كيف نحتسب خط الفقر؟
أمجد المنيف ..
من أعظم المآسي التي نواجهها، أو نعايشها لأكون دقيقا، ضعف أو قلة وجود جهات التصنيف، أو المرجعيات المتخصصة، التي من خلالها يتم احتساب الكثير من القضايا.. ولن أكون مبالغاً، لو قلت إن الأمر شبه معدوم، وليس متعلقاً بالضعف وحسب، وهي مشكلة تشترك فيها المؤسسات الحكومية، من خلال ضعف المخرج، وكذلك المجتمع المدني، جراء عدم جديته، وأخيرا المؤسسات الإعلامية، المفرغة من العمل المتخصص غالبا.
أحد أهم الإشكالات في الوقت الحالي؛ هو الفقر، وهي قضية عالمية، تزداد وتتفرع مع الوقت، وتختلف تأثيراتها من دولة لأخرى، بحسب تصنيف الدولة، وظروفها الاقتصادية، وبعض المعايير الأخرى، بل إن منهجيات احتسابه تختلف وتتابين، لكن ما يتفق عليه دائما هو وجوب وجود سياسة موحدة لمجابهته، تستوعب أسباب انتشاره، وتجمع كل الجهود.
مؤسسة الملك خالد الخيرية، قامت أخيرا بنشر تقرير عنونته بـ»تقرير تطوير منظومة الدعم الحكومي في المملكة العربية السعودية»، أرادت من خلاله أن تشرح، أو لنقل ترسم خارطة حلول، لمعرفة الفئات المستحقة للدعم الحكومي لدينا، وترشيدها من خلال تحديد الحد الأدنى للكفاية، مقرونا بتحديد الفقر النسبي، وهو عمل نوعي ننتظره من الجهات الرسمية، منذ وقت طويل.
التقرير، الذي يفترض أن يؤخذ كمرجعية رسمية جادة -كما أعتقد-، أظهر أنه لا توجد اليوم سياسة أو برنامج للحماية الاجتماعية الشاملة في المملكة، وإنما توجد برامج متفرقة موزعة بين جهات حكومية مختلفة، تشكل فيما بينها شبكات أمان اجتماعي، يقدم من خلالها الدعم، بلا معايير مدروسة لهذه المساعدات، أو تحديد ناجح للفئات المستحقة للدعم، بسبب عدم حساب خطوط الفقر، وعدم استخدام مسوحات دخل وإنفاق الأسرة لتحديد الاحتياجات الأساسية للأسرة السعودية، إضافة إلى عدم تحديد لخصائص الفئات الهشة في المجتمع وإيضاح احتياجاتها.
لافت أن التقرير راعى المنهجيات المختلفة لاحتساب خط الفقر، حيث قال إنه وباستخدام الطرق التي يتبعها الاتحاد الأوروبي يكون 6343 ريالا، وبحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يصبح 5361 ريالا، أما على ذمة هيئة الإحصاءات الأميركية فـ 2252 ريالا، والبنك الدولي 1432 ريالا، وخلص إلى أن تحديد الحد الأدنى للكفاية هو 12496 ريالا.
الأميرة البندري بنت عبدالرحمن الفيصل، المدير العام لمؤسسة الملك خالد، قالت إن إطلاق المؤسسة لهذا التقرير يقع في صلب التوجهات الاستراتيجية للمؤسسة، والدور الذي يجب أن يساهم به القطاع غير الربحي بشكل عام، لاسيما أن رؤية المملكة 2030 قد أكدت على الدور التكاملي بين القطاعات الحكومي وغير الربحي والخاص لإنجاز مهمة تطوير منظومة الخدمات الاجتماعية لتكون أكثر كفاءة وتمكينا.. ليبقى السؤال: كيف ستتعاطى المؤسسات الرسمية مع هذا التقرير؟! والسلام..
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/01/19