بين دراسات نزاهة وغسالات الشورى
علي الشريمي ..
إذا كانت نزاهة مصرة على أن ضعف الوازع الديني والأخلاقي سبب الفساد، فأقترح عمل مذكرة تفاهم بينها وبين وزارة الشؤون الإسلامية لعمل محاضرات وعظية في المساجد والمدارس عن مظاهر الفساد
أخبار متزاحمة خلال هذا الأسبوع على صفحات الصحف. الخبر الأول يقول إن هيئة مكافحة الفساد "نزاهة" قامت مؤخرا بنشر دراسة عن أهم أسباب انتشار الفساد المالي والإداري في القطاع الحكومي الخدمي، الدراسة تشير إلى أن "ضعف الوازع الديني والأخلاقي"، هو السبب الأول والذي احتل نسبة (83%) من الأسباب الأخرى. علما بأن هذه الدراسة ليست بالجديدة، ففي عام 2014 أقرت نزاهة وعلى لسان رئيسها السبب ذاته كأحد أهم أسباب الفساد بنسبة (88%)!
يبدو أن هناك شبه إصرار من قبل "نزاهة" على نتائج الدراسة، وأن عبارة "ضعف الوازع الديني" هي عبارة علمية دقيقة وواقعية تشخص المشكلة الرئيسة للفساد عندنا حتى ولو كانت هذه العبارة غير موجودة في أدبيات مؤشرات الدول الأقل فسادا على مستوى العالم، مثل الدنمارك وفنلندا والسويد والنرويج، رغم أن هذه الشعوب غير مسلمة!، وإذا كانت نزاهة مصرة على الدراسة فإذن يجب أن يكون هناك حل، وهنا أورد حلا رئيسيا وهو عمل مذكرة تفاهم بين "نزاهة" و"وزارة الشؤون الإسلامية"يتم فيها التأكيد على الخطاب الديني بعمل محاضرات فقهية ووعظية في المساجد والمدارس والحديث عن كل أشكال ومظاهر الفساد مثل: إساءة استعمال السلطة والمتاجرة بالوظيفة والتلاعب بالميزانيات، وعدم احترام حقوق الإنسان، والواسطة والمحسوبيات والفساد العنصري والاختلاس والمتاجرة بالنفوذ، والرشوة -كالهدايا مثلا- ومحاسبة المسؤولين، والتيقظ في الأعمال المصرفية لمحاربة غسل الأموال والثراء غير المشروع وحسن إدارة الشؤون والممتلكات الحكومية، والتأكيد على مبدأ سيادة القانون والنزاهة والشفافية والمساءلة والمساواة وإعلاء قيم العدالة الاجتماعية.
أبرز الأخبار التالية والتي كان لها صدى واسع في وسائل التواصل الاجتماعي جاءت من قبل أحد أعضاء مجلس الشورى الذي طالب المواطنين بترشيد الاستحمام واستخدام "دشوش" الاستحمام ذات الحنفيات التي لا تشعر مستخدمها بنقص المياه، وفي الوقت نفسه ذات جودة عالية، وكذلك طالب بتركيب أكياس بلاستيكية، تسمى "أكياس إزاحة"، تعبأ بالماء وتوضع داخل الصندوق، وتوفر في مياه السيفونات قدر حجمها، وأخيرا طالب باقتناء غسالات التحميل الأمامي، كونها تحافظ على المياه وتحد من الهدر، لافتا إلى أن غسالات الملابس التي تزود بالمياه من الأعلى تعتبر الأكثر هدرا للمياه. من الواضح أن هناك قناعة شبه تامة أن المواطن هو السبب الرئيسي للهدر المائي! عضو مجلس الشورى ورئيس لجنة المياه والزراعة والبيئة لم يضع بعين الاعتبار استهلاك المرافق الحكومية من مدارس ومستشفيات ومساجد ودوائر حكومية، ولم ينظر كذلك في استهلاك القطاع التجاري والمصانع داخل المدينة، والمدن الصناعية والورش الصناعية، ولم يتحدث عن استهلاك الزراعة في الماء المستخرج من الآبار والذي يقدر تقريبا بـ30 ضعف حجم النفط المستخرج من الآبار يوميا في المملكة كما يؤكده المختصون. نعم لا أحد يختلف بأن الترشيد الهدف منه الاحتفاظ بالمياه للأجيال القادمة، ولكن الترشيد يحتاج لجهود الوزارة وجهود مجلس الشورى، وليس إلقاء المسؤولية على المواطن. فمثلا مطالبة عضو الشورى باقتناء الغسالات الأمامية كونها أقلا هدرا للماء صحيح، ولكن سعرها الحالي هو 3 أضعاف الغسالة العلوية، والحل ببساطة عزيزي عضو مجلس الشورى الموقر: يكفي على المواطن تحمل الفواتير المرتفعة وانقطاع المياه المتكرر وتهالك أنابيب المياه في الأحياء والتي تمثل أكبر هدر، وأقترح على المجلس الموقر إقرار قانون الدعم لأجهزة ترشيد المياه، وذلك من خلال توفير كوبونات الدعم لكل مواطن يشتري فيها هذه الأجهزة.
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2016/11/17