#حمزة_الحسن يطرح قراءة لمجريات الوضع الإقليمي الراهن
تحدث الباحث والكاتب السياسي د.حمزة الحسن عن مجريات الوضع الإقليمي الراهن في سلسلة تغريدات بحسابه الخاص بـ "تويتر" يوم الأربعاء، مستعرضا عدة ملفات شابها الكثير من التساؤلات والاستفهامات إضافة إلى التجاذبات حولها وصولا إلى الاختلافات في مجمل القراءات تلك الأحداث.
وسلط الحسن الضوء خلال قراءته للوضع الإقليمي على "الحوار الإيراني الأمريكي، إمكانية الحرب والسلام، تشكيل الناتو العربي، الموقف السعودي والخليجي، إمكانية النجاح، آفاق المستقبل."
وقال الحسن: "بدا واضحا أنه بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، أن مواجهة من نوع ما ستقع في المنطقة. أمل السعوديون والإسرائيليون أن تكون حرباً إيرانية أمريكية، تكون نقيضاً لسياسة أوباما بحيث تهدف إلى: تحجيم دور إيران الإقليمي/ وإن أمكن إسقاط نظامها السياسي.
وأضاف: "بهذا الحلم: تستعيد الرياض دورها الإقليمي الآفل والمتآكل. وكذلك يأمن الكيان الصهيوني من أي خطر "شمالي قادم" ويمكن تمرير صفقة القرن معها. والبداية: انسحاب من الاتفاق النووي، مرفق بحرب اقتصادية وحصار غير مسبوق، كما قال ترامب، فلا أفق حينها برأيهم إلا للحرب أو الخنق والموت الداخلي".
حوار أمريكي إيراني..
وتابع أن "الذي حدث وشكّل خلفية لما يقال عن احتمال حوار أمريكي إيراني هو التالي: أ/ أن الحصار النفطي لإيران أُجهض قبل أن يبدأ رغم انه ركيزة أساسية لما هو آت. فالمورّدون الأساسيون: الهند والصين وتركيا وحتى الاتحاد الأوروبي وروسيا قرروا الاستمرار في شراء النفط."
لافتا إلى أن "هذا يعني أن أمريكا ـ في حال أرادت معاقبة من يشتري النفط الإيراني ـ أنها قد فتحت معركة اقتصادية غير التي فتحتها حتى الآن، مع دول عديدة أخرى، إضافة إلى الحرب التجارية القائمة. وهذا يعني عزل أمريكا بدلا من عزل إيران، وإثقال السياسة الخارجية بمشاكل لا أول لها ولا آخر".
إضافة أن ماحدث هو: ب/ أن الاتفاقية النووية بقيت حية. فعكس ما هو متوقع لم تنسحب إيران. وأصبحت أمريكا بناء على ذلك هي المعزولة ومن رافقها (إسرائيل وأمريكا). وهذا له أثر تالٍ بأنه لا يمكن التفاوض على الاتفاق النووي من جديد وهو ما يريده ترامب. فكيف تفاوض على اتفاق هو قائم بخمسة أعضاء، والمنسحب واحد؟".
حول بقاء الاتفاق النووي حيا- حتى الآن، اعتبر "الحسن أن ذلك يعني أن مبررات أمريكا لإشعال حرب تنتفي، ولو أنها تستطيع توليد أكاذيب كما هي العادة. لكن الأهم، هو أن حرباً على إيران لن تكون مغطاة سياسياً من أوروبا ولا من مجلس الأمن، سواء كانت الحرب عبر مجلس الأمن أو غيره، وعلى أي مستوى أيضاً."
أما العامل الثالث الذي حدث وشكّل خلفية لما يقال عن احتمال حوار أمريكي إيراني هو التالي: "ج/ الحصار المالي لإيران، حيث منع التحويلات المالية والتي تتم عبر أمريكا، تمت حلحلتها حتى الآن عبر الاتفاق مع أوروبا. وبالتالي انتفت معظم عناصر وأوراق الضغط الأمريكية. وبنظري فإن إدراك إدارة ترامب لهذه الحقيقة، وقبل أن تشرع في تطبيق العقوبات، جعلها تلجأ إلى التهديد العسكري، يقول الحسن.
ولفت إلى أنه لذلك رأينا ملاسنات تهديد كلامية إيرانية إمريكية، لا يمكن ـ ضمن الظروف الحاضرة ـ أن تثمر أو تولّد حربا، كما اشتهى الصهيوني والسعودي. إذن.. لماذا ارتفعت الأصوات العسكرية والتهديد الترامبي؟ السبب: هو البحث عن مخرج سياسي لأمريكا يجنبها الفشل والعزلة؛ وتحقيق بعض شروط ترامب الـ ١٣!".
وأردف أنه "لذلك أفصح الإيرانيون عن أن روحاني رفض ٨ مرات دعوات لقاء ترامب. ولذا أيضاً كرر ترامب من جديد دعوته للحوار (بدون شروط) لاحساً شروطه السابقة كلها"، معتبرا أنه" لو كانت هناك إرادة حرب، ما أعلنت واشنطن تشكيل ناتو عربي تنضم له إسرائيل لاحقا، ويشمل الأردن ومصر ودول الخليج؟ (أذهب أنت وربك فقاتلا)".
