آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عيسى الحليان
عن الكاتب :
كاتب سعودي

الرقابات الشعبية وأدوات التواصل


عيسى الحليان ..

ترسم حاليا ملامح ثقافة شعبية، وخيوط رأي عام، تجاه بعض القضايا، وذلك على خريطة وأعمدة وأدوات التواصل الاجتماعي، وضمن هذا السياق غرد أحدهم قبل أيام بأننا لا نحتاج لهيئة عامة لمكافحة لفساد، وإنما أصبح المجتمع قيما على نبش وملاحقة ملفاته، وذلك على خلفية بعض عمليات التوظيف التي راجت أخبارها في الآونة الأخيرة، وإن كنا لا نعلم مدى صحة مثل هذه الطروحات من عدمه، إلا أنه من المؤكد أن الواسطة قد تفشت وتغلغلت حتى أصبحت جزءا لا يتجزأ من المكون العام، وثقافة التوظيف الحكومي، ولهذا أسبابه المعلنة وغير المعلنة، ولايعني كونها مسألة اجتماعية كما يروج لذلك البعض، بأن ليس ثمة حلول لها كما يدعي أولئك كغطاء لتفريق دمها بيننا، وخلط أوراق المسؤولية تجاهها، فالحلول موجودة وانتشارها ما كان ليتم بهذا الشكل الصريح لولا غياب هذه الحلول أصلا، فالبيض الفاسد لا بد أن يتدحرج على البيض الصالح إن هو ترك!

وفي سبيل القضاء على مظاهر الفساد من واسطة وغيرها، فإننا نحتاج إلى تغييرات واسعة وتعديلات جوهرية في النظام العام، قبل أنظمة التوظيف والترقية والتعيين التي لا قيمة تذكر لها، فالأنظمة السيادية العمومية هي من يحتاج إلى ذلك باعتبار أنظمة التوظيف والتعيين ليست سوى ظل لها، وهي الخطوة الأولى نحو سن قوانين صارمة ومباشرة لمواجهة الظاهرة التي أصبحت تشكل إعاقة حقيقية في جسد نظامنا المالي والإداري !!

ثمة «مافيات» إدارية ومالية تلعب من خلف الكواليس، تصعد ناسا وتهبط ناسا، ونحن لا نراها على خشبة المسرح، نرى العرائس فقط، لكن الجديد في الموضوع متغيران أساسيان، الأول حجم وانتشار ظاهرة الفساد والذي تشكل الواسطة عموده الفقري والتي ما كان لها أن تستشري بهذا الشكل لولا غياب القانون وقصور النظام، وبالتالي فإنها أصبحت تستبيح أي شيء في نظام القبول والتوظيف والترقية والتعيين، والحصول على حقوق من هم أجدر، مع ما يترتب على ذلك من تحييد لمبدأ تكافؤ الفرص، والإخلال بميزان العدالة الاجتماعية، وما يتركه ذلك من احتقان في النفوس والشعور بالغربة، والثاني هو صعود نجم أدوات الاتصال الاجتماعي وبسرعة الصاروخ، حتى غدت سلطة اجتماعية هائلة التاثير، وبالتالي فإن كل موظف يعمل في إدارة جهاز حساس أصبح «قنبلة موقوتة» لأنه يستطيع نبش أي موضوع وفتح أي ملف وتتبع خيوط أي قضية ونشر كل بياناتها وأرقامها لتشتعل فورا كقضية عامة، ولا من شاف ولا من دري.

لو كان لدينا مؤسسات مجتمع مدني فعالة تقوم بدورها الاجتماعي كما هو حاصل في كل الأمم والمجتمعات وتساهم في تشكيل هذا الوعي، وإعلام رسمي وشبه رسمي منفتح على قضاياه بمقاسها الطبيعي، ومنابر وطنية تتكافأ فيها الفرص بين كل تيارات الوطن ورموزه لتحقيق التوازن الفكري، هل كنا سنصل يا ترى إلى هذه المرحلة من مراحل تسليم قيادة وعي المجتمع وهندسة ذهنيته العامة لأسماء مشفرة، وكتابات مأزومة، وطروحات خارجة عن النص؟.

صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2016/11/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد