هل الدراز بـ «خير»؟... يا درازي
هاني الفردان ..
بعيداً عن المواقف، وعن التوجهات، وعما يقال من مواقف نائب رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي في مختلف القضايا، فذلك حق يمتلكه وحده في انتهاج ما يريد، وقول ما يشاء، وتبني أي موقف أو توجه، لكن نمتلك أيضاً الحق في انتقاد المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وتوجهاتها؛ كونها خرجت عما نعتقد أنه أساس تكوينها، وهو قول الحقيقة على أقل تقدير.
في مقطع فيديو انتشر قبل يومين عن ندوة أقامتها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في جنيف، تحدثت عن رؤيتها ودورها، وما هو متعلق بها، وهذا حقُّها في الترويج عن نفسها وعن أنشطتها، ونشد على أيديهم في ذلك أيضاً.
ما لفت انتباهي في حديث الدرازي ما هو متعلق بمنطقة الدراز، عندما قال إنه أسبوعيّاً يذهب إلى الدراز ولا توجد بها مشكلة!، لا يوجد أحد في البحرين يقول إن الدراز لا توجد بها مشكلة، حتى الحكومة بنفسها تقرُّ بوجود المشكلة وتؤكدها، بل صرحت مراراً وتكراراً بشأن ذلك، ونسبت كل القضية إلى وجود «تجمع غير قانوني» هناك.
يقال «إن كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب» أيضاً، ربما صمتُ المؤسسة عن الحديث بشأن ما يحدث في الدراز أثار الجدل في ظل تخليها عن دورها المنوط بها بشأن ذلك؛ بل لو فضل قياداتها عدم الرد على استفسارات الصحافيين بشأن موقفها مما يحدث في الدراز، لكان أفضل بكثير من أن يخرج نائب رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ليقول أن «لا مشكلة في الدراز»!
تخيل أن البحرين تعيش حاليّاً قضية كبرى سياسية وحقوقية تتمثل بما يحدث في منطقة الدراز، ومنذ أكثر من 85 يوماً، فيما لم تتطرق المؤسسة إلى هذه القضية حتى ببيان واحد، بل خرج نائب رئيسها للحديث عن «عدم وجود مشكلة»!
لمحة سريعة على شارع البديع، ستجد كلما اقتربت من منفذ يمكن أن يؤدي إلى الدراز ستجده مغلقاً بمدرعات أو سيارات أو أسلاك شائكة أو جدران أسمنتية تحول دون الوصول إلى داخل القرية، فالمنظر بحد ذاته ليس طبيعيّاً وليس اعتياديّاً، وهو ما يؤكد وجود «مشكلة» في المنطقة.
وزارة الداخلية بنفسها في 7 يوليو/ تموز 2016 عقَّبت على ما نشرته «الوسط»، في صدر صفحتها الأولى تحت عنوان: «عيد الدراز... أهالي لم يتمكنوا من معايدة أسرهم وغياب مظاهر الفرح... وأبو صبح فاضي»، بأن «أهالي قرية الدراز، ليسوا ممنوعين من الدخول أو الخروج من قريتهم، منوهة إلى أن إجراءات ضبط الحركة المطبقة حاليّاً، تعود إلى تجمع غير قانوني داخل القرية»، أي أن هناك مشكلة تعترف بوجودها وزارة الداخلية وتنكرها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان!
في خبر رسمي نشر يوم الأربعاء (7 سبتمبر/ أيلول 2016) بعنوان:«محافظ الشمالية: فتح منفذ إضافي لدخول الدراز استعداداً للعام الدراسي الجديد»، إذ بيَّن الخبر بوضوح وجود «نقاط تفتيش» حول منطقة الدراز، حيث قام المحافظ ومدير عام شرطة المحافظة الشمالية بتفقدها، وذلك لبحث فتح منفذ إضافي للدخول؛ استعداداً للعام الدراسي الجديد، وتسهيلاً للمعلمين والمعلمات والهيئات الإدارية بالمدارس، وكذلك للمواطنين والمقيمين، الذين يدرس أبناؤهم في مدارس الدراز، ودراسة إمكانية تمديد عمل المنفذ في أوقات الذروة، وهو أيضاً ما يؤكد وجود مشكلة لم ترها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ونائب رئيسها!
معاناة أهالي الدراز وأهاليهم وأقربائهم تتكرر يوميّاً، وتقطيع خدمة الإنترنت «المتعمد» عن المنطقة أيضاً، فهل كلفت المؤسسة الوطنية نفسها زيارة المنطقة لرصد شكاوى الناس، والحديث معهم، قبل الحديث عن «عدم وجود مشكلة» هناك!
ربما غاب عن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أن أحد أهم «المقومات الأساسية للمجتمع وحقوق وحريات الأفراد والواجبات العامة» والذي أقره المشرع البحريني بشأن «حرية التنقل» من «عدم جواز تحديد أو تقييد إقامة أي شخص أو فرض قيود على تنقله إلا وفقاً للقانون وتحت إشراف ورقابة القضاء. فلكل مواطن بحريني أن يقيم داخل إقليم دولته، ولا يجوز إلزامه بالإقامة في مكان معين، إلا في الحالات والأحوال التي يحددها القانون، كذلك فإن لكل مواطن حرية الذهاب والمجيء أو حرية الغدو والرواح والانتقال من مكان إلى مكان آخر داخل أرض الوطن، ولا يجوز منع أي مواطن من التنقل إلا في الأحوال التي يحددها القانون».
ما يحدث حاليّاً في منطقة الدراز أمر «غريب»... ومن حق الأهالي أن يتذمروا من ذلك الإجراء، والذي ينال من حقهم في حرية التنقل، ومن حقّ الأهالي أن يسألوا عن مبررات عزل منطقةٍ بكاملها بتلك الحواجز، والتضييق عليهم، وكذلك عن موقف المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، فبعد صمتها نطقت بأنه «لا توجد مشكلة»، لتخالف بذلك المزاج العام «المؤيد والمعارض» بأن المشكلة موجودة، فلماذا لم ترها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، ونائبها الدرازي؟!
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/09/19