لماذا يفشل الوزراء إعلامياً؟
أمجد المنيف ..
مازلت أؤمن، وأردد كثيرا، أن جُل المشكلات - إن لم تكن كلها - هي اتصالية في الأساس، وخاصة المتعلقة بالمسؤولين، بمختلف قطاعاتهم ومستوياتهم، فبغض النظر عن جودة ما يقدمون، ومدى تمكنهم من مهام عملهم من عدمه؛ إلا أن المهارات الاتصالية هي المحك، ولذلك تجد هناك نماذج كثيرة سقطت بسببها.
المسؤولون، وخاصة الساكنين في أعلى هرم منظماتهم، لا يقبلون الإملاءات أو التوجيهات ممن يعملون تحت إشرافهم أو معهم، وخاصة فيما يتعلق بالتواصل مع الجمهور، حيث يرى أغلبهم أنه شيء ثانوي، من زاوية، ويعتمد على الفطنة والمهارات الشخصية، من زاوية أخرى، ولذلك يكابرون فيفشلون.. يقابل كل هذا موظفون يخافون على مناصبهم، أو مستشارون يخشون على عقودهم، فيصمتون حتى تقع المشكلة.
لا شيء - هذه الأيام - يعتبر أكثر أهمية من حديث وزراء لبرنامج تلفزيوني شهير، ولا يمكن لأي كاتب مهتم بالشأن العام أن يتجاوز ما حدث دون تعليق، وقد فعل بعضهم، وصمت آخرون، ولكن السؤال ما الذي يجب أن تقوله بعد كل ما قيل في الشبكات الاجتماعية؟! وهو السؤال المعضلة منذ سنوات.. لذلك، سأقف على بعض النقاط، التي أعتقد بأهميتها.
أولا: يكابر أغلب المسؤولين على الاستعداد للظهور الإعلامي، فيأتي بلا ترتيب أو مراجعة للمعلومات، ليحضر بشكل سطحي، لا يعلم أبسط الأرقام عن المنظمة التي ينتمي لها، ما يظهره بشكل غير مبالٍ، وبلا احترافية، وهذا الأمر لا يحل إلا بالاقتناع التام بأهمية الرسالة الموجهة للجمهور، وأي خلل في طريقة توجيهها يسقطها (بالكلية)، وقد تُسقط صاحبها في نفس الوقت.
ثانيا: هناك فجوة - غالبا - بين ما يود أن يقوله المسؤول، وبين ما ينتظر أن يسمعه الجمهور، وهذا بسبب انعزال الأول عن احتياجات الأخير، وعدم وجود خط تواصل واضح بين الطرفين، وكذلك بسبب الاختلاف في التوقعات والتحديث، والمشكلة الرئيسة تكمن في جهاز الاتصال المؤسسي، أو العلاقات العامة، أو مهما كانت التسمية، لدى المنظمة، لأنه لم يشرح للمسؤول، ماذا يريد الناس.. ولم يخبرهم ماذا تفعل المنظمة بشكل دقيق.
ثالثا: قد تكون سياسة الصمت، وعدم الاستجابة لأسئلة الرأي العام، تنجح في أزمنة سابقة، رغم أنها حل ليس جيدا، لكنها لم تعد تعمل الآن، في هذا الزمن بالتحديد، زمن الانفتاح التقني، ومنصات صحافة المواطن، من جانب، والرؤية الحديثة للمملكة، من جانب آخر، وهذا ما يوجب أن يقوم المسؤولون بالاستجابة الدائمة، وأن يختاروا المتحدثين القادرين على الإجابة عن أسئلة الجماهير، وفي الوقت ذاته، خلق كل الوسائل التي تسهم بالتواصل معهم، وتسهل إمدادهم بالمعلومة، في أي وقت.
وأخيرا.. هل الاتصال مع الجماهير يعد أولوية لدى المسؤول؟
بحسب إجابة كل مسؤول يكون الفرق. والنماذج كثيرة في مخيلاتكم. والسلام
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2016/10/27