الرسوم وبُعد المحافظة على ديناميكية النشاط الاقتصادي
سعود بن عبدالعزيز المريشد ..
إن حتمية ما ينشده الوطن من نهضة عبر مكونات رؤية الوطن من مبادرات وبرامج فرضته متغيرات جوهرية أهمها ما لحق بأسعار البترول من تدهور، وعلى هذا الأساس تجلت النظرة الثاقبة لحكومتنا الرشيدة في مشروع #رؤيةالمملكة2030، عندما دشنت تصورا طموحا ذا أمد بعيد وأهداف مرسومة عمادها التخطيط الاستراتيجي لما يحقق مصالح مجتمعنا في حاضره ويحافظ على موارد أجياله؛ فرؤية الوطن عندما رسمت مسارات برامج عملها رمت إلى الإيفاء بالتزامات وتحقيق مستهدفات محددة، وصولا إلى مجتمع مزدهر ذي تنمية مستدامة لا يرتكن في مفاصل احتياجاته وشؤونه على مصدر وحيد وناضب، وكذلك يفترض أنها – أي رؤية الوطن - أخذت على عاتقها توحيد انسجام اتجاهات عمل جميع برامجها ومبادراتها كيلا تتداخل الجهود المقترحة للنهوض بمنظومة الرؤية المتنوعة المحاور والاتجاهات منطقة تناقض المبادرات وتصادم الحلول؛ كما يظهر الحال الآن من خلال الرسوم عوضا عن المبادرات النوعية والحلول الناجعة وتنسيق الأهداف المشتركة التي تعزز من عمل مسارات الجهود الأخرى، وفي نفس الوقت تحقق التوازن بالمحافظة على ما كفلته الدولة من مستوى معيشي للمواطن وعدم إثقاله بأعباء الرسوم.
أقول ذلك واستشهد هنا على سبيل المثال بأن #رؤيةالسعودية2030 في أحد مسارات عملها تهدف إلى رفع إنتاجية المنشآت الصغيرة والمتوسطة وزيادة مساهمتها في الاقتصاد الوطني لتصل إلى 35% في الناتج المحلي بدلا من 20%، وكما هو معروف أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة ناشئة بطبيعتها لكنها مرتكز ومحرك لعجلة النمو الاقتصادي الوطني في المستقبل، وعلى هذا الأساس فان المستهدف بالنسبة لها هو خلق البيئة المناسبة والمحفزة لانطلاقها ووضع الحلول لإزالة كل الصعوبات التي ربما تحد من سلاسة ونجاح عملها، وبالتالي ليس من ذلك وضع المعوقات في طريق نشأتها سواء كان ذلك عبر فرض رسوم جديدة أو زيادتها على الخدمات البلدية أو غيرها، لا سيما أنها – أي المنشآت الناشئة - في حاجة للرعاية والعناية التي تذلل الصعوبات التي تقف في طريق نموها؛ نفس الكلام ينطبق كذلك على مشروعات الأسر المنتجة، فتحفيز أفراد الأسرة على روح العمل التجاري والمشاركة في تولي جميع مراحله، يولد أسرا منتجة ويرفع من القيمة الاقتصادية لأفراد الأسرة عندما تستقل بدخل ثابت ينقلها من الطبقة الفقيرة المتلقية للدعم الحكومي إلى الطبقة المنتجة والمحركة للاقتصاد، ولكن ربما يكون في فرض الرسوم ولو كانت بسيطة تكلفة إضافية تحد من عمل هذه الأسر.
ولهذا نقول ولا يخالجني شك بأنه مأخوذ في الاعتبار من قبل المعنيين، بان الرسوم عموما تظل أداة من أدوات السياسات المالية يلجأ لها لتهذيب تشوهات الاقتصاد وزيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية، لكن هذا يقتضي أن يكون محكوما بالحذر والتروي والنوعية في التطبيق، فالهدف هو اقتصاد مزدهر بما في ذلك المحافظة على ديناميكية نشاطه، وتحقيق مقومات التنمية المستدامة بالبعد عن الاختلالات الاقتصادية؛ لأن الرسوم في الأخير تظل وسيلة وليست غاية يتوسع في ميدانها، مما بالتالي قد يحد من سلاسة عمل مسارات المبادرات الأخرى ويصطدم بالجهود التصحيحية للمشاريع والبرامج الإستراتيجية التي صيغت لتساعد في تحقيق رؤية المملكة لأهدافها.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2016/10/07