آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
قاسم حسين
عن الكاتب :
كاتب بحريني

لماذا قتلوا القسّ العجوز؟


قاسم حسين ..

لم يكن مقتل القس الفرنسي فى كنيسة بلدة سانت إتيان، أول جريمةٍ قتل ينفذها تنظيم «داعش» التكفيري، فقد سبق أن قتل آلاف المسلمين والمسيحيين، قتلاً وحرقاً وذبحاً، ولكن خصوصيتها أن القس جاك هامل كان عجوزاً في الرابعة والثمانين، وكانت له مواقف متعاطفة مع المسلمين.

هذه الحادثة التي وقعت في مقاطعة نورماندي، شمال فرنسا، ستزيد الكراهية ضد المسلمين، وتمنح اليمين المتطرف ذرائع جديدة لدعوته بتطهير أوروبا من «البرابرة المجرمين»، بعد أن أصبح الجميع في فرنسا، يميناً ويساراً، يتحدّث بصوتٍ واحدٍ عن «الإرهاب الإسلامي». وقد تبنّى الجريمة تنظيم «داعش»، ونشر مقطع فيديو يتحدّث فيها القاتلان عن مبايعتهما «أمير المؤمنين أبوبكر البغدادي على السمع والطاعة». واقتحما الكنيسة خلال القداس الصباحى، وهما يصيحان «الله أكبر»، واحتجزا اثنين من المصلين وثلاث راهبات، ثم أقدما على ذبح القس العجوز.

إحدى الراهبات تمكّنت من الهرب وأبلغت الشرطة، التي تمكنت من قتل القاتلَيْن بينما كانا يخرجان إلى باحة الكنيسة. وأعلنت الشرطة أن أحدهما (عادل كرميش، 19 عاماً)، سبق أن وُجِّهت له تهم مرتبطة بالإرهاب، وحاول السفر مرتين إلى سورية للقتال. ووقعت الجريمة بعد 12 يوماً فقط من اعتداء مدينة نيس الذي أوقع 84 قتيلاً و350 جريحاً، في عملية دهس بشاحنة كبيرة قادها مسلم تونسي، وهلّل لها «داعش» وكبّر.

نفذ تنظيم «داعش» وأشكاله، المئات من هذه الجرائم ضد المسلمين، حيث أوقعت آلاف الشهداء والجرحى، في العراق وسورية وليبيا واليمن وتونس ونيجيريا والكويت والسعودية ومصر. وكلها جرائم يقف وراءها فكر تكفيري ضال، ونفسية مريضة تريد فرض منطقها الفرعوني على جميع العالم: «ما أريكم إلا ما أرى». وعلى هذا الطريق تسفك الدماء وتستبيح الأرواح والأعراض والأموال.

المخجل ما كشفته وكالة الأنباء الفرنسية في تقريرها عن الحادث، بأن الرعية الكاثوليكية بالبلدة التي شهدت الجريمة، هي التي تبرّعت بالأرض التي بُني عليها مسجد سان إتيان دى روفرى، وتم تدشينه في العام 2000. ومثل هذه الجريمة تقدّم للعالم أسوأ نموذجٍ للخسة، وأبشع صورةٍ للمسلم ذي الأخلاق الوضيعة، الذي يعضّ اليد التي امتدت له بالإحسان، فيغدر ويقتل الأبرياء العزل، ويستهدفهم في الصوامع والبِيَعِ والكنائس والصلوات والمساجد التي يُذكر فيها اسم الله كثيراً، في مخالفةٍ كاملةٍ لمبادئ وتعاليم الإسلام.

إنه لأكبر افتراءٍ على الله ورسوله المبعوث رحمةً للعالمين، وأكبر تشويهٍ لدينه الذي أنزله ليقوم الناس بالقسط. والتاريخ الإسلامي، رغم ما شاب بعض فتراته من مظالم طالت المسلمين وغير المسلمين، إلا أن الإسلام كان يأمر بحسن معاملة أهل الكتاب. وحتى في زمن الحرب، كانت الأوامر بترك المتعبدين الآمنين في صوامعهم وأديرتهم، دون مساس. فكيف ابتلي المسلمون بهذه الفئة الضالة المنحرفة عن دين الله ورسوله؟

إنه لمحزنٌ، ومؤسفٌ، ومجلّلٌ بالعار، أن تُقدم وحوشٌ بشريةٌ على ذبح قسّ عجوز مسالم، باسم الإسلام.

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2016/07/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد