الرئيس ترامب: أين ذهبت التريليونات؟!
سالم بن أحمد سحاب ..
خطاب الرئيس الأمريكي الجديد (ترامب)، بعد تنصيبه مباشرة، ظهر الجمعة الماضية، لم يكن مفاجئًا، بل اتَّسم بكلِّ ما عُرف عنه منذُ بدء حملته الانتخابيَّة قبل عدَّة أشهر. خطابه محشوّ بالحديَّة المعروفة، وبالنبرات المرتفعة، وبالأحلام الكبيرة، وبالتطلُّعات المثاليَّة، وبالهجوم الصاعق على صانعي القرار الذين سبقوه من الجهازين التنفيذي والتشريعي. قال ترامب: (إنَّ المؤسَّسة السياسيَّة اهتمَّت بحماية نفسها، لا بحماية الشعب الأمريكي). كلام لدغدغة العواطف، ربما كان مكرورًا، لكن حتمًا هو يحمل اليوم توقيع الرئيس، وليس المرشح ترامب، أو المنتخب ترامب.
وفي الخطاب جملة من الآراء المتعارضة، فهو مثلاً وَعَدَ بتطبيق سياسة اقتصاديَّة تقوم على مبادئ الحماية للمنتج الوطني الأمريكي، وفي الوقت نفسه يريد نموًّا اقتصاديًّا يتجاوز 4%عبر جلب استثمارات خارجيَّة دوليَّة! شعار (أمريكا أولاً) لا يتَّسق مع فعل (الاستثمار في أمريكا مستقبلاً!).
لكنَّ أكثر ما اعتبره شخصيًّا من النصوص المثيرة والأفكار الجريئة اتِّهامه الإدارات السابقة بأنَّها أنفقت تريليونات من الدولارات على الخارج، في حين تعاني البلاد من تدهور في بناها التحتيَّة ومرافقها الأساسيَّة مثل المطارات، والطرق، والنقل العام، وغيرها! جميل جدًّا، ولكن ما هي أوجه هذا الإنفاق على الخارج يا فخامة الرئيس؟ هل بُنيت مثلاً بجزء منها مستشفيات، أو مدارس، أو كليَّات، أو طرق، أو مطارات؟ يا ليت الرئيس الحريص يُظهر للعالم قائمة بالمنجزات الإنسانيَّة والعمرانيَّة التي حظيت بها دول في الخارج، وكلفت الخزانة الأمريكيَّة تريليونات، أو حتَّى مليارات الدولارات؟.
كل هذه الأموال المهدرة ذهبت للحروب والمكائد، وتسليح إسرائيل، ودعم انقلابات، وإسقاط أنظمة، وترسيخ أنظمة أخرى موالية للغرب، تحظى بتأييد الكيان الصهيوني العتيد! لقد مات يا سيّد ترامب بفضل هذا الإنفاق السخي عشرات، بل مئات الألوف من عرب الشرق الأوسط وأفغانستان، إضافةً إلى ألوف من جنودكم، وجنود حلفائكم.
لو أنفقت هذه الأموال فعلاً على رخاء الناس في الخارج، لما شعرتم أبدًا أيُّها الأمريكيون بأيِّ تهديد في الداخل! ولتحوَّل الشرق الأوسط إلى عالم أفضل كثيرًا من حاله اليوم.
سيد ترامب: مطلوب فعلاً تصحيح عاجل صائب لهذا الخطأ القاتل الفادح!! أمَّا المهلة المسموح بها فأربع سنوات طوال.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/01/27