آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
علي الدبيسي
عن الكاتب :
رئيس المنظمة الأوربية السعودية لحقوق الإنسان

واجهوا الظلم بالدفاع عن أنفسكم وعدم الصمت

 

علي الدبيسي ..

فكرة خاطئة نمارسها في مجتمعنا، ومازلنا.. حينما يتعرض أحدنا أو بعضنا لاضطهاد أو ظلم من الحكومة، عبر استدعاء أو تحقيق أو اعتقال أو تهديد، في الغالب نحاول التكتم على الخبر، ولعل هناك أسباب كثيرة جعلتنا نتصرف كذلك، منها تهديدات أو ترغيبات من قبل أفراد الشرطة أو المباحث، أو الاعتقاد أن إشاعة الخبر قد يؤدي إلى (زعل) المباحث وغضبهم، أو الاعتقاد أن انتشار الخبر وسط المجتمع (سيفتح عيون) المباحث أكثر. هذه مشكلة واسعة نعيشها، وسنتفاجأ لو عرفنا الكثير من الشخصيات التي تتعرض لتحقيق أو تعهد أو تهديد، رجالا ونساء.

النتيجة، أن سلوكنا هذا، إلى جانب أمور أخرى، شجع الدولة على استمرار الاستهداف وتصعيده، فلك أن تتخيل حينما يعلم أحد اللصوص، أن سكان مدينة ما، سيلتزمون الصمت حينما يسطو على بيوتهم، ولعلهم يشعلون له الأضواء. هذا ما نقوم به مع الدولة، فبالصمت والتكتم، نكون كمن يفتح بابه ويشعل الأضواء ويقول للص: مرحبا.

هذه الأيام، يقاد السيد فاضل الشعلة إلى محكمة الإرهاب، بعد أكثر من 9 أشهر من اعتقاله. أختار العديد منا الصمت، لكننا بدأنا اليوم بالكلام، وسنتكلم أكثر حينما تنتهي محاكمته.

السيد فاضل، مثال هام في هذا السياق، حيث افترض الكثير منا -بحسن نية-، أننا بحاجة لمراقبة ماستقوم به الحكومة معه، وذلك قبل أن نتصرف بشكل أو بآخر، لكنها في الحقيقة هي من كانت تراقبنا، لأنها تعرف من هو فاضل الذي أشعل الحب في قلوب الناس، واقتنعت بعد صمت الشهور التسعة، أنها يمكن أن تمضي في استكمال ما بدأته.

يبدو الحديث ليس مقنعا حتى الآن، فسواء صمتنا أو تحدثنا، فالحكومة ماضية، وقد ذبحت الشيخ النمر، وفي هذا دلالة كافية على عدم جدوائية أي تحرك. أليس كذلك؟

الجواب: المسالة المهمة والأولى أن الدفاع عن الشيخ نمر لم يكن بالمقدار الكافي ولم يرتق لحجم التحدي. الأمر الثاني، ان الدفاع عن السيد فاضل أو غيره يمكن أن يقود لعدة نتائج، غايتها إطلاق سراحه وأدناها عدم منح الظالم الراحة في ممارسة ظلمه، فحتى الدجاجة وهي تذبح ورغم أنها رأت أخواتها يذبحن أمامها.. ولا مفر، لم تيأس ونراها تأمل النجاة وتقاوم السكين.

حينما تتأكد الحكومة إن أي ظلم أو اضطهاد سيكلفها ثمنا غاليا، فإنها بالتأكيد ستضطر لإيقاف أو تخفيف الظلم، أما إذا كان ذبحنا واعتقالنا وتعذيبنا واضطهادنا وتهديدنا ودمنا رخيصا، فسنكون في يدها أسهل من دجاجة في يد جزار، ولذا نحن أيضا بحاجة للانتباه لسلوكنا وكلامنا وأفعالنا تجنباً لأن نقع (بعلم أو جهل، بحسن نية أو بسوء) فيما يُهَوِّن ما يقع علينا من ظلم، أو نسترخص قيمة دمنا وعذاباتنا، ونخفف بذلك الثمن على الظالم، وكما قال المعتقل الشامخ محمد الزنادي: (إن دماء شعبنا ليست رخيصة)، فالكرامة لاتقدر بثمن.

بيقين عميق: ارتكبنا خطأ حينما تسمرنا أمام التقويم ونحن نحسب الأيام لفاضل، وبشكل أكيد فإن دفاعنا عنه اليوم أهم بكثير من انتظارنا لصدور الحكم، والصحيح قبل ذلك كله، أنه كنا بحاجة للدفاع عنه وبسقف مفتوح مع أولى لحظات اعتقاله.

أضيف بتاريخ :2016/09/24