وما زالوا يدهنون
حمود أبو طالب ..
أتمنى أن يكون معالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة متابعاً لما تنشره الصحف عن العمليات التجميلية الشكلية التي تتم في بعض مستشفيات منطقة الباحة استعدادا لزيارته المرتقبة. وبما هو معروف عنه من حزم وانحياز للمواطن أتمنى أن يكون قد اتخذ قراراً تكتيكيا سريا يفاجئ به القائمين على أعمال الترميم والترقيع والدهانات لمبان شاحبة في جوهر مسؤولياتها وواجباتها كمرافق تقدم خدمة صحية للمواطن، وهذا ليس اتهاما شخصيا مجانيا وإنما ما يقوله ويؤكده الناس هناك.
لا أعتقد وجود مؤامرة صحفية على صحة الباحة بالذات بحيث تختلق أكثر من صحيفة قصة أو تقريرا عن الاستنفار الكبير لتجميل المظهر وإخفاء الجوهر، موثقا بالصور وتعليقات المواطنين، بل وحتى بعض المرضى الذين تضرروا بسبب أعمال الترميم ورائحة الدهان النفاذة التي طالت حتى بعض أقسام التنويم المليئة. صحيفة عكاظ نشرت تقريرا عن هذا الموضوع المخجل قبل ثلاثة أيام، وأكدت ذلك صحيفة المدينة يوم أمس، بالإضافة لبعض الصحف الإلكترونية ومواقع التواصل. ومع أننا جميعا نعرف أن هذه الممارسات التضليلية للمسؤولين كانت تتم بشكل علني سافر في زمن سابق، إلا أننا اعتقدنا أنها لم تعد كذلك خلال هذه المرحلة المكشوفة التي لا يمكن إخفاء شيء خلالها، وأصبحت فيها المغالطة مغامرة محفوفة بالخطر على من يمارسها، لأن صوت المواطن صار عاليا ومسموعاً، وكل شخص يحمل في يده جهازا ذكيا أسرع من أي وسيلة إعلامية في توثيق وبث الحقيقة وكشف محاولات إخفائها. لقد شاهدنا في أوقات ماضية ما يندى له الجبين من مثل هذه التصرفات وكتبنا كثيرا عن الضرر الفادح الذي ينتج بسببها على المواطن في أي مجال وأي خدمة ينتظر تحسينها، لكن يبدو أننا أحيانا مصابون بحنين لاستحضار أسوأ ما في تراثنا الإداري الذي يجب أن يكون محذوفا من منظومة الفكر الإداري التي يحتاجها الحاضر والمستقبل. هذه الحادثة تذكرني بمقال كتبته عندما صدر تعيين الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أميراً لمنطقة جازان وبدأت الإدارات تتسابق في تجميل مرافقها قبل وصوله، كان عنوان المقال «إنهم يدهنون يا سمو الأمير» وقد أغضب الكثير من المسؤولين آنذاك لكنه أرضى ضميري وكشف التزييف لسموه وحظي بشكره وثنائه. أقول هذا حتى لا يظن إخواني في صحة الباحة الذين أربأ بهم واحترمهم أنني أنتقد الجار وأنسى الدار.
وإذا كان فكر «الدهان» ما زال مستمرا فكيف يا مسؤولينا يمكننا تحقيق طموح التحول وتطلعات الرؤية.. ننتظر مفاجأتك يا دكتور توفيق.
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/11/24