محلية

تقرير خاص: ’خبير’ تتقصى حقيقة’خلية التجسس’… هل اتخذ قرار إعدام الطائفة؟

 

في سابقة من نوعها، وفي الجلسات الأولى لمحاكمة متهمين ضمن ما تُسمى بـ "خلية التجسس"... طالب المدعى العام السعودي بتنفيذ حكم الإعدام بحقّ عدد من المتهمين فيها.

 

الخيانة العظمى، والتجسس لصالح إيران، لقاء الإمام السيد علي الخامنئي، وتسريب معلومات غاية في السرية والخطورة في المجال العسكري، إضافة إلى إفشاء أسرار دفاعية والسعي لارتكاب أعمال تخريبية.... سلسلة تهم وُجهت لمجموعة تُعد من الكفاءات الأكاديمية والشخصيات الدينية المعروفة.

 

من هم هؤلاء المتهمين؟ وما هي حقيقة "خلية التجسس" والتهم الموجهة لها؟ أسئلة لابد من التوقف عندها لمعرفة أبعاد هذه القضية.

 

صحفية "خبير" عمدت إلى تقصي بعض المعطيات حول "خلية التجسس" المزعومة من قبل وزارة الداخلية السعودية، المكونة من 32 متهما أغلبهم أكاديميين من بينهم أساتذة جامعات ومصرفيين وعلماء دين بارزين. ينحدر هؤلاء من مناطق مختلفة تشمل الأحساء والقطيف وجدة والمدينة المنورة، وبعضهم يسكن الرياض منذ سنوات.

 

ما بين شهري مارس ومايو 2013، جرى اعتقال هؤلاء الشخصيات المنتمية إلى الطائفة الشيعية.

 

أحد المهتمين بقضية "خلية التجسس" تحدث لـ "خبير" عن الأنشطة التي مارستها هذه الشخصيات البارزة: "كانوا يمارسون أنشطة ثقافية ويقيمون أو يشاركون ضمن الفعاليات الدينية التي كانت تقام بصورة علنية".

 

"وبعض العلماء المتهمين بالانتماء إلى الخلية المزعومة، كان يُمارس دوره التبليغي المنطلق من الحوزات العلمية المعلنة والمعروفة، وهو أمر مكفول في القانون الدولي والوضعي والشرعي"، يقول المصدر.

 

وفي الواقع فإن النشاط التبليغي يمارس بشكل طبيعي في أغلب المذاهب الإسلامية، لكنه يختلف عن مفهوم التبشير الذي يُنفذ في الخليج وبعلم السلطات. فيما مارس عدد من المتهمين نشاط التبليغ بشكل علني، والمقصود به تبيان الأحكام الشرعية للناس، ومع ذلك تم تجريمهم تحت عنوان “التجسس”.

 

 للكنائس المسيحية مثلاً مبشرون من رجال دين مسحيين يذهبون لمناطق نائية في أوربا، ويقيمون حملات خيرية تسمى بـ "التبشير الكنسي”. ولافت أن هناك حملات تبشيرية رعاها الفاتيكان بشكل مباشر في عدد من الدول الخليجية وإيران، ولم تواجه أي معارضة أو انتقاد على الرغم أنهم يدعون إلى الديانة المسحية في بلاد الإسلامية! فهذا مايدعو للتساؤل هل يراد من هذه التهم هو إعدام الطائفة الشيعة في المنطقة؟.

 

"الشيخ المعتقل بدر آل طالب مثلاً، معروف بنشاطه على مستوى الحوزة ليس في البلد فقط بل على مستوى العالم الإسلامي، وفي موسم الحج تقوم البعثات باستضافته والاستفادة من أطروحاته العلمية كما أنه يوضح الفتاوى الخاصة بطواف الحج"، يقول المصدر.

 

وانطلاقاً من معرفته الشخصية بالمتهمين الثلاثة والعشرين، يؤكد المصدر لـ "خبير" أن التهم الموجهة لهم "مفبركة"، ويضيف: "نحن نعرفهم حق المعرفة ليس لديهم مشاريع تجسسية .. التجسس لايكون بهذه الطريقة المكشوفة والمعلنة".

 

ووقوفاً على كلام المصدر، يُطرح تساؤل كيف يمكن لأشخاص كانت اهتماماتهم منصبة على التبليغ أو في المجالات الأكاديمية والمهنية، أن يطلعوا على أسرار عسكرية من شأنها أن تمس بأمن المملكة.

 

القبضة الحديدية، التي تُدار بها الشؤون الأمنية والعسكرية في المملكة، واستبعاد الشيعة عن هذا السلك، يعزز من قوة طرح هذا التساؤل... والتشكيك فيما تتناقله الصحف الرسمية دونما توقف عند قوة الاتهامات ومصداقيتها.

