الإسكان من مشكلة إلى معضلة!
عبدالعزيز محمد الروضان ..
كم مرة كتبت عن مشكلة الإسكان وقلت عنها بالأمس: إنها ثالثة الأثافي، ومرت الأيام وتوالت السنون فتفاقمت مشكلة الإسكان فبعدما كانت بالأمس مشكلة تؤرق المسؤولين أصبحت اليوم معضلة، وإن لتفاقم هذه المشكلة أو بالأحرى كما سميتها معضلة عدة أسباب جوهرية لا يمكن أن أتطرق إليها مجتمعة في هذا المقال القصير.. ولكن إن غضينا الطرف عن تلك الأسباب فإنه لا يمكننا بحال من الأحوال أن نغض الطرف عن سبب جوهري. وإني في هذا المقال المتواضع شكلاً ومضموناً لا أملك عصاً سحرية تجعل من أشواك هذه المعضلة وروداً ورياحيناً، إلا أني أرى أن سبب تفاقم هذه المشكلة يعود إلى سبب جوهري ألا وهو أن كل أفراد المجتمع في بلادنا حفظها الله يهرولون فيطرقون الجهات المختلفة التي تمنح إسكاناً مباشراً أو غير مباشر، كمنح الوحدات أو الأراضي أو القروض، وإذا كان جميع أفراد المجتمع يطرقون أبواب الجهات المانحة للإسكان المباشر وغير المباشر دون تمييز بين فقير وغني فإن الذي أعرفه على وجه اليقين أن الجهات المانحة للإسكان بشقيه المباشر وغير المباشر ولا شك ستبقى عاجزة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. وإن هذا العجز أبدي والحالة هذه..
وإني هنا في هذا المقال سأقدم حلاً قد طرحته في مقالات سابقة واليوم بعد أن رأيت تعثر الجهات المانحة للإسكان فإني سأقدم اقتراحي بشكل مبسط واقتراحي هذا يتمحور حول قيام الجهات المانحة للسكن بنوعيه(مباشر/غير مباشر) لأفراد المجتمع على غرار وطريقة المداينة الشرعية بهامش ربح كبير نسبياً. أيها السيدات والسادة دعوني أضيء فكرتي هذه بشكل أوضح وهو أن لا تمنح الجهات المانحة للسكن بنوعيه المنتجات السكنية أو القروض أو الأراضي أو من يأتي إلى الجهات المانحة للسكن بسكن أتى به هذا المتقدم من السوق المحلي سواء كان أرضاً أو وحدة سكنية، ومن ثم تقوم الجهة المانحة للسكن ببيع هذا المنتج أو ذاك على طريقة المداينة الشرعية ومن ثم تطفأ قيمة أقساط هذه المداينة سواء كانت سنوية أو شهرية. إن سبب اقتراحي هذا هو حتى لا يطرق أبواب الجهات المانحة للسكن إلا ذاك الشخص الذي لا يستطيع ولا يمتلك الملاءة المالية الكاملة لشراء سكن له. إننا بهذا الاقتراح البسيط نتحصل على نتيجتين هامتين وهما :
النتيجة الأولى/ أنه إذا سلكنا معطيات هذا الاقتراح فإنه لن يطرق أبواب الجهات المانحة للسكن إلا ذاك الشخص الذي وقع تحت مطرقة الإيجار. فالمداينة عند شراء السكن أرحم بكثـــير من قيمة الأجار الباهظ والذي لا طائل تحته.
النتيجة الثانية / بتملك المواطن هذا السكن على شكل مداينة فإن الشخص الذي يملك ملاءة مالية لن يطرق أبواب الجهات المانحة للسكن، وهو سيبوء بقيمة المداينة الكبيرة. وإن مثل هذا الفرد يرى أن شراءه بنفسه سكناً له دون اللجوء إلى الجهات المانحة للسكن أكثر جدوى اقتصادية بالنسبة له .
وعوداً على بدء أن سبب عجز الجهات المانحة للسكن تلبية طلب المتقدمين هو كثرة الطارقين على أبواب الجهات المانحة للسكن! إذاً أنا هنا أضع اقتراحي هذا على طاولة المسؤولين عن السكن .وهنا قفز إلى ذهني شيء آخر وأنا أتحدث عن أحقية الفقير واهتمام الدولة به ليس في أحقية الإسكان فقط، بل في كل أمر أو نظام تسنه الدولة وهو أن الأغنياء يهرعون يشاطرون الفقير لقمة عيشه وهذا أمر يجب على الأغنياء أن لا يتدثروا بجلباب الأنانية وحب الذات فيقعون في قول القائل: " أنا وبعدي الطوفان" ومثل هذا التوجه شرعنا الحكيم يرفضه لأنه يقوض مبدأ التكافل الاجتماعي.
والله ولي التوفيق
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/01/28