حوارات المعارضة في وقت صعب
منصور الجمري ..
البحرين في مطلع الألفيَّة تختلف كثيراً عن وضعها الآن، ففي العام 2001 كان المجال مفتوحاً للمعارضة أنْ تجتمع سلميّاً وتنظم شئونها وتعلن مطالبها، وبعد ذلك يذهب كل شخص إلى منزله آمناً، ويستطيع أنْ يتنقل داخل وخارج البحرين من دون حرمانه من حقِّه في التنقل، أو من حقوقه المدنيَّة والسياسيَّة. أمَّا الآن فإنَّ الجمعيَّات الناشطة أصبحت محصورة في زاوية، بينما أغلقت جمعيَّات أخرى، وهناك أجواء محمومة بعد تطبيق إجراءات قاسية في جوانب عديدة. ربما هذا الوضع جاء نتيجة أمور عديدة، من بينها فقدان الثقة، وازدياد نشاط تجَّار الكراهيَّة، وأولئك الذين يتعيَّشون على التفريق والفتن. كما ساهم انقطاع قنوات التواصل بين جهات المعارضة ودوائر القرار في تأزيم الوضع إلى أنْ وصل إلى ما نحن عليه حاليّاً.
وعليه، فإنَّ الجمعيات السياسية في وضع صعب جدّاً، والعمل السياسي ربما وصل إلى طريق مسدود، وبالتالي ليس مستغرباً ردود الأفعال على الحديث الذي أدلى به الأمين العام لجمعية «وعد» رضي الموسوي وتحدَّث فيه عن مراجعة مطلب «الحكومة المنتخبة» الذي ورد في «وثيقة المنامة» الصادرة عن المعارضة.
حديث الموسوي أثار انتباه الكثيرين، لكنَّه ليس الوحيد الذي يطالب بمراجعة ما طرحته المعارضة، وتفحص الأسباب التي أدَّت إلى حالة التوتُّر الحالية. ففي مطلع الشهر دعا الأمين العام لجمعية التجمع القومي عبدالصمد النشابة إلى «خلق الأجواء المناسبة لمبادرات وطنيَّة تساعد على استعادة الوحدة الوطنية»، وذلك في حلقة حواريّة عقدت في مقر جمعية «وعد» في (5 أكتوبر/ تشرين الأول 2016). وفي حديثه المذكور أشار إلى «الانحدار في مستوى الوعي الوطني لحساب التخندق والانقسام المذهبي الذي صار عنواناً للمرحلة الحاليَّة».
هذه الحوارات تأتي بعد أنْ أصيب العمل السياسيّ بانتكاسة خطيرة، كما أنَّ المعارضة لم تعُد جزءاً مشاركاً في صناعة القرار، وإنَّما أصبحت مُتَّهمة ومُحاصرة، وأعضاء رئيسيُّون منها أصبحوا في السجون والمحاكم وفي المهجر، وكأنَّ هذا يكرِّر ما حدث في الماضي.
وفي ظلِّ هذه الظروف، فإنَّ من المؤسف ألا تتوافر فرصة للمراجعة، وإعادة التفكير في كثير ممَّا طرح وقيل، وفي القرارات التي اتُّخذت، وفي المسارات التي اتُّبعت. نعم، إنَّ حوارات المعارضة تُجرى حاليّاً في وقت صعب، لكن لا غنى عنها، فنحن بحاجة إليها سعياً إلى إيجاد مخارج ومُبادرات للمساهمة في تبريد الأجواء وإعادة بناء جسور الثقة، وتمهيد الطريق لاستعادة حيويَّة العمل السياسي المعارض والمشارك من الداخل ضمن إطار دستوري.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/10/25