كوريا الجنوبية.. مثال اقتصادي يُحتذى
انور أبو العلا ..
بعض الدول ليس لديها داخل أراضيها مصادر الطاقة الاحفورية (البترول، والغاز، والفحم) التي تُشكّل الآن حوالي 80 % من مصادر استهلاك الطاقة في العالم. لذا تستورد هذه الدول جميع احتياجاتها من البترول والغاز والفحم من الدول التي لديها في أراضيها هذه الموارد الطبيعية.
لكن عدم وجود مصادر الطاقة في هذه الدول (كوريا الجنوبية كمثال اقتصادي يُحتذى به) لم يعوق هذه الدول من تحقيق تقدم اقتصادي تتفوّق فيه على معظم دول العالم الصناعي.
مناسبة هذا الكلام هو صدور تقرير إدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA) بتاريخ 19/ يناير /2017 (قبل 10 أيام) عن كوريا الجنوبية. يقول التقرير إن كوريا الجنوبية تستورد من الخارج 98 % (أي تقريبا جميع) استهلاكها من البترول والغاز والفحم من الدول الأخرى.
وفقا للتقرير المذكور أعلاه فإن مصادر الطاقة الأساسية المُستخدمة في كوريا متنوعة تتكون كالتالي: 41 % البترول، 31 % الفحم، 14 % الغاز، 13 % النووية، 1 % المتجددة.
كذلك يقول التقرير إن كوريا الجنوبية هي واحدة من الدول العشرة الكبرى في العالم المستوردة للبترول، ويبلغ استهلاك كوريا للبترول 2.4 مليون برميل في اليوم وفقا لعام 2015. وتستورد كوريا البترول من كل من الدول التالية: المملكة 30 %، الكويت 14 %، العراق 13 %، قطر 11%، الإمارات 10%، روسيا 6%، إيران 4%، والدول الأخرى 12%.
ويستطرد التقرير قائلا: رغم عدم جود البترول الخام في كوريا واعتمادها على استيراده بالكامل من الخارج لكن يوجد في كوريا مجموعة من أكبر مصافي البترول وأكثرها تقدما في العالم.
ولكن المُذهل حقا -كما يقول التقرير- أن شركات البترول الكورية لها نشاط واسع حثيث جاد للبحث عن فرص للتنقيب عن البترول وإنتاجه في خارج كوريا.
ثم لا ينسى التقرير أن يُكيل المديح للاقتصاد الكوري فيصفه بأنه اقتصاد متقدم جدا يدفعها لنمو استهلاكها للطاقة لإنتاج صناعة متفوقة لا سيما في مجال الالكترونيات وبناء السفن وتصديرهم للخارج.
الخلاصة: وفقا للنظرية الاقتصادية التقليدية تتكون عملية الانتاج الاقتصادي من ثلاثة عناصر أساسية هي كالتالي: أولا الإنسان (القوى العاملة البشرية)، وثانيا الأرض (الموارد الطبيعية التي وهبها الله للبلد)، وثالثا رأس المال (التمويل المالي لعملية الإنتاج).
الإنسان ليس هو فقط العنصر الأساس الأول في عملية الإنتاج بل الأهم هو أن الإنسان هو أيضا الهدف الذي تسعى عملية الإنتاج بكاملها لتحقيق رفاهيته وإشباع رغباته واحتياجاته في الحياة.
كما هو واضح من التقرير أن الإنسان الكوري استطاع بكدّه وجدّه وعرق جبينه أن يجذب رأس المال الأجنبي للاستثمار داخل كوريا، وأن يستورد النواقص لديه في الموارد الطبيعية. بعكس معظم دول البترول يوجد لديهم رأس المال والموارد الطبيعية وينقصهم الإنسان.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/01/29