آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
سليمان العيدي
عن الكاتب :
متخصص في الإعلام

الفساد الإداري هدر للتنمية


سليمان العيدي ..

تنتشر اللوحات الدعائية لبث رسائل التوعية وإشعار الموظف بقيمة عمله، وعدم التساهل في المال العام، وإعطاء الوظيفة حقها، وبث روح العدالة بين الموظفين، واحترام نظام العمل

عبر الطرق السريعة على مساحة المملكة لفتت انتباهي عبارات مؤثرة ولافتة وتوحي بشعور قوي لدى من يقرأها، إن من كتب هذه العبارات لا شك أن لديه غَيْرة على بلده ووطنه، ويعمل بالمبدأ الذي تسير عليه منهجية العمل الإداري الناجح في تتبع العمل الإداري والبحث عن مسار النجاح، وحتى يتحقق ذلك لا بد أن يَبتَعدَ عن مسار الفساد الإداري بشّتى صوره وأشكاله الوظيفية والمالية والتعاقدية، والبناء التنمَّوي في مختلف أوجه الحياة التي يعيشها الإداري والموظف والعامل أيَّا كان تخصصه، ولهذا فإن إحدى العبارات "الفساد هدر للتنمية"، والمقصود بالتنمية ما أشرت إليه من العطاء الحيوي لأجهزة الدولة التي يشرف عليها الموظفون والمسؤولون على مختلف الشرائح في المجتمع.

وهنا أعود لتكرار عبارة الفساد الإداري هدر للتنمية بالفعل وذلك من خلال ما قامت به بعض المؤسسات التي تشرف على أعمال الموظفين والعمل في القطاعات المختلفة، ولهذا أُنشئت هيئة مكافحة الفساد وقبلها ديوان المراقبة العامة وهيئة التحقيق، وجُعلت مراتبها ونُوابها من أعلى مراتب الدولة، وربطت بأعلى سلطة في الحكومة، وبدأت مشاريعها وتُتُابعُ خطوات أعمال الدولة، وحصلت على عدة اجتماعات على ما أذكر مع رئيس الهيئة عندما صدر التوجيه الكريم بإنشائها وعدة وزراء لشرح منظومة العمل، وقامت بحملات إعلامية متنوعة عبر الإذاعات وأجهزة التلفاز، وحُجزت صفحات عدة من الصحافة المحلية لبث رسائل التوعية لإشعار الموظف بقيمة عمله، وعدم التساهل في المال العام، وإعطاء الوظيفة حقها وبث روح العدالة بين الموظفين واحترام نظام العمل والعمال، والمضي في كل ما يَحفْظ المال ويحقق مصارفه الصحيحة وفق مسار صحيح عادل يُشعر المواطن أن أجهزة الدولة في أيد أمينة عادلة، تراقب الله قبل كل شيء، ولهذا تساءلتُ عن هذه العبارات التي تتناثر على الطرقات العامة والميادين والمدارس والجامعات.. فقلت في نفسي نحن شعب قرأ في القرآن الكريم (إن أريد إلا الإصلاح) ولم يقل الإفساد، وقرأنا أيضاً (يفسدون في الأرض ولا يصلحون) حكاية عن الرهط التسعة، نزلت في سورة النمل، وتحدث عن عموم إهلاك الأمم من قبلنا وأن الفساد أحد أسباب زوال هذه الحضارات، وحكى عنهم القرآن بقوله تعالى (وإذا تولى سعى في الأرض ليهُلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد).

فقلت إن حالة التذكر أمر تتطلبه حياتنا لكننّا ننسى مع الأسف تعاليم ديننا ويتفَّشى فيها مَرْضُ الإفساد والرشوة وضياع حقوق الآخرين، وعدم الاهتمام بتنفيذ قوانين العدالة مما استدعى وجود لوحات توعوية تحرص أمانات المدن والهيئات المختصة على وجودها في المرافق العامة لنشر الوعي وبث روح الإخلاص من جديد، وتوعية الناس بضرورة المحاسبة إنْ غاب خوفها من الله، وهل وصل الأمر بالناس أو بعضهم إلى درجة أنهَّم نسوا التحذير الإلهي من خطورة الإفساد والتبذير والرشوة وعدم العدل بين الناس، والإهمال في تصريف أموال الدولة على الوجه الذي يُرضى الله عز وجل؟ ولعلكم تذكرون معي ذلك اللقاء الذي أُجري مع سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز عندما قال: "لو لم تكن هذه الأمور موجودة لما وجه الملك بإنشاء هذه الهيئات التي تحاسب المقصِّرين".

ولهذا ستتم -بإذن الله- محاسبة أولئك الذين يُهدرون المال العام ولا يحترمون الوظيفة والأمانة بكل تأكيد، وتحرص الدولة الآن على الترشيد في الإنفاق وضرورة الالتزام بالأنظمة التي تكفل العدالة للجميع، وتحقيق تنمية موزعة على الكل دون فتح مجال للإفساد والعَبْث بأموال الدولة ومقدّراتها، ولهذا يحق لنا أن نعيد صياغة هذه اللوحات وأن نُجدّد فيها تعاملنا على ضوء منهج الحياة الصحيحة وفق تعاليم الدين وقوانين وأنظمة الدولة، حتى يختفي الفساد وتعود الأمور إلى وضعها الطبيعي ويصل الحق إلى أصحابه وتندثر معالم الفساد، وتخف على الإخوة في الهيئات الرقابية بعض أعمالهم التي يعلنون عنها بين الحين والآخر. وفقنا الله لهداه وبالفعل الفساد يهدر التنمية ويعطل مسيرة المجتمع.

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2016/09/24

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد