وزارة النجاح !
محمد الرساسمة ..
النجاح مطلب فطري والكل يسعى إليه ولأن النجاح له طعم خاص من حق الناجح أن يستعرض نجاحه ولكن من حق الآخرين أن يعرفوا مدى تأثير نجاحه في المجتمع ولكن يبدو أننا وقعنا في فخ النجاحات الفارغة من الداخل وكل ذلك بسبب نجاح بدون تأثير لا على الشخص نفسه ولا على مجتمعه وأعتقد أن الفضل يعود إلى ماعودتنا عليه وزارة التعليم منذ الصغر بأننا ناجحين منذ أولى إبتدائي مما أثر على المحصلة النهائية لدينا فبدلاً من أن نكون متعلمين أصبحنا ناجحين !
وللوالدين فضل في التركيز على نجاح أبنائهم بغض النظر عن مستوى تعليمهم وكم نتذكر تهديد معلمينا ومسوامتنا على درجات النجاح وأحياناً غشنا بدرجات لانستحقها لأن النجاح هو الهدف وليس التعليم كل ذلك أنتج لنا مشكلة حقيقية في أن غالبيتنا لم يتعلم التعليم الحقيقي عندما اصطدمنا بعقبة النجاح الفعلي أمام ماوهبنا الله إياه من مواهب متعددة فعندما يصل أبناءنا إلى مرحلة الثالث ثانوي يبدو تائهاً وقد يسكت مجتمعه بطموحه في الطب وهو يملك موهبة أخرى قد تجعله إيقونة نجاح حقيقي في وطنه لكن وزارة النجاح أجبرته بهذا التفكير العجيب الذي جعله ينجح بدرجات عاليه أهلته أن يدخل بها كلية الطب ويتفاجأ بأنه يغمى عليه عند رؤيته للدماء !
فلو أن التعليم العام متنوع بجميع العلوم الإنسانية وغير الإنسانية وتعزز قيمة التعليم الحقيقية التي بلا شك ستشهد تنوعاً في كيفية استقطاب المتميزين بشتى العلوم مبكراً ولو آمنا بأنه لايوجد طالب فاشل سنحقق اكبر تميز علمي ولكننا رسمنا لهم الفشل مبكراً بنجاحات فارغة لاتحوي من التعليم إلا القليل وربما القليل جداً ولأننا أبدعنا في عدم تنوع التعليم وتحديثه انتقل الوباء لمستوى التعليم العالي فرسمنا للبطالة طريق واضح بتخصصات لم تعد تغني ولا تسمن من جوع فكم من طلاب بكليات الشريعة والتربية الخاصة والاجتماعيات وغيرها عرفوا متأخراً أنهم قادرين على أن يقدموا لأنفسهم ولمجتمعهم الكثير لو أن التعليم ساعدهم في اكتشاف أنفسهم في تخصصات أخرى والمصيبة عندما نعاني من ازدحام أجنبي في الوظائف الطبية ونحن في جامعتنا جعلناها تخصصات مقدسة وبعدد صغير جداً بالرغم أن هذه السياسة لن تجعلنا نغطي سوق العمل ولو بعد 100 عام مع ازدياد تعداد السكان، فماذا لو استغنينا عن تخصصات متكدسة واستفدنا من مقاعدها للتخصصات المطلوبة بسوق العمل بدلاً من أن نخرج عاطلين وكأن الوزارة في دولة أخرى !؟
ماذا لو أن التعليم العام يعلمنا ويكتشفنا وينوع تعليمنا ؟ أعتقد أن كل ذلك بسبب السياسات الخاطئة في التعليم العام والعالي وأعتقد أن بين هذين التعليمين حواجز كبيرة ولربما أنهم لم يجلسوا على طاولة واحدة يناقشون فيها مؤامة التعليم مابين العام والعالي ، نعم نحن في أزمة حقيقية علينا أن نستنهض فيها كل إمكانياتنا وعقولنا لعلنا نجد مخرجاً واحداً منها وإلا فسنستمر في إسطوانتنا المشروخة فنقول لطلاب التعليم العام مبروك النجاح ولطلاب الجامعات مبروك البطالة .
صحيفة أنحاء
أضيف بتاريخ :2017/01/24