المحامي الحاجي: النظام يستغل قانون مكافحة الإرهاب لكتم أفواه المعارضة

قال المحامي و المستشار القانوني، "طه الحاجي" في حوار أجرته معه صحيفة DWالعربية، لتسليط الضوء على آخر الأحكام الصادرة وخلفيتها القانونية والسياسية، أن النظام يستغل قانون مكافحة الإرهاب لكتم أفواه المعارضة.
وأكد بإن النظام السعودي يستغل ملف مكافحة الإرهاب في قمع أي نشاط في المجتمع وعلى كل المستويات وبحق كل الطوائف، فشماعة الإرهاب هي الراية التي يرفعها النظام.
وبين الحاجي بأن استمرار سلسلة الإعدامات منذ إعدام الشيخ "النمر" مطلع العام الحالي، هي مزيد من القمع ومزيد من الوحشية التي تستخدمها السلطة لقمع أي صوت معارض وأي مطالبات.
مُضيفا: المشكلة أن الاتهامات مختلفة، وقائمة المحكومين ليست خلية واحدة يرتبط أفرادها ببعضهم بالبعض، هم أشخاص متفرقون واتهاماتهم مختلفة، حيث تختلف الاتهامات من شخص لآخر، وأنا لا أفهم كيف ربطوا تلك الاتهامات على هذه المجموعة وكأنهم من خلية واحدة.
و أوضح الحاجي، بأن الأحكام الصادرة غالبا تكون أحكاما تعزيرية، فالأحكام العذيرية تعني أنها سلطة تقديرية من القاضي، مؤكدا أن السعودية تتوسع بصورة غير مبررة في استخدام عقوبة الإعدام بطريقة وحشية، وهو توسع غير مقبول وغير معقول.
وتابع قوله: إذا كانت المنظمات الدولية والعالم تسعى لتقنين عقوبة الإعدام قدر الإمكان، والسعودية تدعي أنها تقنن هذه العقوبة ولا تطبقها إلا في أضيق الحدود، لكن الواقع يخالف هذا الادعاء.
وأشار إلى أن قائمة المحكومين بالإعدام تتضمن أغلبية من الشباب، بعضهم كان تحت سن 18 عاما، أثناء اعتقاله، لكن البارز فيهم شخصيات في قائمة المطلوبين، وهي القائمة المعروفة بقائمة 23، لأنها تحتوي على 23 اسما والتي تتضمن أسماء اثنين من المطلوبين وهما حسين ربيع وعبدالله صريح، وهما من أبرز الوجوه في قائمة المحكومين اليوم.
وشدد على أن الأحكام هي أمنية، وكل التقارير الدولية والدراسات التي جرت حول هذا الموضوع أثبتت أن هذه المحكمة لا تتوفر فيها المعايير العادلة ولا تطبق معايير المحاكمات العادلة، فهي محكمة أمنية بامتياز، المتهمون أمامها لا يعاملون كما يتم معاملة متهمين في قضايا أخرى، فهي بالتأكيد أحكام سياسية أمنية بامتياز بعيدا عن القانون والشرع.
وأكد بأن الواقع في المحاكم السعودية أن أي معارض، مهما كان، سواء أكان معارضا سياسيا أو أي شخص يكتب تقريرا ينتقد الجهاز الحكومي أو أي ناشط حقوقي أو أي صاحب رأي، يعامل كما يعامل الإرهابي ويتم محاكمته أمام هذه المحكمة المتخصصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة.
مُوضحا بالقول : هكذا يمثل أمام هذه المحكمة كل المطالبين بحقوقهم وأصحاب الرأي والنشطاء ويتم معاملتهم كمعاملة الإرهابيين.
مُبينا بأن المحكمة تشهد انتهاكات كثيرة، فمنذ بداية الاعتقال وحتى مثوله أمام المحكمة، وهي فترة قد تستغرق سنوات، لا يسمح للمتهم بلقاء محاميه قبل انطلاق جلسات المحكمة، كما لا يتمكن المحامي بعد بدء المرافعات من الترافع عنه، حيث هناك الكثير من المضايقات التي تواجه المحامي.
كما أن المحكمة لا تأخذ الدفوع التي يتقدم بها المحامي أو المتهم بنفسه بعين الاعتبار. فمثلا لا تعير المحكمة أية أهمية لدفاع المتهم أو المحامي عنه عن أن الاعترافات التي أخذت منه بالإكراه وانتزعت تحت التعذيب. ولا تنظر المحكمة إلى مثل هذه الاعتراضات إطلاقا ولا تتعامل معها بجدية، لا توجد جدية لدى المحكمة بأخذ هذه الأمور بجديتها كما يفترض أن يتعامل معها قضاء عادل.
