بعد 8 سنوات من الأزمة المالية العالمية
منصور الجمري ..
توقع تقرير اقتصادي صدر أمس في الكويت، أنْ يبلغ عجز الموازنة لدول مجلس التعاون الخليجي ذروته في هذا العام (2016)؛ نظراً إلى انخفاض الإيرادات العامة، بفعل تراجع أسعار النفط والطاقة عالميّاً.
وبحسب التقرير، فإنَّ العجز سيتجاوز 153 مليار دولار أميركي (مرتفعاً عن مستويات العام 2015، البالغة 119 مليار دولار)، وثم سيتناقص تدريجيّاً، مع استمرار فجوات الموازنات على المدى المتوسط، ليسجل أكثر من 100 مليار دولار حتى 2021.
السبب الرئيس يعود إلى تراجع العائدات النفطية، التي تشكل المدخول الأساسي لمعظم الدول الخليجية، إذ سجلت أسعار النفط عالميّاً تراجعاً حادّاً منذ منتصف العام 2014، حينما كان سعر البرميل يتجاوز مئة دولار. وفي مطلع 2016، تدنَّى سعر البرميل الى ما دون 30 دولاراً، إلا أنَّه استعاد مؤخراً بعضاً من عافيته، وبات يُتداول عند مستويات ما بين 40 و50 دولاراً.
هناك متغيِّرات كبيرة، اقتصاديَّة وسياسيَّة، تجري في العالم وفي المنطقة، وهذه المتغيِّرات بدأت قبل 8 سنوات، عندما أعلن البنك الاستثماري الأميركي «ليمان براذرز» إفلاسه في (20 سبتمبر / أيلول 2008)، وأطلق فشل رابع أكبر بنك أميركي، الأزمة المالية العالمية، وهي أسوأ أزمة مالية، تسببت في ركود عالمي منذ الكساد الذي حدث في ثلاثينات القرن العشرين. والكساد الذي حدث في القرن العشرين كان أحد أسباب تدهور الأوضاع الاقتصاديَّة والسياسيَّة، ومن ثمَّ انتظر ذلك حدوث شرارة لاشتعال الحرب العالميَّة الثانية.
في هذه المرَّة، تسبَّبت الأوضاع في تغييرات كبيرة جدّاً، وهي لاتزال لم تنتهِ بعدُ، وآثارها لن تكون بأقل مما حدث بعد الحرب العالميَّة الثانية. ولعلَّ الفارق في هذه الفترة هو عدم نشوب حرب عالميَّة مُدمِّرة؛ لأنَّ الجميع يعلم أنَّ نشوبها يعني نهاية العالم بالشكل الذي نعرف حاليّاً. لكن المتغيرات التي تجري على الأرض ليست قليلة، وهي تعدَّت الجوانب الاقتصاديَّة والسياسيَّة لتصل إلى صلب الهويَّات الثقافيَّة والاجتماعيَّة والدينيَّة، وبدأت هذه الآثار تضرب البلدان والمجتمعات بأنماط مختلفة.
يجري هذا، في وقت تتطوَّر فيه وسائل التواصل الاجتماعي بسرعة فائقة، وهذا ساهم في توجيه نوعيَّة الصراعات، وتأجيجها، أو تخفيضها، بحيث أصبحت هذه التقنيَّة المتوافرة للجميع محوراً من محاور الحرب المشتعلة في كل مكان.
بعد ثماني سنوات من الأزمة الماليَّة العالميَّة اندلعت أحداث الربيع العربي في 2011، وتبعتها أحداث الخريف الطائفي، وهي فترة عسيرة مازلنا فيها؛ لأنَّها تختبر إنسانيَّتنا فبل أيِّ شيء، وتختبر قدراتنا السياسيَّة والاقتصاديَّة على الخروج بصورة أفضل مما كنا عليه.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/09/21