تدفق السيولة لا يتعارض مع رفع كفاءة الإنفاق العام
عبدالرحمن ناصر الخريف ..
على الرغم من أهمية تدفق السيولة النقدية داخل اقتصاد أي دولة لاستمرار النمو والوظائف والحركة الاقتصادية والتي يعتمد اقتصادنا حاليا بشكل كبير على الإنفاق الحكومي، إلا أنه يلاحظ عند الحديث عن الاقتصاد المحلي والإنفاق العام والتضخم يبرز من يبرر انخفاض الصرف الحكومي بأنه نتيجة لإعادة النظر في الكثير من المشاريع لتخفيض التزامات الدولة ورفع كفاءة الإنفاق من الميزانية، بينما الكفاءة في الإنفاق تتمثل في الاستخدام الأمثل للموارد وفق أولوية الاحتياج الفعلي وبالتكاليف المناسبة ولاتعني إيقاف صرف المستحقات لأصحابها وماتتطلبه التنمية من مشاريع وبرامج، فمعايير الكفاءة بالإنفاق عديدة ولاتقتصر على الجانب المالي، وقد يكون لدينا مستقبلا كفاءة بالإنفاق وبارتفاع أعلى بأرقام مصروفات الميزانية تفرضها الاحتياجات وفق الأولويات وخطط الخصخصة!
وقد ظهر واضحاً بان هناك لبس لدى البعض بين تحجيم السيولة ورفع كفاءة الإنفاق وأيضا بين قيمة المستحقات الواجبة الصرف وقيمة المشاريع الجديدة ومن خلال المطالبة بتخفيض حجم الصرف من الميزانية وتأجيل المشاريع الغير ضرورية استنادا على حقيقة وجود الكثير من أوجه الإنفاق العام تحتاج لمراجعة وإلغاء، في حين أنه مع أهمية مراجعة كافة المشاريع والبرامج الحالية والجديدة وتقييم تكاليفها ومدى الحاجة لها والحد من التضخم، فانه يجب في نفس الوقت المحافظة على استمرار التدفق النقدي المعقول داخل الاقتصاد بصرف المبالغ المستحقة فعلا للمقاولين والموردين والمواطنين والموظفين لكونها حقوق ومبالغ ستضخ لتوفير السيولة اللازمة لسداد الديون والرواتب والإيجارات ومقاولي الباطن، كما أن صرف المستحقات للجميع بدون تفضيل حقوق الشركات والمقاولين على حقوق الموظفين والمواطنين سيوفر السيولة اللازمة لاستقرار القطاع الخاص الذي تطمح الرؤية لنموه، ومع أن هناك من يرى بان ارتفاع السيولة سيرفع من معدلات التضخم، فان ذلك لايبرر حجب الحقوق عن أصحابها وخصوصا أن الظروف الحالية تحد من الهدر بالإنفاق وفي وقت نرى استمرار الصرف لاستشاريين أجانب ومستشارين بعقود ضخمه لن تساهم في حل مشكلة نقص السيولة المتداولة التي أثرت على الكثير من الأسر والشركات بالشراء وسداد الديون ومهددا للمنشآت الوطنية الصغيرة والمتوسطة لتحمل ملاكها قيمة الإيجارات والرواتب، كما أن الاضطرار للاقتراض أصبح مكلف مع ارتفاع الفائدة! بل أن البنوك حاليا أصبحت أكثر تحوطا في الإقراض وعبر رفع الفائدة والتغطية الكاملة للضمانات ونسب الصرف للتمويل مقابل المستخلصات التي لم تصرف! وهو ماقد يتضرر منه الجميع في حال طول الفترة بالاضطرار لتسييل جزء من المحافظ لسداد الالتزامات بسبب ذلك!.
ومع ما نلمسه من حرص على برمجة الصرف للمستحقات لصرف الرواتب وسداد الديون، إلا أنه مازال هناك تباين بين الجهات في سرعة الصرف مع تأخير في توفير المعلومات بحجمها وإجراءات السداد لها، مما ساهم في طول فترة التوقف في بعض الجهات، كما أنه بالجانب الأخر المتعلق بالسيولة النقدية المحلية فان السندات والصكوك التي أصدرتها الدولة وبعض الشركات الكبرى للبنوك المحلية قد اثر على توفير السيولة للتمويل ورفع الفائدة والتشدد بها، مما يتطلب أن يعاد النظر وبرؤية عليا شاملة بجميع متطلبات السيولة محليا للمستحقات وبدون الخلط مع مشروعات لم يلتزم بها، وبحيث يتم تجنب تجفيفها بالاقتراض المحلي قدر الإمكان والعمل على سداد جميع المستحقات وفق تنظيم واضح يمكن من خلاله تخطيط الشركات والبنوك للسيولة وبدون التأثير عليها في تأخير صرف الرواتب وسداد الديون!.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2016/07/31