رسالة من موظف مفصول
أحمد عجب الزهراني ..
نصيحتي لكل مسؤول كان ينظر للشاب السعودي من برج عالٍ، أو سبق أن اتهمه بقلة الإنتاجية، أو قال له يوما ما (كفاية دلع)، أن لا يقرأ هذه الرسالة الموجعة، لأنه إن كان يحمل بين جوارحه ذرة إحساس أو لا يزال عنده قطرة دم، فلن يسامح نفسه أبدا على تهميشه لهذا الإنسان، الذي لا يملك من حطام الدنيا غير أمانته وسمو أخلاقه !
الموظف السعودي الذي تم تسريحه مؤخرا، رغم حاجته الماسة للوظيفة باعتبارها مصدر رزقه، لم يستخدم حقه القانوني في التظلم من القرار، وإنما بعث إلى الشركة بهذه الرسالة المعبرة التي يقول فيها: بعد 15 سنة خدمة وفي ختام عملي بشركتكم، وقبل أن أستلم حقوقي، أود أن أطلب منكم بعض الأمور، أولا: من الأشياء التي تعود عليها الناس استخدام بعض أدوات العمل في غير ما وضعت من أجله، كالأقلام والأوراق والطابعة وآلة التصوير، لذا آمل منكم خصم ستة آلاف ريال من مستحقاتي لصالح الشركة، وهو تقدير رأيناه وعفا الله عني في ذلك.
ثانيا: هناك أمر يؤرقني كثيرا، هل العمل الذي نؤديه مقابل ما نأخذه من مال، هو عمل تام يرضي الضمير، فالمطلوب أداء 8 ساعات ونحن في الغالب نؤديها كاملة وإن نقصت عوضناها، لكن السؤال هنا: هل الإنتاجية كافية ؟!، قد يقول قائل: إن هذا هو العمل الذي كلفت به، أو أن الإحباط استولى علي بسبب بعض ما أراه من محاباة، أو أنك لم تأخذ حقك كاملا فأثر ذلك على عملك، لكن أي من هذه الأعذار وإن كان صحيحا، هل يريح الضمير ؟!، لذا آمل منكم خصم عشرين ألف ريال من مستحقاتي مقابل أن تصفح عني المؤسسة وتسامحني.
لم يكتف الموظف المخلص بما قدمه من دروس، بل ختم رسالته قائلا: وأنا أقابل ذلك بمسامحتي للشركة إن كانت هضمت لي حقا أو حرمتني من ترقية، ووددت أن أكون قادرا على دفع أكثر من ذلك تبرئة لذمتي وإراحة لضميري، ولكن الهدف الأكبر أن نخرج بقلب صاف على إدارة الشركة ومجلس إدارتها، وأرجو أن يقابلوني بذلك أيضا.
ونحن نقول: ليت أرباب العمل يقابلون مثل هذه النماذج المشرفة بالرعاية والتطوير، والتي أنبها ضميرها على استخدام عادي لبضعة أوراق لا تصل قيمتها المئة ريال، وأنبها ضميرها على قلة الإنتاجية مع أن الموظف يستحق الأجر كاملا متى حضر واستعد للأداء ولم يمنعه إلا سبب راجع للشركة، أنبها ضميرها على صغائر الأمور في زمن شاعت فيه الواسطة والمحسوبية وفاحت فيه رائحة الفساد النتنة، فمتى يعي أرباب العمل حقيقة أن تسريح الموظف المخلص هو أكبر خسارة تتعرض لها المنشأة خلال السنة المالية وأكبر دين يتم إعدامه بدم بارد !؟
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/12/09