تحكيم السياسة وتغليب المصلحة
منصور الجمري ..
تنتهي اليوم (16 أكتوبر/ تشرين الأول 2016) الإجازة البرلمانية التي بدأت في (1 يونيو / حزيران 2016)، وبين التاريخين تغيَّرت البحرين كثيراً، إذ توتَّرت الأجواء منذ منتصف رمضان المبارك، وفي فترة حرٍّ شديدٍ لم تشهده البلاد لفترة غير قصيرة. فقد تعطلت جمعية «الوفاق» بقرارات قضائيَّة متتالية، وتمَّ تصعيد حكم السجن على الأمين العام للجمعية الشيخ علي سلمان، وأعيد توقيف الناشط الحقوقي نبيل رجب، وأغلقت جمعية التوعية الإسلامية، وأسقطت جنسية الشيخ عيسى أحمد قاسم، وأغلقت منطقة الدراز (ماعدا منفذين يسمح للقاطنين الدخول منهما بعد التأكد من عنوان سكنهم)، وثم يتمُّ التشويش على الإنترنت في الدراز وما يحيط بها، مساء كل يوم حتى ما بعد منتصف الليل... إلى غير ذلك من الإجراءات الأخرى.
ما حصل من تغييرات كان كبيراً جدّاً، ومفاجئاً... والتبريرات المطروحة لتشديد الإغلاق الأمني على الدراز والتشويش على الإنترنت منذ (20 يونيو 2016) لا تصمد أمام متطلبات الدستور في عدة جوانب، وقد تمَّ التطرق إليها من خلال التعليق على ما قضت به المحكمة الصغرى الجنائية الثالثة في (٢٢ سبتمبر/ أيلول ٢٠١٦)، عندما برأتْ مُدرّساً من تهمة التجمهر في الدراز، مشيرة إلى أنّه «لا يجوز اتخاذ إجراءات ماديَّة ماسَّة بشخصه، إذ إنّ حرية التنقل مكفولة بموجب القانون والدستور، وخصوصاً أنّه لم توجد جريمةٌ متلبَّسٌ بها، وقد خلتِ الأوراق من إذنٍ من السلطة المختصة بضبط المُتَّهم، وكان إقرار المتهم بمحضر الشرطة بواقعة سابقة لاحقاً على تاريخ ضبطه».
الأصوات التي كانت ترتفع في سنوات ماضية بدأت تتلاشى بسبب كل ما جرى، وهناك الكثير ممن يسأل لماذا لا تتحرك الأمور في اتجاه معاكس، وهذا السؤال يعلق عليه البعض بالسخرية، أو الشماتة، لكنه سؤال مشروع، وسيتكرَّر بإلحاح؛ لأنَّ ما يحدث ليس أمراً عاديّاً.
إنَّ استخدام وسائل القوة أو الفرض عبر إجراءات قاسية يمكن أن يُخمد الأصوات، ويمكن أن يعطي انطباعاً بأنَّ ذلك أفضل الحلول، لكن من يحب بلاده ويعيش فيها، ومن يخلص للحاكم والمحكوم، يرى أنَّ هذه الإجراءات لا تؤسس لعلاقات صحيحة، وأنَّه في نهاية المطاف لابد من تحكيم السياسة وتغليب المصلحة المشروعة، وتثبيت العدالة والإنصاف، والبحث عمّا يحفظ نسيج المجتمع، ويدفع نحو أمنٍ واستقرارٍ لا يوجع المجتمع والاقتصاد.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/10/16