عبدالله صادق دحلان ..

حوار ساخن منذ سنوات طويلة حول نظامية إنشاء دور للسينما في المملكة. وتعددت الآراء بين متشددين مُحرمين للسينما وإنشاء دور السينما، وبين منفتحين مطالبين بإنشاء دور سينما لعرض أحدث الأفلام العالمية والأفلام التي تعرض في القنوات الفضائية. ويتربص المستثمرون أصحاب الرغبة والقناعة باقتصاديات تشغيل دور السينما وبأهمية السينما في نشر الثقافات وينتظرون القرار الذي يسمح لهم بالاستثمار في إنشاء دور للسينما تدار بفكر اقتصادي وتطبق القوانين والأنظمة للعرض تحت رقابة وزارة الثقافة والإعلام. وبمراجعة للتاريخ القديم للسينما في المملكة كانت دور لعرض السينما موجودة في مدينة جدة منذ أكثر من خمسين عاماً وفي المصيف (الطائف) تنتقل بعض دور السينما خلال الإجازة الصيفية إليه.

وبصرف النظر عن حجم وشكل والخدمات المقدمة من دور العرض السينمائي إلا أنها استطاعت أن تقدم لنا بعضا من ثقافات وفكر وعلم وتاريخ وأدب المجتمعات الأخرى في العالم. وكان أشهر مالكي دور السينما آنذاك الأستاذ فؤاد جمجوم رحمه الله والبلجون والعطاس رحمهما الله في مدينة جدة وكانوا ملتزمين إلى حد كبير بالضوابط الشرعية أولاً والمجتمعية ثانياً. ومع مرور السنين كنا نتوقع أن تتطور دور السينما لمستوى يتماشى مع التطور والتنمية الحديثة في المملكة وفي العالم أجمع ولكنها في الحقيقة توقفت ولم يُعلن رسمياً ما هو السبب.

والحقيقة، لا أعلم سوى أن السينما ممنوعة ولم أبحث عن السبب ولم أطلع على قرارات المنع ومصدرها، وأخيراً علمت بأن هناك قرارات بالموافقة قادمة إلا أنني لم أطلع على قرارات الموافقة وشروطها ولكنني سعدت مؤخراً بتصريح رئيس لجنة السينما بجمعية المنتجين والموزعين السعوديين حيث صرح قائلاً إنه (لا يوجد نظام يمنع افتتاح صالات سينما في السعودية، كما أوضح للمستثمرين الراغبين في الاستثمار لإنشاء صالة للسينما بأن ترخيصهم لن يتجاوز 48 إلى 72 ساعة، وأفاد أن سبب إيقاف عرض بعض الأفلام في السعودية هو عدم حصول العارضين على ترخيص عرض مسبقاً من قبل وزارة الإعلام والثقافة نظراً لأن الوزارة هي المكلفة بالتنسيق مع عدد من الجهات المعنية من أجل الحصول على الموافقة والرفض).

وعلل رئيس لجنة السينما عدم وجود دور للسينما في المملكة بعدم علم المستثمرين السعوديين أن النظام لا يمنع نشاط افتتاح صالات سينما وهذا هو السبب في عدم تقديم طلب الحصول على ترخيص من أي مستثمر سعودي، ولكن الجمعية في إطار عملها الترويجي لإنشاء دور سينما، تخطط للالتقاء ببعض رجال الأعمال من أجل تحفيزهم للاستثمار في مجال دور العرض السينمائي وإشعارهم أن النشاط ليس محظوراً في السعودية. وأوضح رئيس لجنة السينما أن جمعية المنتجين والموزعين السعودية تستقبل طلبات الراغبين في الاستثمار لإنشاء دور السينما والجمعية ستقوم مجاناً بجميع الإجراءات الخاصة بالحصول على الموافقات ابتداءً من الأمانات والدفاع المدني ووزارة الداخلية.

وهو عمل متميز للجمعية لتسهيل إنشاء دور السينما وإزالة المعوقات التي يواجهها المستثمرون. وقد يتساءل البعض لماذا التوجه لإنشاء دور للسينما في الوقت الذي أصبحت القنوات الفضائية فيها أحدث الأفلام ودون رقيب وموافقة من أي وزارة وبعيدة عن عيون الرقيب؟ والجواب أن دور العرض السينمائي لها خصوصيتها وهي متنفس اجتماعي ترفيهي وعلمي للمجتمع شبابا وشيوخا. ورغم وجود القنوات الفضائية في أمريكا وأوروبا وبعض الدول العربية إلا أن رواد دور العرض السينمائي أعداد كبيرة جداً، وتعتبر دور السينما ملتقى للثقافات وهي أحد الحلول المثلى لجمع الشباب في أوقات الفراغ عوضاً عن التسكع في الشوارع والشواطئ والطرقات والمقاهي لأوقات متأخرة في الليل، ولا سيما أن هناك توجها لإقفال الأسواق في الساعة التاسعة مساء. وإذا جاز لي الاقتراح بهذه المناسبة فإنني أقترح كسباً للوقت حتى تُبنى دور سينما متخصصة استخدام بعض من القاعات والمدرجات المغلقة في الجامعات والمهيأة بكل الوسائل التقنية كدور عرض سينمائي لطلبة وطالبات الجامعات وفق النظم الرقابية للأفلام وللاختلاط، ولا مانع بأن تفتح للمجتمع. ولا أعتقد أن القائمين على دور السينما تغيب عنهم التنظيمات الخاصة بدور السينما أو بالضوابط الموضوعة من الوزارة المعنية. إن من يتابع رواد دور السينما في لندن ودبي ومصر والبحرين يتأكد له أن عشرات الآلاف من السعوديين ضمنهم خلال العام. أما من الناحية الاقتصادية فهناك مئات من الأعمال المساندة التي تسهم في خلق فرص وظيفية وخلق فرص استثمارية واعدة.

صحيفة  عكاظ