفاوض على هذا الاتفاق خلال الأشهر الماضية، إلا أن تفاصيله لا تزال غير واضحة.

 

ولفتت الكاتب إلى أن التصريح الرسمي الوحيد الذي صدر حتى الآن لم يتعدَّ كونه مجرد بلاغ مشترك مهدّئ صدر في حفل التوقيع ولم يأتِ على ذكر أي أرقام للمبالغ المالية. لكنّ عوض الله أعلن أن "المجلس" الذي يرأسه ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور سيستثمر مليارات الدولارات السعودية في "القطاعات الاقتصادية الرائدة" في الأردن، واضعاً نصب عينيه إيجاد فرص عمل، وزيادة الإنتاج، وفتح أسواق جديدة.

 

"وهذا الصندوق الذي يُقال إنّه يأتي في إطار مبادرة «رؤية عام 2030» التي كشفت عنها السعودية مؤخراً والهادفة إلى تقليل درجة اعتماد المملكة على عائدات النفط، سيركّز استثماراته في "منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة". لكنّ الأمر الأكثر إثارة للجدل هو أن عوض الله لفت إلى أن الرياض ستتعاون أيضاً مع عمّان لتطوير قطاع الطاقة النووية الوليد في الأردن"، بحسب التقرير.

 

وقال الكاتب إنه "في الوقت الراهن، تدرس عمّان مشروعاً بقيمة 10 مليارات دولار لبناء مفاعلين نووين روسيين بطاقة تبلغ ألفي ميغاواط وبتمويل جزئي من موسكو. لكنّ الأردن سيضطر إلى اللجوء إلى جهات تمويل أخرى للحفاظ على حصة الرئاسة في المشروع، وثمة احتمال كبير في أن تكون الرياض من ضمن هذه الجهات. هذا وقد صرّح عوض الله أن التمويل السعودي سيكون موجّهاً أيضاً نحو استغلال رواسب الأردن الكبيرة من اليورانيوم الخام - والبالغة 35 ألف طن وفقاً لبعض التقارير - والتي تدّعي عمّان أن لها الحق في تخصيبها".

 

ورأى الكاتب أنه ليس من المؤكد بتاتاً أنّ "المليارات المرتقبة التي سيُفرج عنها" ستجد طريقها إلى الأردن. فقد أثبتت الرياض على مرّ التاريخ أنها متقلبة إلى حد ما في تحقيق تعهداتها المالية العديدة إلى الدول العربية. ففي عام 2011، منح «مجلس التعاون الخليجي» عضويةً فخرية للأردن وقدّمت لها السعودية دعماً نقدياً بالغ الأهمية بقيمة 1.5 مليار دولار، عندما كانت المملكة الهاشمية تواجه عجزاً في الميزانية بلغ 3 مليارات دولار. لكن منذ ذلك الحين، تراجعت المساعدات المالية التي تقدمها الرياض إلى عمّان إلى حدّ كبير. ويفترض البعض أنه قد تم تحديد المساعدات لأن الأردن تردد في تقديم الدعم العسكري المعارضين السوريين الذين يحاولون إسقاط نظام الأسد، على الرغم من الضغوط السعودية.

 

وأردف بقوله: "لكن على مدى العامين الماضيين، انضم الأردن إلى التحالف الذي تتزعمه السعودية ضد تنظيم «داعش» ونشَر طائراته في السعودية لاستهداف الحوثيين في اليمن، كما قام مؤخراً بخطوة مهمة تمثلت بسحب سفيره من إيران في 16 أبريل وذلك قبل أسبوع من إنشاء "مجلس التنسيق". وفي يناير، كانت السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد قد تعرّضتا للتخريب على يد "المحتجّين" بتشجيع من الحكومة الإيرانية على ما يبدو، الأمر الذي دفع السعوديين بالتالي إلى قطع العلاقات الدبلوماسية معها.

 

وأكد الكاتب إن هذه السياسات الأردنية تعتبر من صالح المملكة السعودية يقيناً، لكنّها تبدو متواضعة جداً من أن تضمن عودة الرياض عن بخلها السابق. متسائلا: فإذا كان من المزمع فعلاً تقديم حزمة كبيرة من المساعدات السعودية إلى الأردن، ما هي الالتزامات الجوهرية الأخرى التي تعهدت بها عمّان لكي تحصل على مثل هذا الدعم المالي؟

 

وقال الكاتب إنه بغض النظر عن الجواب على هذا السؤال، فإنّ أي مساعدة تقدمها السعودية بالفعل ستأتي في وقت حاسم بالنسبة إلى عمّان. فالآثار الناجمة عن الحرب السورية تقوّض الاقتصاد الأردني وتعيق السياحة والتجارة وغيرها من القطاعات. أضِفْ إلى ذلك أن المملكة الأردنية تستضيف أيضاً 1.4  مليون لاجئ سوري ويصل معدل البطالة الرسمي فيها إلى 12 في المائة، ومعدل البطالة بين الشباب إلى 30 في المائة. وفي أواخر أبريل، اضطر وزير المالية الأردني عمر ملحس إلى خفض معدل النمو المتوقع للسنة المالية 2016/2017 من 3.5  في المائة إلى 2.7  في المائة بسبب تدهور الأوضاع.

 

وأضاف الكاتب أنه نظراً إلى واردات الأردن الإستراتيجية إلى الولايات المتحدة والمخاوف بشأن استقرارها، من المقرر أن تقدم واشنطن إلى المملكة الأردنية دعماً اقتصادياً وعسكرياً لا يقل عن 1.275  مليار دولار للسنة المالية 2016/2017.

 

مشيراً إلى أن هذا المبلغ غير المسبوق - كونه يتعدى حزمة المساعدات الأمريكية الأكبر السابقة في السنة المالية 2003/2004 حين قدمت واشنطن 1.1 مليار دولار للتخفيف من آثار غزو العراق - يساوي أكثر من 10 في المائة من ميزانية الأردن للسنة المالية 2016/2017.

 

واختتم الكاتب بالقول: "إن السياسات المالية الناشطة التي تنتهجها الرياض قد توفّر للأردن راحة اقتصادية كبيرة. مع ذلك، فإن التكاليف السياسية التي تتكبدها عمّان هي أقل وضوحاً. وما علينا هنا سوى النظر إلى مصر. فالهبة السعودية البالغة قيمتها 22 مليار دولار أنقذت على الأرجح مصر من انهيارٍ مالي؛ وفي مقابل هذا السخاء تخلّت القاهرة عن سيادتها على جزيرتين صغيرتين في البحر الأحمر لصالح المملكة السعودية. وبعد مرور شهرٍ على ذلك، لا تزال تداعيات تبادل تلك الهدايا تدوّي حتى اليوم، وتتمثّل بأضخم الاحتجاجات التي شهدتها مصر خلال العامين الماضيين والزاخرة بالدعوات المطالبة بإسقاط الحكومة".

أضيف بتاريخ :2016/05/11

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد