إعدام الشيخ النمر... حسابات السعودية الخاسرة
يعرف المقررون في العائلة الحاكمة السعودية سبب اختيار توقيت إعدام الشيخ النمر، ولكن معرفتهم قد لا تكون كافية في ميزان الربح والخسارة من جراء هذه الخطوة التي سببت توتراً مع إيران، وزادت الاحتقان في المملكة.
أعدم الشيخ النمر في مرحلة متوترة داخلياً وإقليمياً لإظهار سطوة سعودية. كان الشيخ في حياته منادياً بالإصلاح بحضارية وسلمية، زجت به السلطات في السجن، فتحول إلى رمز للمطالبين بالديمقراطية وهم شريحة ليست صغيرة في المملكة، ولا تجمع مذهباً واحداً بل تضم متململين صامتين من الحال السيئة سياسياً واقتصادياً التي وصلت إليها المملكة. زاد إعدامه النقمة داخل هذه الشريحة على الحكم، وجرى التعبير عنها بتظاهرات بقيت سلمية حتى الآن. كما أن الإعدام جاء مع تردي الأوضاع الداخلية على مستويات عدة كالعجز في الموازنة والتقشف المتصاعد، والإخفاق الواضح في اليمن، وهبوط أسعار النفط التي ستضر بالمملكة كثيراً.
الارتداد الأبرز على السعودية من جراء هذه الخطوة تمثل باعتراض إيران القوي، والذي بلغ ذروته شعبياً باقتحام السفارة السعودية في طهران، فاندفعت الرياض إلى قطع العلاقات معها. هذا التوتر يؤذي البلدين الذين يتواجهان في أكثر من ساحة، بيد أن الأذى اللاحق بالمملكة هو أكبر. فإيران على وشك قطف الثمرة من توقيعها الاتفاق النووي وفتح أبوابها للاستثمارات، أما السعودية فتمر بمرحلة صعبة بسبب اقتصادها الذي يعتمد على النفط والذي تتهاوى أسعاره، وحربها على اليمن التي تستنزفها كل يوم، وعدم تحقيقها إنجازاً في سوريا يمكنها من التفاوض من موقع قوة مع دمشق وطهران.
تصعّد السعودية في السياسة من قبيل خطوة قطع العلاقات مع إيران، وتصعّد في الميدان، كاليمن مثلاً، لكنها ستضطر إلى التفاوض مع إيران لوقف الحرب في هذا البلد، بينما تسير إيران بخطى حذرة إلى حد ما في السياسة، فهي لم تقفل الأبواب كلياً في وجه الرياض، ولا هي تحاول استرضائها. وبينما تجهد السعودية بإغراء دول عديدة مثل مصر وتركيا بالاستثمارات لضمانها كحلفاء لها، تتأهب إيران لاستقبال الاستثمارات وهي تصدّر النفط بأسعار تنافس فيها السعودية.
لو أن السعودية أبقت على الشيخ النمر سجيناً لكان ذلك أهون الشرين لها. لكنها، بإعدامه، استدرجت انتقادات دولية وتسببت بأزمة، وساهمت في زيادة الاحتقان الداخلي، وهو أخطر ما في الأمر.
أضيف بتاريخ :2016/01/08