شماغ الربيعة يحل مشاكل الصحة!
طلال سليمان الحربي ..
التغيير.. لعله أكثر مصطلح مطاط في تعريفه، التغيير هو «حتى» في اللغة العربية التي حين وصفها النحوي قال: حتى إن حتى حتحتت رؤوس العلماء، مشكلتنا مع التغيير دائما ما تكون بين الفعل نفسه وبين النتيجة المتحققة، والعرب قالت قديما الأمور بخواتيمها لهذا غالبا ما نلتزم منهاج الحكم على النتائج وليس على ما يسبقها، غير أنه وفي مراحل وحالات معينة فإن المسيرة نفسها تحتاج إلى تعديل ووصف وتغيير، القضاء على فيروس معين ينتشر بين الناس يحتاج إلى عمليات وأبحاث ودراسات وحملات توعوية وعلاج، لتكون النتيجة القضاء عليه، ويمكن أيضا بكل سهولة قتل كل من يحمل هذا الفيروس وحصرهم في منطقة واحدة وإشعال النار فيهم، في كلتا الحالتين النتيجة واحدة، لكن الأسلوب والطريقة اختلفا.
واليوم، وقد انطلقت بنا السفينة نحو رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني أخذت العقول والنفوس تذهب نحو تطبيق مفهوم التغيير في – وعلى- كل شيء، لكن للأسف الكثير بدأ التغيير ليس إلا ليقول أنا هنا أنا تغيرت أنا أغير، وليس التغيير الإيجابي صاحب الأهداف الوطنية التي تخدم المصلحة العامة.
قبل عدة أيام طالعنا وزير الصحة يحفظه الله، وعدد من مسؤولي وزارته بظهورهم على الإعلام والعامة حاسري الرأس دون شماغ أو غترة، وسبحان الله كيف أن هذا المظهر الخارج عن المألوف قد أخذ نصيبه من المدح والثناء على وزير الصحة من مبدأ أن الرجل بدأ بالتغيير وطبقه على نفسه وضرب به مثلا لنا جميعا، لا أنكر أنها خطوة جريئة غير معتادين عليها في دولة أهم ما يميزها عن غيرها ارتفاع مستوى العادات والتقاليد والتمسك بها أصالة وفخرا، ليس إلا.
ظهر الوزير حاسر الرأس وطبل له وصفق حتى لوهلة ظننت أن مشاكل وزارة الصحة كلها كانت في الشماغ، وأنه قضى على هذا الفيروس الخبيث الذي كان يعتم الرؤوس ويحجب العقول.
أو لعل جهلي بالأمور الطبية وآخر اكتشافاتها جعلني أفوت قراءة بحث الشماغ وعلاقته بالأمراض ومشاكل وزارة الصحة وسلبيات العمل والإدارة فيها، لعل معالي الوزير وجد نفسه وضالته وشعر بسقوط التفاحة على رأسه بدون ارتدائه للشماغ، لعل الأسرة ستزداد والأطباء ستقل أخطاؤهم وتعزز إمكانياتهم وأعدادهم فيجدون وقتا أطول لتشخيص علل مرضاهم، الأمر ليس مجرد سخرية أو استهزاء والعياذ بالله، بل هو أيضا تغيير لدينا، أصبحنا نريد أن نفهم الإعلام وكيف يوجهنا وكيف يستغله المسؤول ليغطي على أخطاء وسلبيات لا بد له من معالجتها.
حسنا، سأعوم مع التيار موقتا وأقترح على وزير التربية أن يمشي حاسرا رأسه بلا شماغ عل مستوانا التعليمي يرتفع، كذلك وزير النقل ووزير التجارة وغيرهما، أو لعل الثوب آن أوان استبداله لمزيد من التطور والحداثة، لكن أحتاج إلى إجابة بخصوص جامعة الأميرة نورة مثلا كيف سنعالج الأمر ونطورها بمفهوم التغيير وحاسر الرأس يمشي واثقا؟
أنا مع الإعلام واستخدامه كوسيلة وأداة مهمة جدا في التوجيه وتنمية تفاعلاته مع وطنه وصالحه العام، لكنني لست مع الإعلام حين يغطي الشمس بغربال، وحين يقود التغيير على شماغ خلع أو ثوب قصر، ولا يركز على الأهم في مسيرة التغيير وهو معالجة الأخطاء والانحرافات وعدم نشوئها وتكرارها، أحب الوزير الذي يمشي واثقا بنتائج أعماله في وزارته وليس بشكله الخارجي.
آخر نهفة أقولها ورزقي على الله، لعل الشماغ كان يصرف له بدلا مضافا على الراتب في نهاية الشهر، عذرا لم أمسك نفسي عن قولها!.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/10/22