تقرير خاص: ’فاضل الشعلة’ فتيل القضية
"وحيدا في سجنه في كل مرةٍ يُفتح فيها الباب يظن بأنها الأخيرة فربما سيخرج دون عودة إليه ..لا ليذهب إلى حضن أمه كي تمسح على رأسه بعد طول غياب بل ليُقطع بالسيف.. ياإلهي، كيف لأمٍ أن تحتمل هذا؟!"
-فاضل الشعلة-
في الوقت الذي خفتت فيه أصوات الكثيرين من مثقفين وكتاب وعلماء، كان صوت السيد "فاضل الشعلة" يرتفع وسط الصمت: " أيها العلماء، أيها الوجهاء، أيها الخطباء، أيها المثقفون، أيها النشطاء،يا أهل القطيف كل القطيف، استعدوا قريبا للبس السواد وحضور سبع فواتح بينهم عمامة وبدون تشييع. وختم بقول :فقط أحب إخباركم بأنها ستبدأ بسبعة ولن تنتهي بهم."
من هو فاضل الشعلة؟
هو من سكان حي الناصرة بمحافظة القطيف في المنطقة الشرقية. وفي حسابه على "تويتر" يُعرف السيد "فاضل جعفر الشعلة" عن نفسه بأنّه "كاتب سيناريو ومدير شركة قيثارة للإنتاج والتوزيع الفني، ومديرمجموعة قطيف فريندز ". وقد أنتج الشعلة عدة أفلام سلطت الضوء على مشاكل اجتماعية وتناول فيها قضايا مثل "الوحدة الإسلامية"،أو عقليات وأدبيات الإرهاب كما في فيلمه القصير الأخير "مسافة حزام".
كل من في القطيف يعرف "فاضل الشعلة"، ويحدث عنه وكثير منهم تفاعلوا معه أو تأثر به. تروي إحدى أخوات المعتقلين في مقابلة مع "خبير" عن اهتمامه بقضية المعتقلين وتواصله الدائم مع عوائلهم. تقول: "كان دائم السؤال عن أخي، ويوم صدر حكم الإعدام بحق الشيخ النمر والآخرين… اتصل بي مستفسراً: هل تمت محاكمة أخيكِ؟ أذكر تماماً أنه سألني يومها عن وضع أخي الصحي والنفسي في آخر زيارة إليه".
الشيخ النمر صمام الأمان
حمل الشعلة قضية الإعدام على محمل الجد منذ أن صدر حكم الاعدام بحق الشيخ النمر. وعتب على مجتمعه انشغالهم عن القضية في ظروف رأى فيها محنة لكل الوطن.
في احدى مواقفه قال "الشعلة": "آخر تهمة يمكن أن نتخيلها في حق الشيخ نمر هي اتهامه بالعنف والدعوة إلى استخدام السلاح، فها هي خطبه تصدح بالسلمية والتحذير من الانجرار إلى العنف وكلماته تلك صمّام الأمان من أن ينجر الشباب إلى استخدام السلاح".
وضمن مجموعة من النشطاء والمثقفين، طالب "الشعلة" بإلغاء حكم إعدام "الشيخ النمر"، مصرحاً: "نتعجب أن يُحكم بالإعدام على رجل معارض بالكلمة فتلك حرية رأي يكفلها العقل والدين وحقوق الإنسان"، وأكد بأن "الحل هو إطلاق سراح جميع المعتقلين وفتح حوار حقيقي لرفع كل هذا الاحتقان، فالاعتراف بالداء أول الدواء ".
خبثاء النار
يتحدث مقربون من السيد الشعلة عن سعة أفقه وتعاطيه المسوول مع أحداث شهدتها القطيف. ينقل أحد أصدقائه تعليقه على حادثة إطلاق نار على رجال الأمن في القطيف؛ يومها علّق الشعلة بالقول: "أكبر الخاسرين من إطلاق النار على رجال الأمن في القطيف هم نحن وخصوصا المعتقلين بعد الأحداث وبالأخص المحكومين بالإعدام."
ورأى أن "مثل هذه العملية تريد أن تثبت للرأي العام بأن من أطلق النار هم امتداد لهؤلاء المعتقلين ولمن حُكم عليهم بالإعدام وأن منهجهم القتل والعنف وبالتالي تضعف جميع المحاولات الساعية الآن بوقف تنفيذ الإعدام حيث لا غطاء شعبي لها ولا حكومي"، ووصف مطلقي النار لأي جهة انتموا بأنهم "خبثاء".
سأصلي الجمعة في العوامية
وبعد حملة التشويه التي شنتها الصحف الرسمية على بلدة العوامية تمهيداً لتنفيذ حكم الإعدام بحق الشيخ النمر وآخرين، كان السيد الشعلة من أول الداعين إلى التضامن مع البلدة العوامية.
وفي ٌطار التفاعل مع هاشتاق "#سأصلي_الجمعة_في_العوامية"، كتب الشعلة : "...أقل ما نقدمه أن نصلي الجمعة القادمة على أرضها في جمعة موحدة".
وتابع: "طلبي من كل شخص سيصلي غدا هناك أن يكتب في صفحات التواصل الخاصة به #سأصلي_الجمعة_في_العوامية ، وذلك تشجيعا لأصدقائه وأقربائه وحثهم على الحضور، من أجل دموع أمهات المحكومين بالإعدام...أرجوكم افعلوها."
وبعد النجاح الذي حققته جمعة التضامن الأولى كان السيد الشعلة من الداعين إلى جمعة تضامن كبرى في القطيف، وقال "يا أصدقائي لا أظن أن أي شخص منكم متواجد في البلد لن يشارك غدا في الصلاة الموحدة، هذه الصلاة من أفضل الطرق السلمية والحضارية في أن نوصل صوتنا المطالب بإلغاء أحكام الإعدام".
حاول "الشعلة" أن يُحيي قضية المحكومين ويجعلها مشتعلة حاضرة في نفوس الأهالي، وأن يأخذوا الحكم على محمل الجد، ويحملها قضية له حتى منع إيقاف التنفيذ.
ولما للسيد الشعلة من شعبية كبيرة في القطيف، تفاعل الكثير مع دعواته بالحضور في جمعات التضامن وكان لها أثرا كبيراً بين الأهالي. "الموكب الموحد بالقطيف" كانت آخر فعالية شارك بها السيد الشعلة استنكاراً لأحكام الإعدام وللمطالبة بمحاكمات عادلة للمعتقلين.
توقيف الشعلة
يوم الأبعاء "16 ديسمبر" تم استدعاء الشعلة للتحقيق، ليتم توقيفه دون توجيه تهمة واضحة له. يطوي السيد "الشعلة" شهراً على توقيفه دون تهمة واضحة. "صحيفة خبير" حاولت التواصل مع المتابعين لقضية الناشط "فاضل الشعلة" للوقوف على أسباب اعتقاله، فجاء الرد: "لا جديد في قضيته. لايزال موقوفاً على ذمة التحقيق دون توجيه أي اتهمات".
هذا الكلام يفسره القطيفيون: اعتقال "الشعلة" مرتبط بتنفيذ أحكام الإعدام الأخيرة بحق الشهيد الشيخ نمر باقر النمر والفتية الشهداء.
يوضح هولاء أن خشية السلطة من صوته الحر وتأثيره في الشارع كان وراء تغييبه قبل تنفيذ الحكم بأسبوعين فقط. ظنت السلطة أن تغييب الشعلة عن الساحة يضمن ردة فعل يمكن ضبطها بعد الاعدامات.
تقتنع السلطة أن لا علاقة تربط "الشعلة" بالشيخ الشهيد، إلا آن ما خبرته من جرأته على مهاجمة أحكام الإعدام وانتقاد الصمت إزاءها يبرر لها إقدامها على توقيفه.
غُيِّب السيد "فاضل الشعلة" عن الشارع الغاضب من خلال تمديد أيام توقيفه.
نُفذت أحكام الإعدام بـ الشيخ الشهيد النمر وثلاثة آخرين لاقترافهم "جُرم" المطالبة بالإصلاح…. ومازالت الشعلة!
أضيف بتاريخ :2016/01/16