لقد كان الصمت حكمة..!
عبدالله المزهر ..
.. ثم ظهر بعض المسؤولين لشرح القرارات الوزارية الأخيرة بعد انتظار طال طويلا، وكما يفعل نجوم الاستعراض قبل ظهورهم على خشبة المسرح، حيث يعمدون ـ أعني نجوم الاستعراض ـ إلى الإثارة وإطالة المقدمة وبث الإشاعات والتكهنات ثم يظهرون فجأة ويضج المسرح بالتصفيق.
والحقيقة أنهم تكلموا كثيرا، لكنهم في المحصلة النهائية لم يقولوا أي شيء، ويمكن تلخيص ذلك الحوار في فكرة واحدة وهي أن المواطن هو سبب الهدر المالي الذي عانت منه ميزانية الدولة، وأنه يجب أن يتحمل وحده نتائج ذلك الهدر وسوء التدبير.
صحيح أن ذلك لم يقل بشكل مباشر ولكنه كان كعبة المعنى التي طاف حولها المجتمعون على طاولة الثامنة! كانت أبرز المشاكل التي تواجه الميزانية ـ حسب المجتمعين ـ تدور حول المواطن الذي لا يموت مبكرا ويرهق صندوق التقاعد، والموظف الذي يبلغ معدل إنتاجيته ساعة واحدة في اليوم، حسب رأي المسؤول أحد ضيوف البرنامج.
لم تكن مشكلة صندوق التقاعد في سوء إدارته، وكان الموظف الحكومي هو الحلقة الأضعف في الإنتاجية وليس الوزراء والوزارات التي أهدرت المليارات في مشاريع «فنكوشية»، ولا غياب التخطيط المبكر ولا الصرف ببذخ على من لا يحتاج. الموظف الحكومي الذي لا ينتج إلا ساعة واحدة حسب رأي الوزير «المختص» ليس كائنا قادما من المريخ، هو المعلم والطبيب والمهندس وشرطي المرور وضابط المباحث وموظف الجمارك والجندي الذي يتوسد سلاحه على الحد، لكن الوزير ـ وكما يفعل الوزراء دائما ـ يحمل مسؤولية «قلة دبرة وزارته» للمواطن، سواء كان موظفا أم عاطلا يتم التلاعب بأحلامه وكأنه سيعيش إلى الأبد.
وعلى أي حال.. وعلى هامش اللقاء فإن الغريب أن قنوات التلفزيون الرسمية لا علاقة لها باللقاء ولا بإعادته ولا بتسريباته، هي تعيش في فلك آخر، لا علاقة له بالناس ولا بالإعلام ولا حتى بإنتاجية «الساعة الواحدة» التي تحدث عنها ضيوف البرنامج الأكارم!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/10/21