بيئتنا الاستثمارية: لماذا هي طاردة!
سالم بن أحمد سحاب ..
صرَّح مؤخَّرًا معالي وزير التجارة والاستثمار أنَّ حجم استثمارات السعوديين في بريطانيا قد بلغت 60 مليار جنيه إسترليني، وأنَّها تتنوَّع بين التجاري والسياحي والعقاري. ولست أدري ما حجم استثمار الأفراد البريطانيين، في المقابل في بلادنا، لكنِّي أجزم بأنَّه لن يتعدَّى ملاليم قليلة، مقارنة بالرقم السعودي المهول. صحيح أنَّ ثمَّة (شركات) بريطانيَّة تستثمر في بلادنا، على أمل أن يتعاظم عائدها، وغالب عوائدها مضمونة؛ لأنَّها مرتبطة بميزانيَّة الدولة، والدولة عميل مضمون وقادر.
وما يُقال عن بريطانيا، يمكن سحبه على الولايات المتحدة حتمًا، وعلى فرنسا، وإسبانيا، وربما هولندا، وبلجيكا، مع تفاوت في المبالغ بالتأكيد، وحتَّى الإمارات، ولبنان، والبحرين، وقطر. كلّ من هذه الدول تنعم بشيء من أموالنا الوطنيَّة التي هاجرت منذ زمن، ولا تزال تهاجر.
وذات مرَّة تحاورتُ مع أحد الخبراء السعوديين الذين يقدِّمون استشارات استثماريَّة لعددٍ من الشركات الأجنبيَّة التي ربما رغبت في الاستثمار في بلادنا، فقال لي بصريح العبارة إنَّه يحاول أنْ يكونَ أمينًا وصادقًا مع عملائه، وإنَّه عندما يشتمُّ رائحة (التعقيدات) غير اللازمة (المنفِّرة) والمنطوية على مخاطر كبيرة للمستثمر الأجنبي، فإنَّه لا يتردَّد في ثنيه عن المخاطرة، ونُصحه بالابتعاد عن الاستثمار المأمول، تحقيقًا لأمانة الدور المناط به، والتوصية المتوقَّعة منه.
ولعلَّ هذه الأجواء نفسها هي التي تسهم في هجرة كثير من رؤوس الأموال السعوديَّة إلى خارج الوطن، فهي تجد من الضمانات في البلاد المتقدِّمة ما لا تجده بتاتًا في الأنظمة والتعليمات والإجراءات التي تتغيَّر باستمرار وتتشابك باستمرار و(تطفِّش) المستثمر باستمرار سعوديًّا كان، أو أجنبيًّا.
ودعونا لا نمارس المجاملة هنا، ولنعترف بأنَّ البيئة الاستثماريَّة في بلادنا (طاردة) أكثر ممَّا هي جاذبة، وأن أمامنا الكثير من العوائق والعقبات التي لا بد من تجاوزها. وأنَّه لا تكفي النصوص المكتوبة، ولا الوثائق الفاخرة، ولا حتَّى القوانين المستحدثة، ما لم تكن قابلة للتطبيق في أرض الواقع، بما يكفل نجاحها، ونحن جميعًا نعلم أن دون تطبيق المكتوب أحيانًا خرط القتاد، فكم من عُقد تربط، وعقبات تُوضع بحسن أو سوء نيَّة؟!
إنَّه مشوار طويل نحو هدف نبيل!!
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2016/07/28