وبين بأن الاعترافات تنتزع بالإكراه والتعذيب، وأن المعتقل يوقع على وثيقة الاعتراف رغما عنه، فيكون في النهاية هذا هو الدليل الوحيد في القضية، وغالبا ما يقول المتهم أمام المحكمة بأن هذه الاعترافات انتزعت منه تحت ضغط التعذيب، إلا أن المحكمة ترفض هذا الاعتراض ولا تأخذ به.
وعن سؤال هل يعتمد القضاء السعودي مبدأ " المتهم برئ إلى أن تثبت إدانته؟ وهو مبدأ دولي؟
أكد الحاجي بأنه لا يتم التعامل مع المتهم منذ البداية وفق هذا المبدأ، فالمتهم مدان منذ اعتقاله مرورا بمثوله أمام المحكمة، و إن القضاء يفرض في الشخص المعتقل الجرم أساسا، هذا هو الواقع الذي نراه.
مُشيرا إلى أن بعض الجلسات تعقد من دون وجود المحامي، حيث يتم إحضار المتهمين من زنزاناتهم لحضور جلسة محاكمة من دون تبليغ مسبق للمتهم أو محاميه، حيث يتفاجأ المحامي بعقد مثل هذه الجلسة.
مُبينا بأن ليس كل المتهمين يتم تمثيلهم عبر محامين، و إن غالبية المتهمين ليس لهم من يدافع عنهم، فالمتهمون والمحامون، وأنا منهم، مقتنعون تماما بأن لا فائدة من وجود محام.
مؤكدا بأن وجود المحامي هو صورة تجميلية أو ترقيعية للمحكمة لا أكثر ولا اقل، لأنه عمليا لا قيمة لوجود محام أمام هذه المحكمة.
وقال بأن استئناف الأحكام، لا يرجى منه أي خير، لأنه بالعادة إما إلى تأكيد الأحكام أو يشددها، ومن النادر جدا أن تقوم محكمة الاستئناف بنقض الأحكام الصادرة إما بإلغائها تماما أو التخفيف منها.
مُوضحا : بأن في مرحلة ما قبل المحكمة لا يتم التعامل مع المحامي أبدا، ولا يمكن للمحامي حضور جلسات التحقيق إطلاقا، كما لا يمكنه الاطلاع على ملفات القضية في هذه المرحلة، ولا يجوز للمحامي زيارة موكله في السجن.
وقال بأنه شخصيا قدم الكثير من الاعتراضات في قضايا سابقة، و طالب بإطلاعه على ملف القضية بالكامل، وقال إن الاعترافات انتزعت بالإكراه وتحت ضغط التعذيب، إلا أن المحكمة لم تأخذ أي شيء بنظر الاعتبار ولم تنفذ أي طلب من طلباته، وأهملت كل ذلك إهمالا بالكامل.
وعن سؤاله عن ردة فعل الشارع الشيعي، علق بقول: في الواقع أن المجتمع الشيعي في الداخل السعودي محبط تماما منذ بداية العام، حيث تم إعدام الشيخ نمر. وتصاحب الإحباط حالة خوف مستمر ورعب بثتها الحكومة في نفوس الناس، فالناس بدأت تشعر باليأس والعجز، حيث يرون أن القضايا التي تصدر المحاكم أحكام إعدام فيها بحق أبنائهم لا تستحق حتى السجن. فليس من المعقول أن تؤدي المشاركة في مظاهرة إلى صدور حكم الإعدام.
وشدد على أن رسالة الإعدام التي تتبعها الدولة، هي لعموم المجتمع السعودي مفادها أن الحكومة ماضية في اعتما الحل الأمني باعتباره الحل الوحيد المتوفر لديها، ولا يتوفر لديها حلول سياسية لمشاكل المجتمع.
وبين بأن هناك مجموعات كبيرة في المجتمع السعودي ترى في هذه الأحكام وحشية وأنها ليست مبررة، وتعتقد هذه المجموعة بعدم عدالة هذه المحاكمات بغض النظر عن طائفة المتهم، فالقتل والقمع يشمل الجميع في نهاية المطاف ولا تنحصر في الطائفة الشيعية، فقبل أيام صدر حكم بسجن الناشط الحقوقي عبدالعزيز السبيلي لمدة ثماني سنوات لمجرد أن أبدى رأياً.
أضيف بتاريخ :2016/06/02