شتاء جادة بنسلفانيا
حمود أبو طالب ..
أيام قليلة وسيدخل دونالد ترمب البيت الأبيض بعد فصل درامي غرائبي في تاريخ الانتخابات والسياسة الأمريكية عموما. صحيح إنها أمريكا أم العجائب والغرائب، لكن في ظل السخونة العالية التي يعيشها العالم والتوتر الشديد الذي تشهده مناطق عديدة، والإرهاب الذي لم تعد له ملامح ولا توصيفات ولا تعريف، والحروب الأهلية الطاحنة التي أفرزت ملايين اللاجئين والمشردين، والحرب ضد الإرهاب التي تكاد تكون في بعض البؤر أسوأ من الإرهاب نفسه. في ظل كل هذا اللامعقول يشعر الإنسان بقلق لا متناهٍ عندما ينظر إلى ذلك المبنى الذي يكاد شكله وحاله هو ذاته الآن ينبئ بقلق ربما غير مسبوق في تأريخه.
سيد البيت الأبيض الجديد يبدو أنه لن يكون أفضل حالاً في إدارة السياسة الأمريكية خلال مرحلة ما بعد خراب أوباما والدمار الشامل الذي خلفته سياسته. ربما ليس بالتردد والخور الذي اتصف به أوباما وفريقه، ولكن بالتهور والاندفاع نتيجة طغيان شعور الملياردير الذي يملك كل شيء، وربما يظن بعد جلوسه في المكتب البيضاوي أن العالم كله أصبح عقاراً يمتلكه ومن حقه أن يديره ويستثمره كيف يشاء، بعقلية التاجر وليس بعقلية رئيس الدولة الكبرى والأقوى التي يجب أن تستعيد توازنها ومكانتها التي اهتزت كثيراً.
السيد ترمب يهدد بالخروج من معاهدات مهمة، وإلغاء معاهدات أخرى متعلقة بالتبادل التجاري مع دول مهمة ومحورية في التجارة العالمية وموازين القوى الاقتصادية. ومؤخراً تم تسريب أخبار إلى الإعلام تفيد بأن العالم لن يكون أقل توتراً في المرحلة المقبلة، أي المرحلة الترامبية، ولكم أن تتصوروا كيف سيكون هذا العالم المنكوب إذا كان سيصبح أكثر توتراً مما هو عليه الآن.
وبالإضافة إلى كل إرهاصات الفوضى المتوقعة لإدارة ذلك المبنى القابع في جادة بنسلفانيا بواشنطن العاصمة، الذي يلفه الآن شتاء جعله يبدو مؤخراً أكثر شحوبا وكآبة وحزنا، فإن السيد ترمب لم يتورع عن مفاجأة العالم باختيار صهره الشاب، زوج ابنته الحسناء ليكون واحداً من أهم مستشاريه بعد تكييف الوضع قانونيا على أيدي محامين بارعين في التخريجات التي تؤكد عدم تضارب ذلك مع المصلحة العامة أو قوانين المحاباة والمنفعة من المنصب. إنها «كوسة» عائلية أمريكية رسمية قد تفوق أشهر طبخة كوسة عائلية عربية، وبالتالي سيكون البيت الأبيض حضناً للمال والجمال والصفقات التجارية، ولن يدع لنا نحن العرب فرصة لنقد المحسوبيات في اختيار المسؤولين لذوي القربى، عائليا وشخصيا..
وأما السياسة التي ستخرج من دهاليز ذلك البيت فالله وحده يعلم ما ستؤول إليه من كوارث، وهو الكفيل بتجنيب البشر من نتائجها.
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2017/01/12