محلية

تقرير خاص - ’هيئة الأمر’ بعد عهد من الحصار إلى عهد إطلاق العنان

 

منذ تأسيسها في العام 1940م، ارتبط اسم "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في المملكة بالكثير من الإشكاليات والتجاوزات المتكررة بحق المواطنين الذين باتوا يتوقعون اعتداءات الهيئة في الأماكن العامة في أي لحظة.

 

عادت جرائم "هيئة الأمر" مؤخراً بشكل لافت إلى الواجهة الاجتماعية، من استدراج للمواطنين بالرذيلة والتجسس على خصوصياتهم ، إضافة إلى مطاردة "فتاة النخيل مول" وكشف سترها، واعتقال "دمية الخرج " لعدم التزامها بالضوابط الشرعية بحسب الهيئة! ماأثار حفيظة عدة كتاب ومثقفين في وسائل الإعلام.

 

الكاتب السعودي "نجيب عصام يماني"يقول في مقاله«الهيئة».. حتى متى؟! لم يعد يدهشني وغيري أي سلوك «شاذ» و«غير مقبول» يقدم عليه بعض منسوبي «هيئة الأمر بالمعروف»، فأقصى احتمال لعقوبة من يتجاوز منهم حدود صلاحياته، أن يعاقب إداريا بالنقل إلى غير منطقته، كنوع من «التغريب»

 

وعلق الباحث الاجتماعي د.سعد الشريف لصحيفة "خبير" أن مايحدث اليوم من تمادي صريح وواضح من قبل أتباع الهيئة هو ناجم عن استقوائهم على المواطنين في العهد الجديد "للملك سلمان" على خلاف العهد السابق "للملك عبدالله".

 

كانت "هيئة الأمر" بدأت بجماعات ممن أطلق عليهم "المطاوعة"، وتحولت لاحقاً إلى جهاز يضم آلاف العناصر، يتولون مهمة تطبيق الشريعة الإسلامية كما يدعي القائمون عليها.

 

في عام 2002، تسببت الهيئة في زيادة عدد الوفيات في حادثة حريق مدرسة البنات في مكة المكرمة حيث قام أفراد الهيئة بطرد أولياء الأمور، وأغلقوا الباب على البنات لأنهنّ "لا يرتدين الحجاب"!

 

ولم يكتفوا بذلك منعوا رجال الإطفاء والإسعاف من الدخول إلى المدرسة بحجة "لا يجوز للفتيات أن ينكشفن أمام غرباء"! إضافة إلى تجاوزات عدة في المدينة المنورة وتبوك وغيرهما.

 

لكثرة الانتقادات والاستهجان لتلك الجرائم عمد "الملك عبدالله " مع مستشاره خالد التويجري إلى إضعاف الهيئة و تقنين عملها، فقام بتأسيس إدارة قانونية جديدة في الهيئة تسمى إدارة "النظم والتعليمات" في يونيو 2007م، مهمتها مراقبة أعضاء الهيئة ومحاسبتهم، يقول الباحث "الشريف".

 

"آنذاك باتت الهيئة مادة خصبة للمسلسل السعودي الكوميدي " طاش ماطاش".. كما طالب العديد من الكتاب والمثقفين بضرورة إلغاء الهيئة ما استدعى الأمير نايف بن عبد العزيز للوقوف في وجه تلك الأصوات".

 

يضيف "لخبير": "عمل نايف على تحسين صورة الهيئة وأقام لها المؤتمرات إضافة إلى إعداده دورات إعادة التأهيل لأتباع الهيئة."

 

الباحث الاجتماعي يرجع سبب جرائم أتباع الهيئة اليوم لأنهم "شعروا بأن موقفهم هو الأقوى وأن موقف الكتاب والمثقفين أصبح ضعيفاً، عزز هذا كله تصعيد الخطاب الطائفي". لكونه السلاح المتاح والفعال للسيطرة على الشعب وإشغال الرأي العام عن المطالب الإصلاحية في البلاد.

 

وفي حديث سابق لـ"د.سعد الفقية" يحتج فيه على من يدعي بتطبيق "هيئة الأمر" الشريعة الإسلامية يقول إن للهيئة مهمة ونفوذ محدد في أمكان كثيرة تمارس الدولة المنكر علناً لكنه لا يمس من الهيئة.. على العكس تستخدم الدولة السلطة والإعلام وتنفق أموال على المنكر.

يضيف: مهمة الهيئة تطويع الناس للحاكم فقط.

 

كما أظهرت وثيقة أمريكية سربتها ويكيليكس" إقامة حفلات فيها تعاطي الخمور والمخدرات وممارسة الزنا بمدينة جدة في قصور أمراء آل سعود، هذا الفساد الأخلاقي والديني يقابله صمت وتجاهل بالكامل من أتباع الهيئة، بحسب "ويكيبيديا".

 

ومؤخراً عادت الانتقادات إلى "هيئة الأمر”، فكتب الصحفي "قينان الغامدي" الذي طالما كان يطالب بإلغائها نهائياً، ويصفها بأنها "جهاز نشاز". جاء ذلك عبر حسابه في “تويتر” :”الهيئة -مع الاحترام لمنسوبيها ومؤيديها-جهاز نشاز ووجوده خطأ من الأصل،ولامناص من إلغائه فكل الدولة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ولا داعٍي له”.

 

مع عودة جرائم الهيئة للمشهد العام، جدد "الغامدي" هجومه على الهيئة في مقاله الأخير بعنوان "الجنس والإغراء.. جريمة العصر في سجن عسير" يقول فيه: "القصة يا سادة يا كرام ليست مطاردة فتاة النخيل، ولا دمية الخرج، ولا مناكير الحياة مول، ولا مقتل الحريصي، ولا الغامدي، ولا الشقيقين في اليوم الوطني".

 

"كل هذا بسيط، وتافه أمام مئات (الأطباء والمهندسين والضباط والدكاترة والموظفين والمسؤولين والطلاب وغيرهم من السعوديين) القابعين في السجون بتهم باطلة، وإجراءات محاكمة ظالمة، وأحكام من ثلاث سنوات إلى عشر سجناً، ومن أربعمئة إلى ألفي جلدة!!"

 

ونقلت وسائل الإعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي خبراً بمنع "الغامدي"من الكتابة والظهور الإعلامي، مرجحين السبب لكتاباته الأخيرة وانتقاده الهيئة.

 

في محاولة لتخفيف حدة الغضب الشعبي على خلفية جريمة "فتاة النخيل مول" أعفي مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة الرياض، عبدالله بن صالح الفواز، من مهامه.

 

ويبقى السؤال المطروح: هل ستتوقف جرائم "هيئة البحث عن المنكر" كما أسمها الكاتب السعودي "محمد السحيمي" في عنوان مقاله الأخير؟!

أضيف بتاريخ :2016/02/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد