خلافات المزارعين على حصص مياه الأودية تجددها الأمطار
تسببت الأمطار التي هطلت على بعض المناطق الزراعية في المملكة، خصوصاً التي تحوى أودية تشهد سيولاً، في خلافات المزارعين على فتح مجارى السيول، لإيصال المياه إلى مزارعهم ويلجأ بعضهم إلى إغلاق الفتحات خوفاً من تضرر مزارعهم، ومع كل موسم أمطار في كل عام تتكرر المشكلة من جديد.
وتسجل هذه المشكلة حضوراً بارزاً في محافظة الخرج، ما يستدعي في بعض الحالات تدخل الأجهزة الأمنية، لتطويقها، ومعالجتها. إلا أن بعضها قد يصل إلى أروقة القضاء، ويبقى فيها لعقود، كما كشف قاض سابق. فيما أشار مهندسون إلى علاقة المشكلة بالتعديات على الأودية من المزارعين، الذين وضعوا أيديهم على أجزاء منها على مدى عقود، وقدموا ومحكمون "حزمة" حلول لمعالجتها، لعل أبرزها نزع الملكيات، وتعويض أصحابها، إذا كانوا يملكونها فعلاً، أو عدم تعويضهم في حال كونهم "معتدين" عليها.
وقال مصدر في شرطة الخرج : "في كل عام تتكرر مشاهد النزاع على مجاري السيول، خصوصاً في منطقتي نعجان والضبيعة، حين يتعنت بعض الخصوم وذويهم في عدم فتح مجاري السيول من جهتهم، ما يضطرنا إلى اصطحاب الممانعين عن فتحه إلى قسم الشرطة، وإلزامهم بتعهدات خطية، لردعهم عن تصرفهم"، بحسب صحيفة الحياة.
بدوره، أوضح المتحدث باسم إدارة الدفاع المدني الرائد "محمد الحمادي"، أن "لجنة التعديات التابعة لمحافظة الخرج، والتي تُعد مديرية الدفاع المدني عضواً فيها، هي الجهة المعنية بالرد على استفسارات الصحيفة، بهذا الخصوص".
كما أكد المتحدث باسم وزارة الشؤون البلدية والقروية حمد العمر أن "الجهة المخولة بالرد هي لجنة التعديات ومقرها في محافظة الخرج، والتي تعد البلدية أحد أعضائها".
من جهته، اكتفى عضو لجنة الإصلاح في محافظة الخرج "سعد بن غنيم"، بالقول: "دورنا يقتصر على الإصلاح فقط. وقد أنهينا مهمتنا، وأي تصريح منا قد يتسبب في حرج إلى الأطراف"، مقدماً اعتذاره عن عدم الرد.
قال المحكم الدولي مدير مكتب الحصان للاستشارات الهندسية المهندس "سعيد الحصان" : "إن النزاع القائم في وادي العين ومخارج السيول يستوجب الإلمام بكل جوانبه، وسماع جميع الأطراف ومعاينة موقع الخلاف على الطبيعة من طاقم من المهندسين، ووضع دراسة هندسية تشمل حلولاً تلائم جميع الأطراف وتنفيذها بأقل كلفة ممكنة"، بحسب ماذكرته الحياة.
وأضاف أن "إنهاء النزاع ومنع الضرر يكمن في وضع أسس هندسية علمية ترضي الجميع". وقدم الحصان مقترحات هندسية عدة لمعالجة معضلة السيول، منها: "عمل بوابات تدخل من خلالها المياه للمزارع، وإنشاء ميزان في المجرى، يفيض تلقائياً بعد امتلاء المزارع بالسيل، ويكون هناك احتياط مفاييض موزونة على منسوب امتلاء المزارع، ليتم التخلص من الزائد من خلالها".
ويتجسد المقترح الثاني في "فصل كل واد عن الآخر، وتوصيل كل واد إلى الجهة التي تليه. وبهذا يمكن إنهاء النزاع مع عمل المفاييض اللازمة والمناسيب، ليتم الإفادة من الماء لمن يليهم".
واقترح المحكم الدولي أيضاً "تنفيذ السد المقترح بموازين، بحيث كل طرف يأخذ فتحة إلى السيل، بحسب مساحة مزرعته الأساسية، والفائض يذهب إلى من يليهم، بحيث تكون كلفة الإنشاء معقولة، وبأقل كلفة ممكنة، قياساً إلى الذي تم اقتراحه من إحدى الجهات الذي يكلف عشرات الملايين، على حد قولها".
وذكر المهندس "سعيد الحصان" أن "هذه الحلول جميعاً تحتاج إلى دراسة هندسية متكاملة عن المنطقة بأكملها، والنظر في أنسب الحلول وملاءمتها، وتطبيقها بأقل كلفة، وبقبول جميع الأطراف"، مضيفاً: "من واقع عرض تلك النزاعات وتشعبها وتفاقم آثارها، وعطفاً على الأحكام الصادرة بخصوصها ولم تُنفذ، أقترح تحويل المسائل المتنازع عليها إلى التحكيم بعد موافقة جميع الأطراف، والتنسيق مع الجهات القضائية المختصة، إذ يتم اختيار ثلاثة ممثلين لكل طرف من أطراف النزاع، وتتضمن صلاحية الممثلين القبول المُطلق بما سيتم التوصل إليه، ويكون إقرارهم بذلك ملزماً، وحجة على جميع الأطراف، ويكون القرار الصادر في التحكيم ملزماً على الجميع، وواجب النفاذ، وغير قابل للاستئناف، من دون اعتراض من أي طرف".
إلا أن مدير مكتب استشاري، رأى أن الحل الأمثل لهذه القضية هو نزع ملكيات المعتدين على الوادي من قبل الجهة المعنية. وقال: "إن صورة مجرى السيل قبل 40 عاماً، تختلف كثيراً عن وضعها حالياً، بسبب الاعتداء على الوادي من قبل الخصوم، ما يستدعي نزع ملكياتهم من الجهات المعنية". وأضاف: "ليس من المنطقي أبداً، أياً كان تحوير مجرى السيل عن مساره الطبيعي، أو بناء سد خرساني لرد السيل بكلفة تصل إلى ملايين الريالات، بل من باب أولى نزع الملكيات، وإعطاء المجرى حقه".
أضيف بتاريخ :2016/03/19