 

بهذه الحقائق والمعطيات تشير إلى أن ذلك يأتي في سياق إعدام للطائفة الشيعية في المنطقة، وتكريس مفهوم أن إعدام الطائفة يكون بإعدام رموزها!

 

ماذا عن اللقاء بالإمام الخامنئي؟

 

وحول تهمة لقائهم بالإمام الخامنئي بالتنسيق مع عناصر المخابرات الإيرانية وعلاقتهم بالحرس الثوري، يؤكد المصدر بأنها "كذب وافتراء"، ويوضح بأنه قد يكون بعضهم ممن حضروا المؤتمرات الإسلامية العامة التي تُقام في إيران.

 

في العادة عند إقامة مهرجانات عامة سواء كانت في إيران أو غيرها يتم توجه دعوات إلى جميع النخب الثقافية في العالم الإسلامي، وتتم خلالها لقاءات مع نخب تلك البلدان، فحصول لقاء عام بالإمام الخامنئي وهو شيء طبيعي"، يوضح المصدر لـ "خبير".

 

يتابع المصدر: "ما يتم تحوليه اليوم إلى ملف تجسس لا يتعدى كون المتهمين كانوا يحيون مناسبات أهل البيت "ع" وبعضهم كان له نشاط تجاري في العلن".

 

نقص إجراءات العدالة في المحاكمة

 

عشية المحاكمة الأولى لـ "خلية التجسس"، أصدرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تقريراً أكدت فيه نقص إجراءات العدالة في المحاكمة المنظورة.

 

وأشار تقرير المنظمة إلى أن المتهمين معتقلين منذ مارس 2013، وتعرضوا خلال سنوات الاعتقال إلى سلسلة من الانتهاكات، ومنها الحرمان من الحق في الاستعانة بمحام قبل بدء المحاكمة، وخلال فترة التوقيف.

المنظمة، التي تتخذ من برلين مقراً لها، أكدت أن عرض المعتقلين المتهمين بالتجسس على المحكمة جاء بعد إكمالهم 3 سنوات من الاعتقال، "ما يعد خرقاً لحقهم في المثول أمام قاض على وجه السرعة، وحُرموا من الحق في مساحة زمنية وتسهيلات لإعداد الدفاع".

 

وكالعادة سارعت وسائل الإعلام السعودية إلى تثبيت التهم من خلال التعاطي معها كأمر مسلّم به، دون الوقوف على مدى واقعيتها... وكما العادة أيضاً لم يُمنح الدفاع الحقّ في الرد!

 

القضية إعلامية بالدرجة الأولى وليست قضائية

 

علق رئيس المنظمة الناشط الحقوقي "علي الدبيسي" على قضية الخلية المزعومة، قال إن الدولة عملت على الاستعداد طيلة ثلاث سنوات لتثبيت تهمة التجسس على هؤلاء النخب.

 

وأشار إلى أن هناك مقاطع فيديو صوّرت للمعتقلين تحت الإكراه، ليقولوا إملاءات كتبت لهم.

 

ورأى "الدبيسي" أن هذه القضية إعلامية بالدرجة الأولى وليست قضائية، بمعنى أن المرافعة والملعب والمسرح لهذه القضية سيكون في الإعلام، ومن خلال ما يدور في الإعلام سيتحدد مصيرهم. وأوضح أن "الأمر هو ذاته ماقامت به الدولة مع الشيخ الشهيد النمر حيث جرمته وأعدمته إعلامياً بالتوازي مع اعتقاله ومحاكمته قضائياً".

 

رئيس المنظمة الحقوقية حذّر من ترك الملعب فارغ للدولة في "تحديد النتيجة، وهي حددتها سلفا وحكمت بأنهم جواسيس واليوم طالب المدعي بإعدامهم. لكن وقت المباراة سيأخذ وقتا -ولكنه قصيرا- يمكن من خلاله أن يؤثر المجتمع في النتيجة."

 

وعبر "الدبيسي" عن خشيته من تعاطي الدولة مع هذه القضية بشكل سريع، قائلاً "إن أي تباطؤ من قبل المجتمع في التعاطي مع القضية سيكون خطيراً على مصير هؤلاء الضحايا، فلا وقت للتأجيل، ولا يوجد أي مورد عقلاني لحسن الظن بالدولة".

 

عندما تقدم السلطات السعودية على إعدام مجموعة كبيرة ذات كفاءات عالية جداً من أكاديميين ومثقفين وعلماء دين وأطباء ونخب مميزة معناه إعدام للطائفة وبأكملها، ليس فقط إسكات صوتها! هو بمثابة جهوزية حكم الإعدام المسبق لأي شخص يقوم بعمل تبليغي أو زيارة معينة، أو يقيم إحياء لمناسبة دينية!

أضيف بتاريخ :2016/02/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد