حتى لا نستيقظ على ضحية عنف جديدة !
أمل زاهد ..
لم تكدْ تهدأ قضية (مريم العتيبي) على مواقع التواصل ، حتى برزت لنا قضية الفتاة المعنفة ( سارة عزيز العتيبي ) التي قضت شنقاً حسب برقية انتشرت على موقع ( تويتر ) ، في وسم يتحدث فيه المغردون عن مزاعم تؤكد تعذيب الفتاة ذات الأربعة عشر ربيعاً على يد زوجة والدها، وحبسها ،وحرمانها من رؤية والدتها ، وصولاً إلى شنقها تعليقاً بالمروحة ! وأنا هنا أضم صوتي لصوت جماهير مواقع التواصل الاجتماعي ، وأطالب المسؤولين بتجلية حقيقة الأمر في هذه القضية الموجعة ، وتأكيد صدقية التفاصيل المذكورة في الوسم من عدمها ، والتي كانت سبباً في وصول الضحية- تغمدها الله برحمته- لهذه النهاية الشديدة الإيلام حسب ما ذُكر في الوسم . فلا يحد ويمنع الظلم من إطباق أياديه المتجنية على ضحاياه إلا العقاب الرادع ، ولا يمكن محاصرته والتضييق عليه إلا بمعرفة الأسباب والثغرات المؤدية له ، ثم الالتفاف عليها وتضييق الخناق لنسد على الظلم كل المنافذ .
وبغض النظر عن صدقية هذه القضية من عدمها ، فهي تحيلنا من جديد إلى أهمية مراجعة الآليات المتخذة في حالات العنف الأسري من جهة ، وهي قضية شائكة لايبدو أن قانون الحماية من الإيذاء الذي تم إقراره عام ٢٠١٣ميلادي -وتم فيه تجريم العنف الأسري واستغلال الأطفال وإهمالهم وخلافه من قضايا الإيذاء -، قادرٌ وحده -دون آليات تنفيذية واضحة ومحددة-، على احتواء أبعاد القضية بكافة أوجهها. وهنا لابد من آلية تنفيذية حاسمة ، تضمن سرعة التحقيقات في حالة شكاوى ومزاعم التعنيف، فسويعات تأخير قليلة قد تتسبب في إزهاق روح بريئة لاذنب لها ، أو تعرض أخرى للأذى الجسدي أو النفسي ، مع مايجترحه هذا الإيذاء في النفوس الغضة من آلام وجروح يصعب اندمالها والبرء منها!
من جهة أخرى ، تضعنا هذه القصة أمام قضية حضانة الأطفال في حالات الطلاق والتي يفترض أن تكون للأم، فهي بالفطرة وطبيعة التكوين، الأكثر قدرة وكفاءة على احتضان الأبناء ورعايتهم والحدب عليهم واحتوائهم ، في حالة الانفصال وتعرض الكيان الأسري للتشظي والانقسام. في هذه الحالة لابد أن تكون الحضانة للأم، إلا إذا تم التثبت بالدليل الدامغ المؤكد من عدم صلاحيتها وكفاءتها لهذه المهمة ،أو في حال عدم رغبتها في حضانة أطفالها . ومن الضرورة بمكان في كافة الأحوال مراعاة مصلحة الطفل بأوجهها المختلفة ، ليتم إيكال الحضانة للطرف الأكثر قدرة على توفير الأمان والاستقرار النفسي للطفل ، إذا استبعدنا الأم لنقص كفاءتها وقدرتها أو لعدم رغبتها.
من الضروري أيضاً متابعة قضايا الحضانة ، والتأكد من استدامة سلامة البيئة الحاضنة للطفل ، والتثبت من أن الطفل يحظى بالأمان والاستقرار النفسي والعاطفي ، فقد يطرأ أمر جديد يخل بأمن هذه البيئة وسلامتها، أو قد يعنُّ ما يخل بكفاءة الحاضن نفسه ، أو قدرته على التعاطي مع مهمة الحضانة باقتدار وكفاءة .وهنا لابد من استحداث لجان متابعة وملاحظة ، تتابع وترصد وتقيِّم أوضاع الطفل في ظل الحاضن/ة ومايقدمه من رعاية للطفل . والمتابعة آلية ناجحة، أثبتت من خلال التجارب في مجتمعات أخرى فعاليتها، وقدرتها على تقويم البيئة الحاضنة للطفل ، والتأكد أن من آلت إليه الحضانة يؤدي المهمة على أفضل وجه ممكن .
إن روحاً واحدة تُزهق أو نفساً واحدة تُعذَّب كفيلة بأن تؤرق مضاجعنا ، وتجعلنا نطالب بمراجعة كافة الإجراءات والآليات المتخذة في حالات العنف وإيكال الحضانة لمن لا يستحقها ، فما بالنا ونحن نرى الحالات تتكرر دون حلول ، حتى تكاد تصبح ظاهرة خطيرة تصم مجتمعنا وثقافتنا!
كل فرد من أطفالنا وفتياتنا قد يصبح فريسة ينهشها العنف الأسري إذا ما وضع في ظروف مشابهة ، ما ما دمنا لم نضيِّق على العنف والمعنِّفِين الخناق ، فهلَّا سارعنا إلى منع الظلم عنهم ؟!
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2016/11/15