وأشار إلى أن الصهاينة وآل سعود كرهوا أوباما وكيري لأنهما لم يريدا حربا على إيران؛ ورحبا بترامب وجعلاه نبي الحرب. لكنه لن يفعل أكثر مما فعل سلفه، أو أسلافه. كان يمكن التفكير في الحرب ضد إيران قبل ٢٠١٠ مع احتمال نجاح بنسبة أدنى من ٥٠٪. اليوم شبّت إيران على الطوق ولا يمكن تطويعها حربا هذه حقيقة!".
وقال "الحسن": ترامب العنصري يريد أن يثبت أن كل سياسات أوباما خاطئة، الداخلية والخارجية، وليست لديه مشكلة مع الاتفاق النووي، غير مشكلة أن الذي وقعه أوباما. تعديل الاتفاق مستحيل الآن. إذن ماذا يريد ترامب؟ يريد أن يكون هناك تعديلا ولو تجميليلا للاتفاق! ويريد حوارا مع إيران بشأن قضايا المنطقة!".
وبيّن أن فلسفة إيران الخارجية في مسائل المنطقة أن (دول المنطقة هي المعنية)، وهي أرادت اتفاقا مع السعودية لتعزيز أمن الخليج، رفضت الأخيرة مجرد النقاش فيه. وترى إيران أن دول المنطقة تستطيع أن تدبر أمرها بحوارات بينية: فلماذا ـ مثلاً ـ تحاور إيران أمريكا بشأن عراقي وحكومة العراق موجودة؟!".
مشيرا إلى أنه "لهذا رفضت إيران النقاش في أي أمر بشؤون المنطقة وقت الحوار مع أمريكا حول الاتفاق النووي. فالأصل لحوار إيراني ـ تركي؛ إيراني ـ سعودي؛ إيراني ـ مصري؛ إيراني ـ عراقي. وأي أمر يجب اتخاذه في النقاش العام يكون وفق مظلة الحكومات "الشرعية" القائمة".
وأوضح أن "المقصود بالحكومات الشرعية: ليس بالضرورة legetimacy؛ وإنما القانونية أي حكومات الأمر الواقع القائمة legality. إذن ما يريده ترامب حواراً بشأن قضايا شرق أوسطية، تكون أكثر من تفاهمات شفهية ع قضايا محدودة مثلما جرى في العراق، بشأن عدم التعرض للقوات الأمريكية المنسحبة من العراق!".
واستفهم الحسن عن قضايا التي يريد ترامب النقاش بشأنها؟، وأجاب قائلا: "لا توجد سوى قضية الصهاينة (إسرائيل). فهذه الدويلة هي محور الحرب والسلم في المنطقة. وهي محور السياسة الخارجية الأمريكية قديما وحديثا. ما يريد ترامب حوار إيران بشأنه هو (أمن إسرائيل) في حدودها الشمالية غير المؤمنة (سوريا وربما لبنان).".
وأشار إلى أن "هناك محاولات لإخراج إيران وحزب الله من سوريا، وإعادة الأخيرة إلى ما قبل ٢٠١١؛ مع الاعتراف بالأسد والوضع القائم، شرط أن يبقى وحيدا في المواجهة ووفق هدنة ١٩٧٤ التي خرقتها إسرائيل وتخرقها يوميا تقريبا. وجود إيران وحزب الله في سوريا يعني اقتراب معركة، أو يعني كبح إسرائيل على الأقل!".
وواصل الحسن أنه "هناك أيضا فلسفة جديدة غربية وربما بدأوا بتطبيقها تقول: حزب الله يكبر في الصراع. أفسحوا له في المجال السياسي ليدير لبنان ويغرق فيه، إلى أن تضمر عضلته العسكرية. دعوه يأخذ دورا أكبر في الحكومة ومكافحة الفساد، فهذا يصرف جهده عن إسرائيل، ويوقعه في صراعات لا أول ولا تالي لها!!".
وذكر أن "النفوذ لأي دولة له وجوه متعددة وليس فقط قوات عسكرية أو مستشارين. حلف (الممانعة) أتعب الصهاينة والأمريكيين. والحلول المتوافرة ليست عسكرية وما تمّ تجريبه عاد بالخيبة والضرر على من قام بذلك. قالوا: دعوا إيران تغرق في سوريا وتُستنزف! ثم قالوا الأمر ذاته بعد سيطرة داعش في العراق."
وتابع الحسن: "الآن انتصر هذا الحلف، على داعش وأمريكا والصهاينة كما على السعودية وشقيقاتها! وما نشهده هو مجرد تداعيات النصر والهزيمة للطرفين. يمكن رؤيته من زاوية تقليل خسائر المنهزمين؛ أو هو إجهاض قيمة النصر؛ أو هو إعادة مراجعة للسياسات من قبل الحلف الأمريكي؛ أو هو الاستعداد لجولة أخرى."
وبحسب الحسن، لكن يبقى التالي:
١/ لا حرب قريبة بين إيران وأمريكا. والسبب هو أن الأخيرة ليست واثقة من النصر، مثل إسرائيل مع حزب الله.
٢/ هناك عدم ثقة تاريخي إيراني تجاه أمريكا وقد عزز انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مقولة المحافظين (أو المبدئيين) بأن لا حوار في الحد الأدنى على الاتفاق النووي.
٣/ قد تحدث تفاهمات أمريكية روسية إيرانية ـ بحضور وعلم وموافقة الحكومة السورية ـ بشأن المستقبل؛ مستقبل (الحرب لا الصراع) مع إسرائيل. وهناك من يروج إلى أن المطلوب إسرائيليا هو هدنة طويلة على الحدود الشمالية مقابل ثمن: هدوء وإعادة إعمار وتضميد جراح على الجانب السوري.
وقال الحسن إن "الصهاينة لا يقبلون على الأرجح بوجود خصوم تكبر عضلاتهم يوميا، ولا بد من التحرش بهم وإنضاب قوتهم. وبالتالي لا بد من معالجة هذه المعضلة. إذ لا يمكن أن تبقى إسرائيل مكتوفة الأيدي وهي ترى قدرات حزب الله وحماس وإيران وسوريا تكبر. ماذا تفيد التهدئة ـ أن حدثت ـ إذن؟ عمر هدنة كهذه قصير!".
السؤال ماذا عن السعودية؟
واعتبر الحسن أن السعودية "صراعها الوجودي أعمى، والصراع الأعمى لا يقوم به إلا أعمى. مهما تكن إيران خطرة ـ وبنت كلب وأسوأ من إسرائيل ـ فإن كل ما قاموا ويقومون به على خلفية عقدية طائفية وحقد وضغينة، لا يساوي شيئا كثيرا في الميزان العسكري ولا يؤدي إلى نتيجة البتة".
وأضاف: "ليبق الصراع مع إيران إن شاءت الرياض. لكن مبررات الصراع ينبغي معالجتها، ووضعها في حجمها الطبيعي. فتضخيمها يخنق آل سعود وليس الإيرانيين. مهما قيل عن الخطر، فما نشهده مجرد مبررات ضئيلة غير مقنعة. من يجد أرضية مشتركة مع الصهاينة كيف لا يجد معشارها مع إيران؟!".
وتابع أن "الرياض خاسرة في كل الأحوال. بإمكانها أن توقف النزيف، أو تبقيه وتزيد منه. ماذا لو غير ترامب سياسته تجاه إيران، وهو قد غيرها وسيغير الكثير منها؟ ماذا إذا لم يشن حربا على إيران وأصبح مثل أوباما، وهو في الطريق إلى ذلك؟ ماذا سيحدث للرياض بدلا من أن تعزل إيران، تجد نفسها هي المعزولة؟".
وتساءل الحسن بقول: "لماذا السياسة السعودية مركبة على الجهد الأمريكي، وليس على القدرات الذاتية السعودية؟ مالذي سيحدث لو تفاهمت الرياض مع طهران، في قضية إقليمية ما، بدلا من أن تخسر أوراقها في سوريا وفلسطين وحتى أفغانستان وربما في الغد في ماليزيا والباكستان؟ هذا لا يعود لإيران، وإنما لحماقة آل سعود!"، بحسب الحسن.
تشكيل ناتو عربي..
وعن تشكيل ناتو عربي لمواجهة، أكد الحسن أنه لن يحدث حتما، موضحا أنه "لا أحد يدخل في أحلاف خاسرة." وأردف قائلا: "وإذا شُكل فلن يكون إلا عليلا لا قدرة له حتى ع الاستمرار في الحياة. سيكافح العليل برضاعة إمريكية للبقاء حيا وليس لمواجهة إيران! لا توجد سياسات مخفية فكل شيء ع المكشوف. تعليل النفس بأن ترامب سيفعل كذا فجنون مطلق!".
ورأى الحسن أن "الرياض تمضي في السياسة بلا خريطة، سوى خريطة الأحقاد: معنا أو ضدنا (حسب الموقف من إيران)، أفرادا أو دولاً وأحزابا. لا رؤية لديها ولا إستراتيجية لا في اليمن ولا في سوريا ولا في العراق ولا على مستوى العالم العربي والإسلامي ولا حتى مع أمريكا ولا تعلم ماذا تصنع مع إيران ولا مع قطر!".
واختتم الباحث السياسي تغريداته قائلا: "الرياض ينقصها اليوم الحكمة، والرؤية الإستراتيجية، والمراجعة، والفهم بمعطيات صحيحة، والتحرك باستراتيجيات واقعية وليس بتكتيكات بدون أفق استراتيجي".
متابعا: "الرياض أيها السادة خاسرة في معظم الميادين إن لم نكن كلها. تدفع الأموال وتخرج جريحة تشتم "ناكري الجميل"، وتصب غضبها ع شعبها قمعا!".
أضيف بتاريخ :2018/08/02










