مرارة العاطل.. ومبادرة التوطين
فواز عزيز ..
بعض الأخبار مستفزة بغض النظر عن «مصداقيتها»، وبعض القرارات الحكومية التي تبنى عليها تلك الأخبار مستفزة أكثر بغض النظر عن «إمكانية تنفيذها» أو «حقيقة الرغبة في تنفيذها»..!
كيف يمكن لشاب «عاطل» يحمل البكالوريوس في تخصص «الصيدلة الإكلينيكية» بمعدل جيد جدا، أو كل شاب وفتاة عاطلون وهم يتوسدون أحد التخصصات الصحية، أن يقرؤوا خبرا بعنوان «200 ألف وظيفة للسعوديين» بغير «المرارة» التي تزداد كلما غاصوا في تفاصيل الخبر التي تقول: «تعتزم وزارتا التعليم والصحة إطلاق مبادرة مشتركة لرفع الجودة في التدريب على مجالات المهن الصحية المختلفة، تمهيدا لتنفيذ خطة توطين تشمل 200 ألف وظيفة في القطاعين العام والخاص يشغلها غير سعوديين..»..!
مؤلم للوطن بشكل عام أن وزارة التعليم تشارك وزارة الصحة في «المبادرة» التي تبشر بتوطين 200 ألف وظيفة، بينما خريجو التخصصات الصحية عاطلون، ثم تؤكد «المبادرة» أنها تعمل على زيادة الطاقة الاستيعابية في المجالات الصحية، وتجهيز السعوديين لشغلها، والتوسع في التدريب الصحي، وتطبيق معايير الهيئة الوطنية لتقويم الاعتماد الأكاديمي على جميع الجامعات والمعاهد..!
فكرة المبادرة مؤلمة؛ لأنها تتحدث عن توطين 200 ألف وظيفة، بينما لدينا نحو 30 جامعة لم تستطع توطينها طوال 10 سنوات ولم تقصر في توفير العاطلين..!
ومؤلمة؛ لأنها تثبت باعتراف صريح من وزارتي التعليم والصحة ما يلي:
• أن الطاقة الاستيعابية للتخصصات الطبية في القطاع الصحي لم تكن معلومة لدى جامعات وزارة التعليم التي خرجت أكثر من الطاقة ما استدعى «رفع الطاقة»، وهذا يثبت عدم التنسيق بين الوزارتين ما سبب «هدرا» للمال العام ورفع أرقام البطالة..!
• وتتهم المبادرة «الجامعات» الحكومية والأهلية التي تعمل تحت إشراف وزارة التعليم بأن خريجيها العاطلين يحتاجون «تجهيزا» ليتم شغلهم بالوظائف الصحية، وتثبت أن تدريب الجامعات لخريجي التخصصات الصحية غير كاف، ولا أدري كيف توافق وزارة التعليم على هذه الاتهامات غير المباشرة التي تتضمنها آلية عمل المبادرة..!
• وتثبت أن معايير الهيئة الوطنية لتقويم الاعتماد الأكاديمي غير مطبقة على كل الجامعات والمعاهد..!
(بين قوسين)
•• مبادرة توطين 200 ألف وظيفة صحية، لا بد أن يسبقها إقرار بالفشل في توفير متطلبات وزارة الصحة من التخصصات..!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/11/22