تقرير خاص: عام على تولي الملك سلمان الحكم… أي ’حزم وعزم’؟
عام كامل مر على تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز منصبه لكنها تُعد من أسوأ السنوات في تاريخ السعودية، بحسب ماذكرته صحيفة "صانداي تايمز".
ففي يوم الثالث من ربيع الثاني أعلن الديوان الملكي السعودي وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ليخلفه في الحكم سلمان بن عبدالعزيز آل سعود كملك للبلاد، ويبدأ معه تاريخ جديد في العهد الملكي.
استفتحت المملكة عهدها الجديد في الخامس من جمادى الثاني ١٤٣٦هـ، بالإعلان عن عملية عسكرية ضد اليمن. تحت اسم "عاصفة الحزم" قادت المملكة الحرب بمشاركة تحالف دولي تقوده المملكة، ويضم 10 دول وفق ما أعلنت. إلا أن الجهود والمنح فشلت في الاستفادة من هذه الدول، اذ تمنعت مصر وباكستان، فيما أظهرت المعارك أن المشاركة الفعلية قادتها القوات السعودية والإماراتية، وقوات تعود لشركة "بلاك ووتر".
الحرب مستمرة منذ ما يزيد عن إحدى عشر شهراً، كبّدت الجيش السعودي 2000 قتيل و4850 جريحاً، بالإضافة إلى تدمير أو تعطيل 450 دبابة ومدرعة و4 طائرات أباتشي وطائرة ف-15 وتدمير 3 زوارق واصابة 2، وفق ما أعلن المغرد "مجتهد" في ديسمبر الماضي.
ورغم التكاليف الباهظة التي أُنفقت على حرب اليمن، إلا أن السعودية فشلت في تحقيق أي من أهدافها المعلنة، كما أنها لم تتمكن حتى اليوم إلى كسب أي إنجاز ميداني تطمح إليه قبل الذهاب إلى طاولة المفاوضات.
الباحث الأميركي سيمون هندرسون وصف القتال في اليمن بأنه مكلف جداً من الناحية المادية وتوقع له أن "يستمر لمدة طويلة من دون أن يأتي بنتائج واضحة"، و في مارس الماضي قالت صحيفة "دير شبيغل" إن العملية العسكرية السعودية في اليمن فشلت في تحقيق أهدافها ، وأضافت: "بعد أربعة أسابيع من الحرب ومئات القتلى تريد السعودية الآن حل سياسي للصراع على السلطة في اليمن".
أما صحيفة "الاندبندنت" البريطانية فتحدثت أن المملكة أغرقت نفسها في "حرب وحشية في اليمن لا تبدو لها نهاية في الأفق"، و أن السعودية أحرقت المليارات على العدوان الذي تشنه ضد اليمن وحربها في سورية.
وهو ما دفع الكاتب الأيرلندي "باتريك كوكبرن" إلى وصف سياسات السعودية الحالية بالمتهورة، قائلاً إنها تسعى إلى "شل العالم العربي من خلال تورطه بحروب بالوكالة في سوريا واليمن"، ونقل عن تقرير وكالة الاستخبارات الألمانية، أن "السعودية أضحت تنتهج خيارات أكثر عدوانية وسياسة محبة للحروب، كالحرب في سوريا واليمن".
التحالف الاسلامي بعد مأزق العاصفة
و في منتصف ديسمبر2015م، تفاجئ العالم بإعلان المملكة عن تشكيل تحالف إسلامي عسكري يضم 34 دولة، سمع معظمها خبر انضمامهم إلى عن طريق الإعلام حالها حال الرأي العام. الكاتب المصري الشهير «محمد حسنين هيكل» علق في تغريدة له على «تويتر» أن السعودية اتجهت لتشكيل التحالف الإسلامي «بعد فشل عاصفة الحزم»، معتبرا أن السعوديين قد لجؤوا إلي هذا الحل «للخروج من المأزق».
وسخر "هيكل"من تشكيل التحالف في تغريده أخرى له بالقول «فلسطين قريبة»، كما ألمح في سلسلة تغريدات لأن هذا التحالف «بلا رؤية» و«لا تنسيق» أو «آليات محددة».
الإرهاب يضرب داخل المملكة
أما على مستوى الداخل فقد عجزت الدولة عن التصدي لتمدد الإرهاب. في الثالث من شعبان نفذ إرهابي عملية انتحارية في مسجد الإمام علي "ع" بالقديح بمحافظة القطيف ، وأسفر الحادث الإرهابي الذي تبنته منظمة "داعش" الإرهابية، عن ٢٣شهيدا وعشرات الجرحى، شيّعهم الآلاف وسط إجراءات أمنية مشددة .
وفي الحادي عشر من شعبان أيضاً، و أثناء أداء المصلين لصلاة الجمعة في جامع الإمام الحسين في حي العنود فجر انتحاري متنكر بزي نسائي نفسه خارج المسجد بعد محاولة فاشلة لدخوله مما أسفر عن مقتله، واستشهاد أربعة أشخاص عرفوا بعدها بـ "حماة الصلاة".
ولم تكن المنطقة الشرقية وحدها من كانت على موعد مع التفجيرات الإرهابية فقد فُجرت سيارة مفخخة أمام نقطة تفتيش على طريق الحائر – الرياض، ما أدى إلى إصابة عنصرين من الشرطة، وسرعان ما تبناه تنظيم داعش، كما تبنى التنظيم الإرهابي تفجير أبها الذي راح ضحيته شخصا بينهم ١٢ عنصرا في الشرطة.
وفي شهر أكتوبر نفذ مسلحون إرهابيون هجوماً مسلحاً استهدف الحسينية الحيديرية بمدينة سيهات بمحافظة القطيف، ما أوقع ٥ شهداء، وفي أواخر الشهر نفسه، استهدف تفجير إرهابي مسجداً يعود للطائفة الإسماعيلية في نجران جنوب السعودية، ونتج عنه شهيدين و عدة إصابات.
إخفاقات داخل الحرم المكي تنتهي بكارثة منى ..
و في نهاية شهر ذي القعدة ،سقطت رافعة ضخمة في الحرم المكي،مما أدى إلى استشهاد ١٠٧أشخاص وجرح ٢٣٩ شخص.
وفي التاسع من ذي الحجة "يوم عرفة" سجل التاريخ أكبر حادثة في المشعر الحرام بمكة "حادثة تدافع منى"، الذي أوقع ضحايا من ١٨٠ بلدا بينهم إيران ومصر وباكستان و الهند والمغرب و السودان وغيرهم من الدول. صُنفت بالحادث الأكثر دموية في تاريخ الحج، والتي راضح ضحيتها 2121 ضحية، حسب تعداد أجرته وكالة أنباء أسوشييتد برس.
صحيفة "الاندبندنت" حمّلت مسؤولية السلطة السعودية مسؤولية الفاجعة، برغم محاولت الأخيرة إلقاء المسؤولية على عاتق الحجاج، مدعية عدم الانضباط في سلوكهم، ونقلت الصحيفة البريطانية عن شهود وجود رجال طوارئ غير مدربين، وأشارت إلى ما تردد عن إغلاق طريقين من أجل مرور أفراد في العائلة المالكة.
حتى المستشفيات لم تخلو من كارثة
وفجر الخميس ٢٤ ديسمبر الجاري اندلع حريق ضخم بمستشفى جازان العام، نتج عنه ١٤٨ضحية بين عدة حالات وفاة وإصابة، حتى أُطلق على الفاجعة اسم "الخميس الدامي".
عجز اقتصادي لأول مرة!
وفي سابقة من نوعها، أعلنت المملكة السعودية عجزاً في ميزانيها تجاوز ٨٠ مليار دولار في أواخر ديسمبر الماضي .
العجز جاء يؤكد توقعات العديد من خبراء الاقتصاد، وسبقه بأشهر تقرير نشرته صحيفة "الاندبندنت" البريطانية أشارت فيه إلى أن السعودية تحرق المليارات من مخزونها المالي بشكل غير مسبوق للحفاظ على سعر النفط المتدني "٥٠ دولاراً للبرميل"، وفي نفس الوقت تلبي الاحتياجات الخاصة بالعدوان الذي تشنه ضد اليمن وحربها في سورية.
وتوقعت الصحيفة يومها أن السعودية ستتضرر من سياسة إغراق السوق بالإنتاج النفطي. وهي سياسة اعتمدتها المملكة لضرب الاقتصاديين الإيراني والروسي، ولمنع الأميركيين من استخراج النفط الصخري.
وفي حديث لـ محمد سنوسي الثاني، أمير منطقة كانو في شمال نيجيريا والمحافظ السابق لبنكها المركزي،مع CNN علق بقوله: إن خطوة المملكة السعودية بإغراق أسواق النفط بإنتاجها اليومي هو خطأ ارتكبته المملكة سابقا ولم يستفد منه أحد.
أما الأسهم السعودية فقد سجلت في العام الماضي أسوأ أداء منذ عام ٢٠٠٨، بضغط من معظم القطاعات والأسهم، لتغلق عند 6911 نقطة بخسائر وصلت نسبتها 17 في المائة وبذلك فإن السوق تفقد نحو ٢٣٣مليار ريال من قيمتها السوقية، بحسب صحيفة الاقتصادية السعودية الصادرة في ٤ يناير 2016م.
العجز الاقتصادي الذي ضرب المملكة دفعها إلى فرض سياسات جديدة، من ناحية رفع الدعم على أسعار المحروقات، وفرض ضرائب على المياه والكهرباء، وحتى اللجوء إلى فرض ضريبة القيمة المضافة التي سيتم تطبيقها بعد أشهر… وهو ما دفع بمحمد بن سلمان للحديث عن خطة لطح شركة "أرامكو" للاكتتاب.
عاماً ينتهي بإعدامات جماعية
وفي عهد الحزم، استفتحت المملكة العام الجديد ٢٠١٦م بحملة إعدامات طالت ٤٧ شخصا، خلطت بين الإرهابين وأصحاب الرأي في محاولة منها لتغطية جرمها بإعدام رجل الدين البارز الشيخ الشهيد "نمر باقر النمر"، ونتج عن إعدام الشيخ وبقية المظلومين معه ردود فعل عالمية، تسبب بتفاقم الأزمة بين السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وبعد هذا الحصاد الذي أنتجته المملكة السعودية في عهد الملك سلمان، السؤال الذي يُطرح أي "حزم وعزم" احتفت به الصحف السعودية، هل هو الفشل الأمني؟ أم المأزق العسكري؟ أو انه العجز الاقتصادي… أو لعلها حفلة "فرم الروؤس" لكل من عارض او انتقد؟!
أضيف بتاريخ :2016/01/13