مبروكة تتوعد داعش
فهد الأحمري ..
هدف أوباما تسجيل انتصار عسكري بالقضاء على داعش يضيفه إلى سجله الرئاسي ليختم به حياته السياسية، وليرجح كفة مرشحة حزبه هيلاري كلينتون
مؤشرات عديدة تؤكد على النهاية الحتمية لتنظيم "داعش" الإرهابي في معقليه "الموصل" و"الرقة" هذا الخريف. الرئيس الأميركي رجح نهاية 2016 موعدا لتحرير المعقل الأخير في العراق وعاصمة التنظيم "مدينة الموصل"، بحسب اللقاء الذي أجرته شبكة (سي بي سي) في الربع الثاني من هذا العام. صحيح أن تصريحات أوباما لم تعد تكتسب الأهمية ولا المصداقية عند الكثير، غير أن هناك مؤشرات جلية على قرب ذلك. ربما ارتأى الرئيس ضرب هذا الموعد، تحديدا، لكسب نهاية ذهبية لتوديعه البيت الأبيض من جهة، ولتقديم هذا النصر السياسي، من جهة أخرى، هدية على طبق من ذهب للسيدة هيلاري كلينتون مرشحة حزبه الديمقراطي ووزيرة خارجيته السابقة.
هذا التوجه تؤكده الأحداث الجارية من زوايا عدة. فقد عززت الإدارة الأميركية قواتها في العراق بعناصر إضافية لتصل إلى 5 آلاف عنصر ما بين مستشارين وعسكريين، ودعم مالي للحكومة العراقية ودعم آخر تجاوز 400 مليون دولار لقوات البيشمركة التابعة لإقليم كردستان. وفي الجانب السوري هناك دعم عسكري إضافي من عناصر المارينز الأميركي وصل مجموعهم لـ500 عنصر، يتمركز أغلبهم في قرية "مبروكة" في ريف الحسكة، والتي قد تكون القاعدة الجديدة للقوات الأميركية لتحرير "الرقة" من التنظيم.
العاصمة واشنطن شهدت اجتماعا مهما لدول التحالف على مستوى وزراء الدفاع لهذا الخصوص يومي 20 و21 من يوليو، وفيه تم جمع دعم مالي تجاوز الملياري دولار من الدول المانحة للعراق.
من جهة أخرى، تم تضييق الخناق على تنظيم "الدولة" بإغلاق تركيا لحدودها مع سورية وفق التقارب التركي الروسي الجديد الذي سعت إليه الحكومة التركية أخيرا. وعلى ضوء هذا، سيتوقف تهريب الأسلحة والمسلحين والدعم الواسع للتنظيم عبر الحدود التركية.
فرنسا، من جهتها تقود تنسيقا عالي المستوى مع واشنطن لتوجيه الضربة القاضية للتنظيم هذا الخريف. فقد أعلنت عودة حاملة الطائرات "شارل ديجول" مجددا إلى المنطقة للمشاركة في العمليات العسكرية ضد "داعش"، علاوة على إرسال مزيد من الجنود الفرنسيين لتقديم المساعدات الاستشارية للجنود العراقيين.
يتضح من هذه المعطيات وغيرها، العزم الدولي بقيادة الإدارة الأميركية على توجيه ضربة مزدوجة للتنظيم في عاصمة دويلته المزعومة "الموصل" العراقية، وفي "الرقة" التي بمثابة العاصمة الأخرى للتنظيم في سورية، وقد تكون الضربة متزامنة بعد عزل المدينتين عن بعضهما البعض، لضمان توقف الإمدادات بين الإرهابيين هنا وهناك. غير أن الأهم من هذا كله هو مصير المدنيين في المدينتين والذين يتجاوز تعدادهم الثلاثة ملايين نسمة وقد نزح العديد منهم، أما المتبقون فسيكونون تحت رحمة الظلم والطغيان الداعشي الذي بالتأكيد سيقف أمام نزوحهم لجعلهم دروعا بشرية أمام الضربات العسكرية لقوات التحالف الدولي بقيادة أميركا.
والأمر الآخر المهم أيضا هو ماذا بعد "داعش"؟ هل ستفعل أميركا الأمر نفسه في العراق نهاية 2011 وتخرج من المنطقة قبل ضمان استقراره وتكرر غلطتها الكارثية في العراق، ومن ثم تخرج داعش آخر بمسمى جديد أخطر من داعش الأول؟ يقول عضو مجلس الشيوخ الأميركي سيث مولتون في مقاله بصحيفة واشنطن بوست "في أبريل الماضي زرت القوات الأميركية المنتشرة في العراق وقوامها 5 آلاف عسكري ولاحظت وجود خطة عسكرية لإلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة، لكنني أدعو إلى ضرورة اتباع خطة سياسية لجلب الاستقرار إلى العراق على المدى الطويل". يدل هذا على أن عضو الكونجرس لاحظ خطة عسكرية ضد داعش ولم يلاحظ خطة سياسية لما بعد داعش! حتى الخطط العسكرية التي استمع لها، ليس فيها جديد بعد مضي ما يقارب السنين العشر!
يقول أيضا في نفس المقال: "إنه يستحيل على المرء أن يفرق بين 2007 و2016 فالخطط العسكرية التي استمعت إليها حديثا من القادة الأميركيين هي نفسها التي سبق الاستماع إليها في ما مضى، وإن كل شيء متشابه من حيث التحالفات القبلية".
إذا كان الأمر كذلك فإن سياسة أوباما عاجزة عن رسم إستراتيجية مستقبلية حقيقية، وأن الهدف هو، مجرد، تسجيل انتصار عسكري بالقضاء على داعش يضيفه إلى سجله الرئاسي والقضاء على أبي بكر البغدادي، ليختم به حياته السياسية وليرجح كفة مرشحة حزبه هيلاري كلينتون ومن بعد ذلك الطوفان.
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2016/09/05